في مقالة سابقة بعنوان «بيد حماس لا بيد فتح»، توصلت إلى استنتاج بأن حركة المقاومة الإسلامية «حماس» تستنسخ خطى فتح في المقاومة والمفاوضات ومجمل العلاقات مع إسرائيل.
وفي هذه الأيام يتبلور التشابه بين فتح وحماس بصورة جلية ومباشرة، ولكي تتضح الصورة أكثر أعود بالذاكرة إلى فتح المقاومة ثم فتح التحضير طويل الأمد للمفاوضات التي اتخذت سنوات طويلة سمة المفاوضات السرية، وحين كان يتم اكتشافها من مصادر صحافية أو استخبارية، كان المفاوض الفلسطيني يلوذ إلى عبارة أنها مجرد حوارات غير مباشرة يتولى إدارتها طرف ثالث، والغرض منها استطلاع النيات لا أكثر ولا أقل، إلى أن وصلنا أخيرًا إلى مفاوضتين متلازمتين واحدة علنية جرت في الولايات المتحدة، والثانية سرِّية جرت في أوسلو، وكان صاحب القرار فيها الرئيس ياسر عرفات ويعاونه في إدارتها خليفته الحالي محمود عباس.
وقبل أن يتبلور اتفاق أو تفاهم أوسلو، كانت فتح قادت أوسع عمل عسكري مؤثر في إسرائيل سواء على صعيد العمليات الفدائية الكبرى داخل مدن الدولة العبرية، أو على صعيد المواجهات التقليدية بين جيشين، كما حدث في لبنان وذروتها كان حرب عام 1982.
في وصف المنحى العام لمجرى الأحداث، كان هنالك عمل عسكري يتوازى مع العمل السياسي، وكان أن تدخل العالم لتقصير المسافات، فحصلت مدريد ثم واشنطن ثم أوسلو، وها نحن الآن نشاهد ابتعاد فتح عن العمل المسلح، وشعورها بالإحباط جراء فشل الرهان السياسي التفاوضي وعودتها إلى المحافل الدولية لعل وعسى، وبالمنحى العام ذاته نرى أن ما تفعله حماس هو ذات ما فعلته فتح مع بعض التعديلات اللغوية، وفي فترة ما وكانت عابرة وقصيرة المدى، انبثق جهد قتالي تنافس فيه الطرفان، وذلك عبر الانتفاضة الثانية، وميزت حماس نفسها لسنوات باهظة الكلفة باستيلائها على شعار المقاومة المسلحة واعتبرته شعارًا أزليًا، ينبغي ألا يتوقف إلا حين رفع راية الإسلام على القدس إلى جانب ارتفاعها، بإذن الله، في كل عواصم العالم.
ومثلما دفعت فتح تكاليف أوسلو بالدخول في متاهات التنسيق الأمني والعلاقات الملتبسة مع إسرائيل ومواجهة صعوبات التعايش مع اليد العليا الإسرائيلية في كل شأن فلسطيني، حتى لو كان مجرد التحرك من شارع إلى شارع آخر، فها هي حماس تدخل إلى ذات الممر، ولكن بتمويه مختلف، فإذا كانت السلطة في رام الله تعتقل من يطلق النار على إسرائيل في سياق التنسيق الأمني، فإن حماس لا تعتقل فحسب بل تقتل إن لزم الأمر، سلطة رام الله تمارس التنسيق الأمني كالتزام أقدمت عليه أو تورطت فيه، وذلك بفعل اتفاقيات أوسلو، أما حماس فتفعل ما تفعل بفعل تفاهمات متقطعة، تارة أنضجها المصريون، وتارة أخرى القطريون والأتراك، ولإعطاء غطاء دولي لما يجري فقد دخل الألمان على الخط، أما من أبواب استخبارية فلا أحد يعرف كم طرف يتدخل.
بالنسبة لي وانسجامًا مع خلفيتي السياسية، وانتمائي المتعمق دومًا للحل مع إسرائيل، فإنني لا أعترض من حيث المبدأ لا على المفاوضات المباشرة ولا غير المباشرة، ولا أخشى من فتح خطوط حوار مع الإسرائيليين قبل غيرهم لأن المهم ليس الوعاء وإنما ما يطبخ فيه، وإذا كان لي من اعتراض على ما تفعله حماس الآن من حوارات واتصالات ومفاوضات مع إسرائيل، فلأنه موضوعيًا يعمق انقسام الوطن ويضعف أسس القضية الفلسطينية ومرتكزاتها وينهي وحدانية التمثيل الفلسطيني التي كانت أهم إنجاز حققه الفلسطينيون منذ بداية قضيتهم حتى البلاغ الأول للانقسام الذي دخل عامه الثامن.
إن كل ما يعرض على حماس الآن كان قد تحقق ما هو أكثر منه في زمن عرفات، كانت المعابر مفتوحة على مصاريعها وكان المطار يعمل وكان الميناء قيد الإعداد، وما يجري الحديث عنه الآن هو بعض يسير مما كان، سوى أن هذا البعض اليسير كلف مئات آلاف من الجرحى والأسرى والضحايا، كما لو أن الأمور تسير بصورة دائرية، تتقطع الأنفاس في الجري عليها كي تبلغ بعد زمن طويل نقطة البداية.
هذا ما جرى ولا مجال منطقيا إلا أن تكون نتائجه ذات النتائج.
وفي هذه الأيام يتبلور التشابه بين فتح وحماس بصورة جلية ومباشرة، ولكي تتضح الصورة أكثر أعود بالذاكرة إلى فتح المقاومة ثم فتح التحضير طويل الأمد للمفاوضات التي اتخذت سنوات طويلة سمة المفاوضات السرية، وحين كان يتم اكتشافها من مصادر صحافية أو استخبارية، كان المفاوض الفلسطيني يلوذ إلى عبارة أنها مجرد حوارات غير مباشرة يتولى إدارتها طرف ثالث، والغرض منها استطلاع النيات لا أكثر ولا أقل، إلى أن وصلنا أخيرًا إلى مفاوضتين متلازمتين واحدة علنية جرت في الولايات المتحدة، والثانية سرِّية جرت في أوسلو، وكان صاحب القرار فيها الرئيس ياسر عرفات ويعاونه في إدارتها خليفته الحالي محمود عباس.
وقبل أن يتبلور اتفاق أو تفاهم أوسلو، كانت فتح قادت أوسع عمل عسكري مؤثر في إسرائيل سواء على صعيد العمليات الفدائية الكبرى داخل مدن الدولة العبرية، أو على صعيد المواجهات التقليدية بين جيشين، كما حدث في لبنان وذروتها كان حرب عام 1982.
في وصف المنحى العام لمجرى الأحداث، كان هنالك عمل عسكري يتوازى مع العمل السياسي، وكان أن تدخل العالم لتقصير المسافات، فحصلت مدريد ثم واشنطن ثم أوسلو، وها نحن الآن نشاهد ابتعاد فتح عن العمل المسلح، وشعورها بالإحباط جراء فشل الرهان السياسي التفاوضي وعودتها إلى المحافل الدولية لعل وعسى، وبالمنحى العام ذاته نرى أن ما تفعله حماس هو ذات ما فعلته فتح مع بعض التعديلات اللغوية، وفي فترة ما وكانت عابرة وقصيرة المدى، انبثق جهد قتالي تنافس فيه الطرفان، وذلك عبر الانتفاضة الثانية، وميزت حماس نفسها لسنوات باهظة الكلفة باستيلائها على شعار المقاومة المسلحة واعتبرته شعارًا أزليًا، ينبغي ألا يتوقف إلا حين رفع راية الإسلام على القدس إلى جانب ارتفاعها، بإذن الله، في كل عواصم العالم.
ومثلما دفعت فتح تكاليف أوسلو بالدخول في متاهات التنسيق الأمني والعلاقات الملتبسة مع إسرائيل ومواجهة صعوبات التعايش مع اليد العليا الإسرائيلية في كل شأن فلسطيني، حتى لو كان مجرد التحرك من شارع إلى شارع آخر، فها هي حماس تدخل إلى ذات الممر، ولكن بتمويه مختلف، فإذا كانت السلطة في رام الله تعتقل من يطلق النار على إسرائيل في سياق التنسيق الأمني، فإن حماس لا تعتقل فحسب بل تقتل إن لزم الأمر، سلطة رام الله تمارس التنسيق الأمني كالتزام أقدمت عليه أو تورطت فيه، وذلك بفعل اتفاقيات أوسلو، أما حماس فتفعل ما تفعل بفعل تفاهمات متقطعة، تارة أنضجها المصريون، وتارة أخرى القطريون والأتراك، ولإعطاء غطاء دولي لما يجري فقد دخل الألمان على الخط، أما من أبواب استخبارية فلا أحد يعرف كم طرف يتدخل.
بالنسبة لي وانسجامًا مع خلفيتي السياسية، وانتمائي المتعمق دومًا للحل مع إسرائيل، فإنني لا أعترض من حيث المبدأ لا على المفاوضات المباشرة ولا غير المباشرة، ولا أخشى من فتح خطوط حوار مع الإسرائيليين قبل غيرهم لأن المهم ليس الوعاء وإنما ما يطبخ فيه، وإذا كان لي من اعتراض على ما تفعله حماس الآن من حوارات واتصالات ومفاوضات مع إسرائيل، فلأنه موضوعيًا يعمق انقسام الوطن ويضعف أسس القضية الفلسطينية ومرتكزاتها وينهي وحدانية التمثيل الفلسطيني التي كانت أهم إنجاز حققه الفلسطينيون منذ بداية قضيتهم حتى البلاغ الأول للانقسام الذي دخل عامه الثامن.
إن كل ما يعرض على حماس الآن كان قد تحقق ما هو أكثر منه في زمن عرفات، كانت المعابر مفتوحة على مصاريعها وكان المطار يعمل وكان الميناء قيد الإعداد، وما يجري الحديث عنه الآن هو بعض يسير مما كان، سوى أن هذا البعض اليسير كلف مئات آلاف من الجرحى والأسرى والضحايا، كما لو أن الأمور تسير بصورة دائرية، تتقطع الأنفاس في الجري عليها كي تبلغ بعد زمن طويل نقطة البداية.
هذا ما جرى ولا مجال منطقيا إلا أن تكون نتائجه ذات النتائج.
نبيل عمرو