ابدع القادة في صناعة الكذب من أجل الزعامة

بقلم: رمزي النجار

لقد أصبح الكذب لدي عدد من القادة الساسة في الاحزاب السياسية السمة الغالبة لما ينطق به لسانهم المفترض أن يكونونا أكثر صدقا مع الشعب في اطار العلاقات الوطنية والداخلية بين أبناء التنظيم الواحد، وبات الكذب لديهم وسيلة مفضلة تستخدم من أجل التنافس وردع الخصم من أجل البقاء في القيادة للوصول إلى الزعامة، ولما أهينت عدد من المؤسسات ووكالات الأنباء والقنوات التلفزيونية وفقدت مصداقيتها على يد هؤلاء الكاذبون في غابات الأحلام والأوهام وصناعة الكذبة اللحظية خدمة لمصلحة الحزب والذاتية على حساب المصلحة الوطنية العليا، ولما هدفهم الأساسي التزوير على الواقع، لتفصل الناس عن واقعهم الأليم الذي يحرك احتجاجاتهم ومطالباتهم، وهذه المسألة واحدة من درجات ما يمكن تسميته بتزييف الوعي وجعل العقل في حيره من أمره.

وتعتبر صناعة الكذب من أخطر الوسائل التي تستهدف عقول البشر والتشويش عليها بهدف صرف الأنظار عن حدث ما، أو السعى لتغيير وجهات النظر باتجاه واقع غير موجود أصلاً، أي العيش على الأوهام لإصابة قناعات البشر وتشويها، وتجسيد هذا الواقع الوهمي والدفاع عنه حتى يصبح حقيقة، أي الصناعة التي تتعلق بالواقع وتزييفه والتدليس عليه وصناعته بمؤثراته المختلفة ضمن تعظيم التافه وتسطيح المهم في إطار ترتبك فيه العقول وتحتار، فالكذبة على لسان هؤلاء تخلق في ذات اللحظة التي يتكلمون فيها ونسج القصص والحكايات الوهمية هنا وهناك في إطار الخداع والتضليل وإثارة الرأي العام لهدف في نفس يعقوب، ومن أجل التغطية على فشلهم في تمرير مشروع محدد باختلاق الاكاذيب على وجه الترتيب للتغطية على الحقائق لأغراض ذاتية.

وميل القادة الساسة إلى صناعة الكذب في العلاقات الوطنية والداخلية هو سلوك سلبي ويرتب ارتداد وأثرا سلبيا على السياسات الداخلية للحزب الذي قام أحد قيادته بالكذب، وينعكس سلبا على تقييد حرية المواطن على الانتماء للأحزاب ويعيق عملية صنع القرار الداخلي، ومتى تفشى الكذب في الأحزاب فقد المواطنون الثقة فيها، والغريب أنهم يوردون كل هذه الاكاذيب دون الإشارة الى الاستشهاد بأقوالهم من المصادر الموثوقة، والمدهش أكثر هو أنك تجد في اليوم التالي لمثل هذه الأكاذيب أقلاما تلتقفها لتكتب عنها المواضيع الطوال كأنها حقائق مثبتة، ويراهن عليها للاستخفاف بعقول الناس، إنهم يحرقون المجتمع بكذبهم ألف مرة، ويساهمون في إعاقة تنمية المجتمع أو نهوضه.

وما أصعب أن نكون في زمان يصبح الكذب فيه صناعة من أجل الزعامة، وما أجمل أيام زمان عندما كانت الزعامة فيه تكليفاً ومسئولية ثقيلة في الأعناق، وجاء هذا الزمان لتصبح الزعامة فيه بالصدفة، وباتت صناعة الكذب وحدها آفة خطيرة على المجتمع برمته، وأما أن يجتمع الكذب مع الزعامة الزائفة فهذا طوفان، فما الذي يمنع القادة من أن يكونوا صادقين وأمناء مع شعبهم الذي استأمنهم، ويكفيهم تجارب وأماني بعيدة جدا عما يدعون ويريدون ويكفيهم خداع وتضليل لشعبهم، لكن العزاء الوحيد في أن الحقيقة ستسود دائماً في نهاية المطاف.

بقلم/ رمزي النجار