قراءة في دوافع زيارة وزير المانيا لغزة

بقلم: ناصر إسماعيل اليافاوي

تجيئ زيارة وزير خارجية المانيا الاخيرة الى غزة ، ضمن سلسلة الزيارات التي يقوم بها العديد من المسئولين الأوربيين للمنطقة بوصاية صهيونية محضة والقيام بدور الوسيط بين اسرائيل وحماس وغيرها بغزة ..
ومن جهة اخرى تحاول كل دولة ان ترجع ارثها السياسي ونفوذها في الشرق الاوسط ، وبالطبع لن تجد ساحة افضل من قطاع غزة للعب فيه سياسيا ، كونه المنطقة الأسخن في العالم ، بحكم ضيق مساحته وتحمل شعبه الاسطوري لحروب 3 متتالية تعجز دول متكاملة على تحملها ..
ويبدو ان التدخل الألماني الاخير في غزة يجيئ كمكمل لسياستها الداعمة لإسرائيل بالأساس ، وليس لذرف الدموع على شعب غزة وفقره المدقع ، حيث لا يخفي علي أحد الدعم العسكري الكبير الذي تقدمه ألمانيا إلي إسرائيل منذ إنشائها علي ضوء الالتزام الأخلاقي والتاريخي الذي أخذته علي عاتقها بسبب جرائم النازيين ضد اليهود.
يعود التعاون بين ألمانيا وإسرائيل إلي أكثر من خمسة عقود، أي إلي ما قبل عقدين علي إقامة علاقات دبلوماسية بينهما عام 1965. وقد بدأ هذا التعاون الذي أسس لعلاقات خاصة ومتميزة عندما زودت الحكومة الألمانية إسرائيل بقاربين حربيين عام 1955.
أن التعاون بين إسرائيل وألمانيا، لا سيما في المجالين العسكري والعلمي وصل إلي حدود يصعب معها تبرير مستواه بحاجات إسرائيل الأمنية ، وفقا لجريدة البرلمان الألمانية الأسبوعية. فقد جاء في تقرير نشرته الصحيفة في عددها الصادر في تاريخ 15 نيسان/ أبريل 2005 أن الدولتين تتعاونان أيضا في تطوير الأسلحة وبيعها إلي مختلف بلدان العالم من خلال شركات متخصصة تحقق أرباحا بمئات الملايين من الدولارات سنويا. وتعتبر صواريخ الباتريوت ودبابة المركباه نموذجا عمليا لمدى التعاون الألماني الاسرائيلي ، وتجاوز الامر إلي البوارج والسفن وطائرات سلاح الجو الإسرائيلي التي تحتوي علي تقنيات وقطع صنعت وطورت في ألمانيا.
ورغم إعلان ألمانيا أنها لن تورد إلي إسرائيل أسلحة حربية ذات طبيعة هجومية لأسباب سياسية، إلا أن الغواصات الألمانية التي استلمتها إسرائيل تثبت عكس ذلك. فقد زودت ألمانيا إسرائيل ما بين الفترة 1998 و2000 بثلاث غواصات تم تمويلها من قبل دافع الضريبة الألماني بنسبة 80 بالمائة. وتتميز هذه الغواصات بقدرتها علي حمل العتاد الثقيل وصواريخ بحر ـ بحر التي تستطيع إغراق السفن..
وسائل قتالية المانية لمواجهة المقاومة في غزة :
من ناحية أخري، يقول الساسة والمحللون الألمان إن ألمانيا لا توافق علي تزويد إسرائيل بكافة الأسلحة التي تطلبها خوفا من استخدامها ضد المدنيين وخاصة في الصدامات مع الفلسطينيين. ومن هذه الأسلحة المصفحة التي يطلق عليها اسم دينجو التي رفضت الحكومات الألمانية السابقة تزويد تل أبيب بها. إلا أن الحكومة الحالية كما يقول الخبراء العسكريون الألمان سوف تسمح بتزويد إسرائيل بهذه العربة المصفحة التي تستطيع التحرك بسرعة في المناطق المأهولة وداخل الأزقة. كما تستطيع نقل الجنود وتوفير الحماية لهم من الألغام والأسلحة المضادة للدروع. وقد طلبت إسرائيل أكثر من 100 قطعة منها. ولكي تحصل عليها لا بد من موافقة مجلس الأمن القومي الألماني علي ذلك. ويتألف هذا المجلس من المستشار ووزراء الخارجية والدفاع والداخلية ومدير المخابرات. ويشير هؤلاء الخبراء إلي أن تزويد إسرائيل بالسلاح يجب أن يتماشي مع القوانين الألمانية وقانون التجارة الخارجية إضافة إلي القوانين المعمول بها في الاتحاد الأوروبي. ولكن الواقع يحكي قصة أخري، إذ إن هذه الشروط ليست وللأسف خاضعة إلي الناحية القانونية، بل تخضع لاعتبارات سياسية.تكمن في خدمة الساسة الالمان وخاصة اليمين منهم لليهود كمبرر ظهور السيح المخلص بثوبه الآري الجديد ..
العرب متفهمون للعلاقة الإسرائيلية الالمانية :
ورغم تلك المعطيات وضخامة التعاون الألماني الإسرائيلي ، ورغم ان مصالح الالمان مع العرب تفوق مصالحهم مع اسرائيل ، الا ان المحللين الامان يدعون ان العرب باتوا متفهمين لطبيعة العلاقة بين الالمان واسرائيل ودفع المانيا ضريبة عن احداث الحرب العالمية الثانية ابان حكم هتلر ..

التدخل الألماني مع غزة ليس جديد :
ومحاولة من القيادة المانية لتقديم فروض الطاعة والولاء لإسرائيل ، وكاستمرار لدعمها العسكري والتكنلوجي لليهود كون غالبية اليهود المؤسسين لإسرائيل من جذور المانية ، فق كانت ألمانيا خلال فترة طويلة الوسيط الأساسي بين “اسرائيل” وحماس في إطار المساعي للإفراج عن جلعاد شاليط ..
هل يحمل الوفد الألماني رسالة غير مباشرة لحماس :
رغم ان البيان الألماني الرسمي حول الزيارة لم يرد أي شيء حول نقل رسائل من قبل الوزير الألماني ومرافقيه بين القدس وغزة، إلا أنّ زيارة وولتر شتاينماير الأكثر أهمية في غزة منذ زيارة موغريني في نهاية 2014. وعلى خلفية العداء والشك بين حماس ومصر، قال دبلوماسيون غربيون أنّ السياسة الاوروبية تتمتع بدور هام في محاولات بناء آلية لوقف إطلاق النار لفترة طويلة بين إسرائيل وحماس. والتقديرات هي أنّ هذه الهدنة ، ،ستتمحور حول الجانب الاقتصادي. كمقترح أوربي ان مشكلة غزة لا يمكن حلها الا من البوابة الاقتصادية وتماهى اسرائيل مع تلك الفكرة بشكل بدأ ينعكس مع التصاريح التتري لتجار غزة ، ونؤكد انه على الرغم من عدم اعلان الوزير الأماني عن حمله لرسائل ، لان البروتوكول لا يسمح لذلك كون ان المانيا لا تعترف رسميا بحماس الا ان الوقت المقبل سيكشف ان هناك رسائل نقلها الوزير الألماني لحماس عبر شخصيات او جمعيات او شخصيات تتعلق بماهية الهدنة والاعمار ..
المانيا تدخل على خط العلاقة بين السلطة وحماس :
ومن اساس الدور التي تلعبه المانيا ذلك اللقاء مع رئيس الحكومة الفلسطينية، رامي الحمد الله. ومحاولة اللعب في السياسة الداخلية الفلسطينية وقناعة الالمان المبيته ان الصعوبات الكبيرة المتعلقة بإعمار غزة نابعة بالأساس من الحلبة الداخلية الفلسطينية. ، لذا تحاول المانيا التدخل في الشأن الفلسطيني في محاولة لحل أزمة الرواتب لموظفي غزة. وستحاول المانيا ايضًا في الفترة القريبة المساهمة بتحسين الوضع في غزة من خلال أدواتها ( الدبلوماسية. والشعبية ) عبر دعم مؤسسات لها علاقة رسمية او شعبية في المانيا ، فهل ستنجح الدبلوماسية الاوربية وترسم حدود الدولة من غزة بعد هدنة طويلة الامد هذا ما ننتظره قبل نهاية 2015م

د ناصر اسماعيل اليافاوي