معركة القلمون تحمل ابعاد استراتجيه في عملية الحسم للصراع الذي تشهده المنطقه ولا يمكن فصل معركة القلمون عن ما جرى في ادلب وجسر الشغور ضمن مسعى التحالف الذي تقوده السعوديه وتركيا وقطر بالغطاء الامريكي لتحقيق انتصارات على الارض في سوريا بعد الاخفاق في تحقيق نتائج في حرب اليمن ، هناك حاله من الهلع والهستيريا من قبل التحالف الامريكي الغربي الاسرائيلي والتحالف العربي والتركي من مستجدات الاحداث في سوريا وخاصة لجهة الحسم في القلمون ، انعكاس معركة القلمون على مكونات التركيبه السياسيه في لبنان وخاصة تيار المستقبل المحسوب على السعوديه التي تعارض معركة القلمون وتتهم حزب الله باغراق لبنان من خلال استقدام التدخل في لبنان من قبل المجموعات المسلحه والتي وجدت بيئه حاضنه من تيار المستقبل ضمن محاولات الاخلال بتوازن القوى على الساحة اللبنانيه ضمن محاولات تغيير المعادلات لصالح التحالف السعوديه ، وبحسب اوساط بارزه في 8 اذار فان محاولة تحييد الجيش والضغط لنزع الصفة الوطنيه عن مهمة حزب الله في القلمون تتواصل لكن ما يحققه حزب الله والجيش العربي السوري من انتصارات متتابعه ومتلاحقه تربك حزب المستقبل بالرغم محاولات منع اعطاء غطاء سياسي للجيش اللبناني لمنع دخول المسلحين الهاربين من جرود عرسال الى عرسال اللبنانيه ، قوى الرابع عشر من اذار تحاول منع حدوث شراكه موضوعيه بين حزب الله والجيش في المواجهة المفتوحه وان حزب المستقبل يسعى لنزع الغطاء عن التغطية السياسيه للجيش للتدخل في المواجهة المفتوحه في الصراع في القلمون بالرغم مما يتهدد لبنان من مخاطر جسيمه ، وان حزب المستقبل يسعى لتحييد عرسال من تداعيات حرب القلمون لكن بحكم الصراع الذي تشهده المنطقه لن يكون مقبولا على اللبنانيين ان يتم استخدام عرسال كحاضنه للمجموعات المسلحه وموقع متقدم داخل الاراضي اللبنانيه ، اوساط ديبلوماسيه في بيروت تتحدث عن ضغوط تمارس على السفارة الامريكيه لانتزاع موقف دولي يحمل صفة بيان في مجلس الامن لمطالبة حزب الله عدم التدخل في الحرب السوريه ومطالبة الحزب للانسحاب الى داخل الاراضي اللبنانيه ، المقاربات تكاد تكون مختلفه ومتباينه وغير متطابقه مع الموقف الامريكي الذي تهدف امريكا من وراء تغذيتها للصراع الى اغراق المنطقه ،، السفير الاميركي ديفيد هيل حاول شرح خلفيات الاستراتيجية الاميركية لحلفائه في بيروت، وتحدث عن معادلة «الاغراق» اي توسيع «الوعاء» الاقليمي لتورط حزب الله العسكري في المنطقة مما سيؤدي حتما الى «غرقه» لانه ووفقا للرؤية الاميركية بات يخوض حربا تفوق قدراته، ونصح من راجعه الى عدم الاستعجال في توبيخ ادارته واتهامها بالتواطؤ مع «المشروع الايراني» في المنطقة لانها اتهامات ساذجة ولا تنم عن «بعد نظر» في استقراء المشهد الاقليمي ، هناك ريبه من قبل قوى الرابع عشر من اذار من الموقف الامريكي وبعض الاوساط تتهم امريكا بممارسة الخداع في محاوله لتبرير تغيير استراتجيتهم في المنطقه وان هناك خلاف واضح بين امريكا وحلفائها حول الرؤية الاستراتجيه لكيفية تعديل ميزان القوى في المنطقه ، الصراع على سوريا بالنسبة للسعوديين وحلفائهم تعتبر اليوم «قبلة» التغيير المنشود، واسقاط النظام السوري تعتبر «حجر الزاوية» لاستعادة الندية مع طهران التي تتنازع مع المملكة على نفوذها التاريخي في اليمن، ومهما انتهت اليه «عاصفة الحزم» او عملية «اعادة الامل» من نتائج، فان الخسارة السعودية هناك قد وقعت منذ «الطلقة الاولى» لان اي تسوية سياسية لن تحصل دون ايران، ولا تملك المملكة التعويض الا في دمشق، وهنا يأتي دور حزب الله «العقبة الكبرى» امام تحقيق هذا المشروع، هذا ما حصل في الاشهر الماضية عندما تدخل بعد اغتيال القيادات السورية في دمشق ومنع سقوط العاصمة، وساهم في استعادة حمص المسماة «عاصمة الثورة» بعد العملية النوعية التي انطلقت في القصير ولم تتوقف تداعياتها الا بتامين كامل المدينة التي تشكل قلب سوريا وعقدة المواصلات بين المحافظات، واليوم وصلت «نخبة» قواته الى الشمال لاجهاض مشروع «جيش الفتح»، وبدأ عمليات «القضم» في القلمون لافقال هذه الجبهة نهائيا وحماية الاراضي اللبنانية ومعها العاصمة السورية من «المغامرة» الجديدة التي يعد لها السعوديين بالتنسيق مع القطريين والاتراك، ولهؤلاء «ثأر» قديم مع حزب الله لانهم يحملونه المسؤولية المباشرة عن «اجهاض» مشروع «الاخوان المسلمين» في المنطقة حين وضع ثقله لمنع سقوط الدولة السورية فاختل التوازن واختلف «الشركاء» فسقط «الاخوان» في مصر وتراجعوا في تونس، وانتهى «حلم» رجب طيب اردوغان باستعادة مجد «الخلافة " يبدوا من معطيات تطورات الاوضاع واشتداد حدة الصراع في المنطقه التي تترافق وعقد قمة كامب ديفيد بين زعماء الخليج والرئيس اوباما حيث يقاطع الملك سلمان القمة لرفضة السياسه الامريكيه ولادراك المحللين السياسيين ان قمة كامب ديفيد ليست سوى المزيد من الابتزاز المالي لدول الخليج تحت بند تامين حماية امن الخليج عبر منظومة الدرع الصاروخي التي ترغب امريكا بعرضها على دول الخليج كتعويض عن اتفاق لوزان مع طهران ،مشكلة دول الخليج مع ايران هي الخوف من حصول مواجهة مباشرة معها ام عدم قدرتها على الفوز في الحروب التي تخاض «بالوكالة»؟ وهي حروب لم يقدم الاميركيون فيها اي دعم جدي للحلفاء بل يستمرون في لومهم في السر والعلن حول الاخفاق في التوافق على استراتيجية موحدة لمواجهة الايرانيين، واغفال الازمات الداخلية والاخطار المرتبطة بتنامي التطرف داخل مجتمعاتهم،انطلاقا من هذه المعطيات تدرك دول الخليج ومعها الحلفاء في لبنان ان الرهان على «نظرية» الاغراق الاميركية ليست مجدية، لان الخسارة على الارض والانتصارات التي تتحقق في الميدان تثبت جدارة وقوة حزب الله والجيش السوري ضمن تغيير المعادلات والمعطيات على الارض، ا فالسعودية في سباق مع الوقت لتقليم «اظافر» طهران قبل التوقيع النهائي على البرنامج النووي في حزيران المقبل، لكن المفاجئة «بقلب الطاولة» و «خلط الاوراق في معركة القلمون التي شكلت ضربه قاصمه للمخطط السعودي التركي الاسرائيلي ، حيث سيطر حزب الله على مرتفعات تلة الحرف وكامل مرتفعات الخشعات الاستراتجيه اللبنانيه شرق جرود نحله كما سيطر بالنار على وادي الديب والخوخ المشرفين على اقصى جرود عرسال وعلى اكثر من 50 بالمائه من جرود راس المعرة في القلمون ، بالتزامن سجل تقدّم جديد للجيش السوري وحزب الله في جرود القلمون، وبحسب مصادر عسكرية هناك ان ضراوة المعارك وكثافة النيران التي اطلقها حزب الله باتجاه مواقع المسلحين اضطرتهم إلى الفرار مجددا وبالتالي تمت السيطرة على التلال الحاكمة في هذه المنطقة. معركة التلال وحرب المرتفعات والتي تحقق للجيش السوري وحزب الله انتصار اجبر جيش الفتح على التقهقر خلط الاوراق وافشل استراتجية امريكا في سياسة الاغراق وان تحقيق تقدم للجيش السوري في موازاة القلمون على جبهة الشغور وادلب وجميعها ضمن استراتجية الحسم في النقاط على حاولت امريكا من خلالها لتصبح قاعدة ارتكاز لفرض شروطها على دمشق واضعاف طهران انعكست على التحالف السعودي الامريكي بخسران اوراق كانت تعدها رابحه وهي بلا شك خاسرة امام استراتجية الحسم للجيش السوري وقوى المقاومه والتي ستمتد الى الجنوب وهي مصدر تخوف للدول المشاركة في الحرب على سوريا.
بقلم/ المحامي علي أبو حبله