تعتبر قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الاسرائيلي على رأس القضايا الأساسية والهامة للشعب الفلسطيني، وتمثل ثابتاً من ثوابت القضية الفلسطينية التي لا يمكن التخلي عنها بأي حال من الأحوال، حيث يوجد في سجون الاحتلال الاسرائيلي الآلاف من الأسرى ما بين رجال، نساء، أطفال، والشيوخ ونواب الشعب يعانون من جميع أصناف العذاب والويلات، دون أن يسمع عنهم إلا القليل القليل من معاناتهم المستمرة، ولم يخل بيت فلسطيني من أسير أو جريح أو شهيد، لذا على الشعب الفلسطيني بجميع أطيافه السياسية أن يعيش هم الأسير الفلسطيني في كل لحظة، ويقع على أطياف الشعب الفلسطيني مسئولية الوقوف بجانب الأسرى وانصافهم والمساهمة في تحريرهم من الأسر والتخفيف من معاناتهم، ورعاية مشاعرهم وأحاسيسهم ورفع معنوياتهم، والتذكير دوما بتضحياتهم الجسام وطرح قضيتهم في كل الأوقات بين صفوف أبناء الشعب الفلسطيني لإبقاء قضيتهم حية مستمرة ، وأن تكون كل الخيارات والوسائل مفتوحة، ولما يقولون تحرير الإنسان مقدم على تحرير الأوطان، لأن الإنسان هو الذي يقوم بتحرير الأرض والمقدسات من أيدى الاحتلال، كما يلقى على عاتق الجهات الرسمية من هيئة الأسرى والوزارات المعنية مهمة كبيرة ومسئولية عظيمة في الوقوف بجانب الأسرى والمعتقلين والعمل على دعم صمودهم واطلاق سراحهم، ورفع قضيتهم في كل المحافل المحلية والإقليمية والدولية وفضح الجرائم التي ترتكب بحق الأسرى بشكل خاص وإظهار عدالة قضيتهم، والسعي نحو تشكيل اللجان المختصة لمتابعة قضية الأسرى والمعتقلين من الناحية القانونية للدفاع عن قضيتهم العادلة بالتنسيق مع الخارجية الفلسطينية ومن الناحية الإنسانية تلبية احتياجاتهم المعيشية اليومية والتكفل بعوائلهم، كما يقع على عاتق وسائل الاعلام الرسمية والمحلية مهمة أساسية للتذكير دوما بالأسرى والقيام بالحملات الإعلامية المتواصلة لحمايتهم، وإيجاد البرامج الإذاعية والتلفزيونية التي تتبنى قضية الأسرى والمعتقلين، وتجعلهم على صلة دائمة مع ذويهم وأبناء شعبهم، كما يوجد دور كبير للجان ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والإقليمية والعالمية لفضح جرائم الاحتلال والمساهمة في تقديمهم للعدالة الدولية لمحاكمتهم على جرائمهم بحق الشعب.
وليس ببعيد أن يعق على عاتق الأمة العربية وحكوماتها واجب تجاه الأسرى بكل الطرق والوسائل المتوفرة، ولما يتميز به المسلمين أنهم يعتبرون قضية الأسرى والمعتقلين من القضايا المركزية التي تشغل وما زالت بال المسلمين في حياتهم وترحالهم، وفي اجتماعهم ووحدتهم وقيامهم وقعودهم، فإذا اختلوا بأنفسهم دعوا الله بإنقاذهم، وإذا اجتمعوا في صلواتهم دعوا الله في كل صلاة بفك أسرهم، فلما أسرت قريش نفراً من المسلمين ولم يجد الرسول حيلة لإنقاذهم كان يدعوا الله لإنقاذهم دبر كل صلاة، ويقول الرسول "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى" وجسد القرآن الكريم ذلك في قول الله تعالى: إنما المؤمنون إخوة ، كما أنه على المسلمين أن يتكفلوا بتقديم المال لمفاداة الأسرى والمعتقلين ولو أتى ذلك على جميع أموالهم، لذا على أبناء الأمتين العربية والإسلامية أن يعيشوا آلام وهموم الأسرى ، ويعملوا جاهدين على تحرير الأسرى والمعتقلين من أبناء الشعب الفلسطيني من باستيلات الاحتلال الاسرائيلي، وليس الوقوف موقف المتفرج، فالوسائل كثيرة ولا نريد أن تعلنوا الحرب، وإنما على الأقل مقاطعة اسرائيل وعدم التطبيع مع الاحتلال بأي حال من الأحوال، وعليه نقول أن تحرير الأسرى من أيدي الاحتلال الاسرائيلي واجباً على سبيل الكفاية.
باعتقادي أن مسؤولية تحرير الأسرى تقع على كل من الأسير نفسه والفصائل الفلسطينية، والسلطة الوطنية الفلسطينية، والشعب الفلسطيني، والمسلمين كافة، وحكام العرب والمسلمين أجمعين، كما أنه حان الوقت على علماء وقيادات ومفكري الأمة أخذ دورهم الإيجابي في سبيل تحرير الأسرى والمعتقلين، والقيام بالواجب الشرعي والوطني والأخلاقي تجاه ذويهم، ووجوب تكاثف جميع الجهود وابقاء كل الوسائل المختلفة والمتاحة مفتوحة أمام العمل الوطني على تحرير الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي، صحيح أن الشعب والسلطة لم تأل جهدا في العمل من أجل قضية الأسرى وإسناد صمودهم، إلا أنه نتطلع الى المزيد وتفعيل الأدوار بشكل أفضل، فالهموم كبيرة ومآسي شعبنا لا تتوقف والملفات كثيرة وتحتاج إلى تخصص كي يتحقق الإبداع في قضية أحوج ما نكون فيها إلى الإبداع.
بقلم/ رمزي النجار