في ساحتنا الفلسطينية السياسية فرص متاحة أمسكوا بها قبل فوات الأوان

بقلم: أكرم أبو عمرو

استوقني عدد من المناسبات التي مرت قبل ايام وستمر في الأيام القليلة القادمة، فاليوم الثامن والعشرين من أيار ، يكون قد مر 51 عاما على إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية ، لتكون الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، الذي أحيا قبل أسبوعين فقط ذكرى نكبته السابعة والستين ، بعد أيام ستحل علينا الذكرى الثامنة والأربعين لحرب الخامس من يونيو حزيران 1967 ، ولن يمر سوى أيام قلائل حتى تحل الذكرى الثامنة للانقسام الفلسطيني ،
سنين طويلة تمر من حياتنا منذ بدء المأساة الكبرى التي أطلقنا عليها اسم النكبة ، وفي الحقيقة ما أكثر النكبات التي تعرضنا إليها وما زلنا ، يقضي الفلسطيني يومه طويلا أملا في غد أفضل ، وما أن ينبثق فجر ذلك اليوم يجده اشد وطأة وأكثر انتكاسة من الذي قبله ، هذه حقيقة وليس تشاؤما ، السؤال هنا لماذا ؟ ، على الرغم من التضحيات الجسيمة التي بذلها شعبنا طوال فترة صراعه مع عدوه وحتى الآن ، قوافل من الشهداء والجرحى ، معاناة من التشرد والهوان بين دول وشعوب الأرض ، صبر وتحمل للكثير من الفقر والحرمان ، لماذا لم يتحقق النصر إلى الآن ، لماذا لم تتحقق العودة إلى الآن ، لماذا تنتقل بنا الأيام من سيء إلى أسوأ الآن .
قد يكون السبب في نظري هو ما كان من مصادرة للقرار الفلسطيني لفترة طويلة من زمن القضية ، حيث كان القرار الفلسطيني رهبن إرادات العديد من الأنظمة العربية والدولية كان ليس بمقدوره التخلص من هذه الهيمنة والإرادة ، لكن اليوم هل فعلا ما زال القرار الفلسطيني رهينا لتلك الإرادات ، وإذا كان كذلك هل ما زلنا غير قادرين على تحرير قرارنا الوطني ، مع كل ما نشهده من تغيرات وتداعيات ما عرف بثورات الربيع العربي ، أو ما عرف بالفوضى الخلاقة ، أو أي تسمية يمكن إطلاقها على الحالة العربية الراهنة ، نعرف ويعرف الجميع من الفلسطينيين انه لا يمكن تحرير فلسطين كما نريد دفعة واحدة ، ولا بد من جهود كبيرة للوصول إلى الهدف ،لكن أحيانا تأتينا فرص كبيرة لتفتح لنا الأفاق للتقدم وما أكثر الفرص ، فلماذا لا يتم استغلالها حتى الآن ، إن الفرص لن تبقى فرص ، ربما تتلاشى وتختفي ويأتي يوم تتساءل فيه الأجيال لماذا لم نفعل كذا وكذا . وأول هذه الفرص على الرغم من أنها بعيدة نسبيا ، قرار محكمة العدل الدولية بتاريخ 9 يوليو 2004 ، بشان جدار افصل العنصري ، هذا الجدار التي وضعته إسرائيل كلبنة أولى في طريق الانقسام الفلسطيني حيث بدأتها بتقسيم الضفة الغربية ثم تبعتها بإخلاء قطاع غزة من طرف واحد تمهيدا لتوفير فرص الانقسام ، قرار لم يتم متابعته وملاحقة إسرائيل ، قرار أغفلته الدبلوماسية الفلسطينية حتى أصبح الآن على أرفف الأمم المتحدة يعلوه الغبار كما باقي عشرات القرارات ، ثاني هذه الفرص قرار 19/67 بتاريخ 29/11/2012 القاضي بالاعتراف بفلسطين دولة عضو في الأمم المتحدة بصفة مراقب ، حتى الآن لم يتم تجسيد هذه القرار ، وما زلنا نعمل تحت راية أوسلو واتفاقاتها ، ثالث هذه الفرص قبول فلسطين عضوا في محكمة الجنايات الدولية ، وعلى الرغم من صدور مرسوم رئاسي بتشكيل لجنة خاصة بمتابعة وأعداد ملف الانتهاكات الإسرائيلية وجرائم جيشها بحق لبناء شعبنا لتقديمه إلى المحكمة ، وحتى الآن فان اللجنة لم تعمل وربما لم تجتمع ، في الوقت الذي تستمر فيه إسرائيل بارتكاب جرائمها ، فرصة رابعة ، ما شهدته أوروبا من اعتراف بعض دولها بدولة فلسطين واعتراف معظم برلماناتها بالدولة ، في اعتقادي لم يتم استغلال هذه الأمور إعلاميا وسياسيا لتدعيمها وتطويرها والدفع بها ، واخيرا ما سمعنا حول توصية السيدة ليلي رزوقي ممثل الأمم المتحدة لشئون الأطفال بوضع جيش الاحتلال ضمن القائمة السوداء التي تضم الجماعات والمنظمات اتلارهابية ، وعلى الرغم من مرور نحو 48 ساعة على نشر هذا الخبر في وسائل الإعلام لم يصدر أي تصريح او تعقيب لاي مسئول فلسطيني حول هذا للعمل على تدعيم هذه الفكرة وهذه التوصية ،
إذن فرص ومناسبات كثيرة يمكن استغلالها لتدعيم موقفنا ولإرجاع قضيتنا لكي تحتل مركز الصدارة على سلم الأولويات السياسية والإعلامية بعد أن تراجعت كثيرا ، كان يمكن لنا حشد الجهود كافة بدلا من حشدها في مناكفات لا طائل لها وتختزل قضيتنا الجوهرية في أمور حياتية يمكن علاجها بكل بساطة وكما يقول المثل الدارج "بالزايد داو الناقص" يمكن لعجلتها الدوران دون التوقف عندها على حساب القضية الوطنية .
في هذه الأيام لابد من تفهم وإدراك معني مرور 67 عاما على نكبة فلسطين ، 51 عاما على إنشاء منظمة التحرير 48 علنا على حرب عام 1967 ، و 8 سنوات على الانقسام ، سنين تجري وأعمار تنقضي وأجيال تهرم وتفنى وما زلنا ننتظر ، لن تتحرر فلسطين ولن تتحقق العودة ولن تقوم الدولة إلا بسواعد أبناء فلسطين وعقول أبناء فلسطين وصبر وجهاد شعب فلسطين ، لا تنتظروا احد لتحريرها وعودتكم إلى دياركم ، فكل له مطالبه وأطماعه ، كل له مصالحه واهدافة ، وما القضية الفلسطينية الايافطه يرفعها البعض لخدمة وتقريب تحقيق اهدافة .

أكرم أبو عمرو
غزة – فلسطين
28/5/2015