نكبتنا الحقيقية في مرارة الانقسام

بقلم: رمزي النجار

يحيى شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات هذا العام بكل أسى وحزن الذكرى السابعة والستون للنكبة عبر سلسلة من الفعاليات في مختلف أنحاء الوطن متمثلة بالمهرجانات والمسيرات في غزة والضفة ومخيمات اللاجئين في عدد من الدول العربية، ولكن منذ ثمانية سنوات يحيى شعبنا الفلسطيني ذكرى النكبة والتهجير بحزن كبير كونه يعيش النكبة الحقيقية في مرارة الانقسام الحالي بين شطري الوطن الذي انعكس اثاره سلبيا على القضية الفلسطينية وارجاعها للوراء، وتسبب الانقسام في نكبة أصعب وأشد من نكبة التهجير الأولى في العام 1948، وبمثابة النكبة الثانية التي حلت على الشعب الفلسطيني بأيدي الفلسطينيين أنفسهم، فالانقسام فصل الوطن الى اقليمين منفصلين، والأدهى من ذلك أن الانقسام لم يعد مقتصرا بين اطرافه بل امتد في كل شارع وبيت وفي كل مكان يوجد به فلسطيني، وساهم في تدمير النسيج الاجتماعي، ولما يتفاخر زعماء وقادة اسرائيل وفي مقدمتهم شمعون بيريز بأن الانقسام من أعظم ثلاثة إنجازات حققها المشروع الصهيوني منذ تأسيس الحركة الصهيونية، ثمانية سنوات والاحتلال الاسرائيلي هو المستفيد الوحيد من حالة الانقسام الفلسطيني الداخلي لأنه يخدم المصلحة الأمنية الاسرائيلية بالدرجة الأولى، بل يعمل الاحتلال على استمراره وزيادة الفجوة بين أكبر الفصائل الفلسطينية لتمرير مشاريعه المشبوه بعيدا عن الحلول السياسية الملزمة دوليا.

باعتقادي أن نكبتنا الحقيقية في قادة الانقسام الذين يعملون ليلا نهارا على توتير الأجواء الداخلية ميدانيا واعلاميا، لأن همهم الوحيد تغليب أولوياتهم الفئوية والحزبية والتبعية الاقليمية، ولو قدم هؤلاء القادة مصلحة الشعب والقضية قليلاً على غرورهم وطموحاتها الشخصية والحزبية لما عمقت نكبتنا وازدادت معاناه الشعب، وكأن تلك القيادات معنية ببقاء هذا الانقسام وإطالة أمده خدمة لمصالحهم الذاتية، وتمادى عدد من القيادات الفلسطينية في تعميق نكبتنا برفضهم الحلول للخروج من الأزمة التي نكبت شعبنا، فبالرغم من تشكيل حكومة الوفاق والاتفاقيات التي وقعت بين الاطراف لإنهاء الانقسام، إلا أن الأمور ما زالت تراود مكانها، لقد بات الانقسام أكبر من أي نكبة أو نكسة حلت بالشعب الفلسطيني خلال صراعه الطويل مع الاحتلال الإسرائيلي، نعيش النكبة والعناد وتغليب المصلحة الحزبية على مصلحة الوطن والتوقف أمام الصغائر على حساب الكبائر، فالانقسام الفلسطيني من أخطر التحديات التي واجهتنا على الساحة الفلسطينية، فهو أساس ضياعنا، وأساس فرقتنا، واستمراره يعني ضياع المشروع الوطني.

وبالنظر الى الواقع المعاش في ظل استمرار الانقسام وغياب وحدة الصف الفلسطيني والاختلاف في البرامج والمرجعيات، كأنه ليس هناك تحديد للأولويات وليس هناك بدائل هذه هي النكبة الحقيقية، وتبقى لعنه الانقسام تطارد القادة بمختلف مسمياتهم وعلى أساس المسئولية المشتركة لما نحن فيه اليوم وعدم قدرتهم علي رأب الصدع في الساحة الفلسطينية، وتبقى هناك ذكريات لم تنسى من المواطنين الذين لازالوا يحملون مفاتيحهم بأمل العودة مجددا ًلأراضيهم التي هجروا منها عنوة وسط دعواتهم وآمالهم لإنهاء اكبر نكبة يمر بها شعبنا هذه الأيام الا وهي الانقسام الداخلي، ويبقى لسان حالهم يقول أخرجونا من بوتقة الصراعات الداخلية التي سلبت حقوقنا أمام العالم بحجة عدم قدره الشعب على الوفاق والاتفاق، ارحموا الشعب من نكبة الانقسام وازرعوا الأمل بأفعالكم قبل أقوالكم، وكلكم مسئول أمام هذا الشعب عن استمرار معاناته واخذه الى نفق مظلم صعب وخطير، وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته وذنبهم في رقابكم الى يوم الدين.

بقلم/ رمزي النجار