عباس لن يحارب ولن يوقع ولن يستقيل

بقلم: فايز أبو شمالة

عنوان المقال ليس من تأليفي، عنوان المقال جملة قالها المتطرف أفيقدور ليبرمان، قبل خمس سنوات، وبالتحديد في شهر 9/2010، وقد كتبت في حينها مقالاً، نشرته في الصحف تحت عنوان "لن يحارب ولن يوقع ولن يستقيل" قلت فيه:
أتفق مع عدونا "ليبرمان" أن السيد محمود عباس لن يحارب، فتلك حقيقة، وتخون السيد عباس يداه لو فكر أن يلقي حجراً على مستوطن، وهو يأمل بالضغط الأمريكي، والعلاقات الدولية أن يقيم دولة فلسطينية، وعلى هذا الأساس يفاوض، ويفشل، ثم يعاود التفاوض، لأن البديل لعدم التفاوض هو إغلاق بوابات السلطة وتسليم المفاتيح. لذا فإن السيد عباس لن يحارب إسرائيل، وإنما هو حربٌ على المقاومة الفلسطينية التي لا يقتنع فيها، وقد أثنى عدونا المشترك "ليبرمان" على السيد عباس، وشهد له أنه ضد المقاومة (الإرهاب).

وأتفق ثانياً مع عدونا "ليبرمان" أن السيد عباس لن يوقع، وذلك لسبب بسيط، هو أن لا شيء لدى ليبرمان، وشريكه في الحكم "نتانياهو" ليقدموه للسيد عباس كي يوقع عليه، وليبرمان يثق أن شركاءه في حكم إسرائيل قد غلقوا على أنفسهم أبواب جدار الفصل العنصري، وتركوا السيد عباس يواجه مصيره أعزلاً من قوة غزة، معزولاً عن دعم فلسطيني الشتات.

وأتفق ثالثاُ مع عدونا "ليبرمان" أن السيد عباس لن يستقيل، وإنما سيهدد بالاستقالة، أو سيهدد بحل السلطة، كما يقول الدكتور صائب عريقات، والدكتور نبيل شعث، والهدف من ذلك قبول الخيار الوحيد الذي يطرحه عدونا "ليبرمان" الذي يرى: "أنّ الحل الأمثل هو التوصل إلى تسوية مؤقتة طويلة الأمد، إذ لا يرى إمكانية لحل كافة القضايا الجوهرية خلال عام واحد، لذا يجب التركيز على مشكلتين أساسيتين؛ الأمن والاقتصاد".

أما الأمن الذي ينشده "ليبرمان" فأزعم أنه قد تحقق من خلال التنسيق الأمني، وتواصل محاربة المقاومة. أما الاقتصاد الذي تسعى إليه السلطة فأزعم أن يتحقق من خلال توفير الرواتب، وتوفير بعض السيولة المالية التي أضحكت الاقتصاد المؤقت في الضفة الغربية ، وهذا ما يعمل عليه السيد فياض منذ تسلم رئاسة وزراء حكومة رام الله.

إذن قضي الأمر أيها الفلسطينيون؛ فالسيد محمود عباس لن يحارب، ولن يوقع، ولن يستقيل، وأضيف: ولن يصالح حركة حماس، وسنجد أنفسنا بعد عام واقعين تحت ضغط تواصل التوسع الاستيطاني، وتواصل مصادرة الأراضي، وتواصل الحفريات تحت أساسات المسجد الأقصى، وتواصل القلع والخلع والبلع، وتواصل الحصار، وترديد الشعار: لن نخسر شيئاً لو واصلنا المفاوضات لمدة عام آخر!.


انتهى المقال الذي كتبته في شهر 9/ 2010، فما الذي تغير من ذلك الوقت وحتى شهر يونيه 2015؟ بعد خمس سنوات، ما الذي استجد غير زيادة عدد المستوطنين والمستوطنات في الضفة الغربية، وزيادة التمزق والانقسام الفلسطيني، وزيادة عدد المسئولين الإسرائيليين الذين عبروا عن قناعتهم بعدم إمكانية للتوصل إلى أي شكل من أشكال السلام أو التفاهم مع الفلسطينيين، ومن هؤلاء وزير الحرب موشي يعلون الذي قال أمام مؤتمر هرتزليا قبل خمسة أيام: "لا أتوقع اتفاقية مستقرة في حياتي، ولدي النية بأن أعيش لفترة طويلة.
فماذا تبقى للسلطة الفلسطينية؟ وهل ستنتظر حتى يبتلع المستوطنون أخر قطعة أرض فلسطينية؟