غزة فوهة بُركانٍ سينفجر

بقلم: جمال أبو نحل

حينما بدأت الانتفاضة الأولي والتي عُرفت فيما بعد بمصطلح انتفاضة الحجارة عام 1987م لم يتوقعها أحد، ولا حتي أقوي أجهزة المخابرات مهنية وحرفية وعلمية وتجسسًا في العالم؛ لكن لا أحد يُنكر مطلقًا أن تلك الانتفاضة كان لها مُقدمات لانفجارها؛ ومن أهمها كان البغي والظلم والعدوان على أهل قطاع غزة والضفة والقدس من قبل قوات الاحتلال وعلى رأسهم ما كان يُعرف (بحرس الحدود)؛ والذين وصلت بهم الحال لضرب وتعذيب وعمليات قمع وتنكيل وإذلال بالشوارع للفلسطينيين حتى أمام زوجاتهم وأولادهم؛ والطلب منهم بالتعري أحيانًا وبالرقص بالشارع أحيانًا أُخرى أمام المارة؛ وكذلك استمرار الاحتلال؛؛؛ إلا أن انفجرت غزة بعد حادثة المقطورة الآثم الذي نفذه سائق صهيوني في 6 كانون الأول من ديسمبر، ضد سيارة صغيرة يستقلها عمال عرب، أدى الى استشهاد مجموعة من أبناء الشعب الفلسطيني، وفي اليوم التالي وخلال جنازة الشهداء اندلع احتجاج عفوي قامت الحشود الغاضبة خلاله بإلقاء الحجارة على موقع "للجيش الإسرائيلي" بجباليا شمال قطاع غزة، فقام الجنود بإطلاق النار بكثافة هائلة مما زاد من وتيرة الشارع، وهو ما شكل أول شرارة للانتفاضة، ولكن هذه الحادثة كانت مجرد القشة التي قصمت ظهر البعير.

واليوم نري فلتان أمني شديد بقطاع غزة وكل يوم نسمع عن حالات قتل في قطاع غزة هنا وهناك، من شمال القطاع وكل ذلك بسبب الحصار والفقر المدقع وسوء أحوال الناس المعيشية وكذلك انتشار الغلول والتطرف الفكري، والتعبئة الفكرية الحزبية المقيتة من التحريض ليس على اليهود بل على بعضنا البعض؛ وكل ما مضي يهُون مع الكارثة الكُبرى لمن يحكم غزة وهي حركة حماس؛ لا أعرف هل هي فعلاً مقتنعة بما تقوم به هو الصح والشعب على خطأ!! فحينما تقوم بعمل عرس جماعي تترك فيه الكثير من الشباب الغير متزوجين، وتزوج المتزوجين وهذا ليس كلامي بل دكتور بالجامعة الاسلامية من حماس نشر ذلك على صفحته على الفيس بوك، وتسمي التنسيق الأمني بالضفة خيانة وتسميه بغزة دردشات! وكذلك تكون مراكز الشرطة حل المشاكل فيها بالواسطة أو بدائرة العلاقات العامة أو تقبيل رأس؛ وبذلك لا تقيم عدلاً ولا تحق حقوقًا؛ ويستوقفني هنا موقف في مشكلة عائلية بمركز شرطة الشيخ رضوان بغزة؛ يتعرض أمامهم رجل يعتدي عليهِ قريب له من نفس العائلة أمام كل ضباط وعناصر الشرطة بمكتب التحقيق؛ وكان الحل الأمر بوسة رأس وتنازل عن المعتدي!! ومعني ذلك أن تقفل الشرطة أبوبها بغزة وتفتح مقرات للعشائر للحل بالكانون بدل القانون؛ هذا ناهيك عن القضاء بغزة والحقوق الضائعة والغائبة والمغيبة؛ وكذلك بداية توزيع الشقق بالحي السعودي بجنوب القطاع الشقق ستكون لطائفة وحركة وحزب من لون واحد ومحدد ولمن لا يستحق؛ والمشكلة والطامة العظيمة أن الأخوة في حركة حماس تُجمل ذلك وتقول لا فلتان أمني ولا فوضي وأمن وأمان، والأمور أحلي من السمن على العسل، وكأن الرواتب والتعليم والصحة والكهرباء والماء والعمال والمصانع الشعب بغزة لا ضرائب تكافل اجتماعي فُرضت من تشريعي حماس على كاهل المواطن المسحوق المقهور، وكأن مصالح الناس بغزة تسير على أحسن ما يُرام!! إن غزة يا قومي على فوهة بركان يتحرك من تحت الرماد ووصلت درجة الغليان والانفجار الوشيك الذي لا يُحمد عقباه ولا يعلم مداهُ إلا الله؛؛؛ والحل لذلك يكون بالتوجه الفوري إلى إنهاء الانقسام البغيض والوحدة الوطنية وحل مشاكل رواتب الموظفين خاصة قطاعي الصحة والتعليم؛ والكف عن الشتم والسباب والردح على الفضائيات من قبل ناس للأسف يدعُون الدين؛؛؛ وغزة الأن بلا صحة وبغير تعليم حقيقي صحيح وسليم؛ ويجب علينا أن نتدارك الأمر وعلى العقلاء أن لا تغرنهم القبضة الحديدية على الشعب – لأن الشعب إن حدث الانفجار يصعب تمامًا السيطرة عليهِ، نتمنى استعادة اللحمة الوطنية وأن نستمع لبعضنا البعض، وأن نتوافق بقدر المُستطاع مع بعضنا البعض ولو بالتدريج خطوة خطوة لأجل الشعب المكلوم المجروح في الربع الساعة الأخيرة من الصبر الذي كّل ومّل من صبرهِ.

بقلم/ د. جمال عبد الناصر محمد أبو نحل