ذكريات نكسة الخامس من حزيران 1967 هي ذكريات مؤلمة عندما سمعنا عن اصطفاف عربي زائف أدى لاحتلال "اسرائيل" لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان، في معركة اصطفت "اسرائيل" لوحدها في مواجهة جيوشنا العربية التي تعودت على الانهزام، ورفع راية الخيانة لعروبتها.
نكبة الـ 48 كانت البداية، والتحقت لركبها نكسة الـ67 والتي أنتجت لنا قرارات الامم المتحدة المحرفة للحقوق الفلسطينية والتي باتت تسمى بقرارات 242، والاهم من ذلك قمة اللاءات الثلاث المهزومة بعد إطلاقها ( لا صلح – لا اعتراف – لا تفاوض ) !! .. لاءات حولت بالمصباح الخياني والانهزامي لمؤكدات تطبيعيه منها وإرضاخيه لواقع مهزوم لجيوشنا العربية أمام جيش احتلال غيبت في قتاله الإرادة العربية.
وحتى حزيران 2015 مازالت أمتنا تعاني نكسات ونكبات تتعاظم يوماً بعد يوم، قد أهرت الجسد العربي الذي لم تتداعى أطرافه لبعضها، فقد كنا في السابق نستذكر المهجرين من سيناء ومن الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان، نتذكر قرى كاملة أبيدت بآلة بطش وحشية اسرائيلية، ولكننا اليوم نعيد الكرة مرة أخرى لكن هذه المرة بأيد عربية، فقد علمنا أسيادنا نحن العبيد أن نحذو حذوهم في سوريا، ومصر والعراق ولبنان ووو....، فالصراعات العربية بين الشعوب وحكامها أفضت بشلالات دماء، ونكبة الضعفاء، ومازالت حلقات النكسة مستمرة لن تتوقف إلا بمعجزة أحياء الكرامة العربية المدفونة منذ سنين طوال، شارك في ذبحها قادة العرب الذين أدوا اليمين والبيعة لسادتهم الاستعماريين.
حتى حزيران 2015 مازلنا نتغنى بالقضية الفلسطينية، ولكن بنفي اللاءات التي سجلت في قمة العرب عام 1967، لأننا لم نفكر استنهاض كرامتنا أو إحيائها، فصرنا ننادي بالصلح مع الاحتلال، واعترفنا به، وفاوضناه، وتوكلت السلطة الفلسطينية بالنيابة عن جموع قادة العرب بطأطأة الرأس عالياً وسافلاً لا يميناً ولا شمالاً.
حتى أننا لم نفكر برسم استراتيجية تحرير لما فقدانه من حقوقنا، ولم نبني أفكارنا على إرجاع تلك الحقوق، حتى أصبحنا نتصارع في طرفين: الأول يريد المهادنة لأنه يؤمن بأننا مازلنا ضعفاء ولن نستطيع مواجهة احتلال هزم دول عربية، والثاني: يريد القتال والمنازلة من أجل استرداد الحق وانتزاعه بالقوة كما أخذ بالقوة، إلا أن الثاني يحارب ويجابه ويحاصر بأيد ٍ للأسف عربية وفلسطينية رسمية.
حتى أن الفريق الذي يؤمن بالمهادنة لم يجن لنا سوى المزيد من البؤر الاستيطانية، وإضاعة لحقوق اللاجئين، وتكريس واقع يتسم بالمزيد من الإذلال، والغريب بأنه مازال متمسك بفكر المهادنة والتنازل منذ أكثر من 20 عام لم يحقق لنا لا حل مرحلي بإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران/1967، ولا استراتيجي باستعادة كل فلسطين !!!!، ولعل الحل المرحلي يزداد وضعه سوءاً بلا انتعاش وسط إماتة إسرائيلية له بعقلية لا تؤمن بالقبول لأي حل مرحلي للفلسطينيين.
استطاع الغرب والأمريكان والإسرائيليين تكريس واقع عربي شرق أوسطي يعرف " بالفوضى الخلاقة " لأنهم لا يريدون للعرب أي نهضة ولا ربيع حرية، لأن أي حركة نهضوية عربية تعتبر بداية هدم للمشروع الاسرائيلي في المنطقة، فبدلاً من سعينا لتدمير محتلينا أصبحنا وفق المخطط ندمر ذواتنا، ولعل الحالة العربية الحالية تكريس لنكسة أكبر بكثير من واقع نكسة الـ67.
إلا أنه يجب أن نشير هنا على عجالة لتنامي صعود المقاومة الفلسطينية والتي زادت وتيرتها خلال حكم حماس في غزة، وبطولاتها التي استنهضت شعلة الكرامة في أرواحنا، وأصبح لدينا بصيص أمل نحو تحقيق ما هو في الفكر الانهزامي يسمى " المستحيل "، لتحوله لنا تلك المقاومة في معاركها بغزة بصواريخها وأنفاقها وقتالها خلف خطوط العدو بداية شق طريق نحو القدس تقوده تلك المقاومة التي استطاعت صنع المعجزات، ولم تستطع دول عربية بأكملها صناعتها، إلا أن هذه المقاومة مازالت بحاجة لاحتضان عربي لها لكي تستطيع شق الطريق بخطى استراتيجية تقودنا نحو التحرير.
وإن بقي حالنا العربي والفلسطيني على هذه الشاكلة فعلى عروبتنا السلام، وعلى أوطاننا فلنقرأ الفاتحة، هذه الحالة لن تسوقنا إلا نحو الكارثة والخسارة المحققة، ولن نستطيع استنهاض قوتنا إن بقينا هكذا، لذلك كان الاستنفار الغربي والأمريكي والإسرائيلي لمواجهة الربيع العربي الذي تدرك قوى الغرب بأن استمراره إعدام لمخططاتها وتحرير لعقولنا وأوطاننا، بالنهاية .. النكسة مش سبعة وستين .. النكسة ناس سامعة وشايفين .
بقلم/ عماد أبو الروس