هل الخلل في حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني أم في الحالة السياسية الفلسطينية

بقلم: علي ابوحبله

لا يمكن تجزئة الوضع الفلسطيني الذي هو كل لا يتجزأ وفي ظل الوضعية الفلسطينية والخلافات الفلسطينية التي هي انعكاس لحالة احتدام الصراع الإقليمي والصراع الذي تشهده المنطقة في ظل ما نشهده من التحالفات الاقليميه والتي جميعها تعبر عن حالة الخلل في توازنات القوى ، وهي جميعها تنعكس على القضية الفلسطينية والتركيبة السياسية الفلسطينية خاصة بين فتح وحماس وهما يشكلان قطبا السياسة الفلسطينية في ظل غياب قوى سياسية فاعله فلسطينيه تحدث عملية توازن في السياسة الفلسطينية ، الحالة الفلسطينية في ظل سياسة التمحور الإقليمي حالت ولغاية الآن من إنهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية ، لقد مضى على حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني منذ تشكيلها في 2 حزيران 2014 ما يزيد على عام تقريبا ، هذه الحكومة التي شكلت بموجب تفاهمات بين حركتي فتح وحماس ومهمتها الإشراف على إجراء انتخابات عامة خلال ستة أشهر وأعمار قطاع غزه ، وهي جاءت بأهداف محدودة أهمها إنهاء الانقسام الفلسطيني ورفع الحصار عن قطاع غزه والتحضير للانتخابات ألعامه الرئاسية والتشريعية ، حكومة نتنياهو شرعت منذ اليوم الأول لتشكيل حكومة الوفاق الفلسطيني بمحاربتها وعدم الاعتراف فيها وعملت على إجهاض محاولاتها لإعادة الوحدة الجغرافية للوطن الفلسطيني بتوحيد غزه والضفة الغربية ، حرب إسرائيل على قطاع غزه كانت احد الأسباب الرئيسية في إحداث معيقات أمام مهام حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني للتحضير للانتخابات التشريعية والرئاسية كما أن ممارسات إسرائيل والتحريض على الحكومة لم يمكنها من أداء مهامها وفق ما كلفت لتحقيقه ، قامت حكومة نتنياهو بفرض حصارها المالي على حكومة الوفاق الفلسطيني من خلال حجز أموال المقاصة ومع ذلك تمكنت حكومة الوفاق من تجاوز الحصار من خلال سلسله من الخطوات مكنتها من تامين جزء من الراتب وتمكنت من تسيير أمور الناس المعيشية وعملت على تجاوز المعيقات من خلال فرض منع أعضاء الحكومة من التنقل بين الضفة الغربية وقطاع غزه ووضعت العراقيل أمام أعمار قطاع غزه ، لقد أخفقت حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني في انجاز مهامها لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وفشلت في توحيد الأجهزة الامنيه بين قطاع غزه والضفة الغربية وتوحيد المؤسسات الحكومية ، عدم تحقيق الأهداف لحكومة الوفاق الوطني الفلسطيني في إنهاء الانقسام وتوحيد شطري الوطن الفلسطيني لا يعود إلى خلل في حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني أو تقصير من الحكومة في أداء مهامها إنما الخلل في الحالة السياسية الفلسطينية التي أدت إلى إخفاق الحكومة في أداء مهامها ، إن الحالة الفلسطينية تعتبر جزء لا يتجزأ وان دوامة الصراع السياسي الفلسطيني ضمن اختلاف في الرؤى والتوجهات السياسية التي هي انعكاس للوضع الإقليمي أدت إلى حالة الشلل لا بل الفشل السياسي الفلسطيني ، عملية اختفاء مقتل المستوطنين الثلاثة في الخليل في 12 حزيران 2014 أدت لفرض الحصار على الشعب الفلسطيني واتخاذ حكومة الاحتلال الإسرائيلي في حينه سلسله من الإجراءات العقابية بحق الشعب الفلسطيني ومن بينها فرض الحصار الاقتصادي واحتجاز أموال المقاصة وحملة اعتقالات واسعة أدت إلى حرب على قطاع غزه ، ويوم أمس ألجمعه 19 حزيران 2015 كشفت مصادر إعلاميه نقلا عن محققين إسرائيليين عن تنفيذ عملية جريئة نفذت قرب مستوطنة دوليف غربي رام الله حيث قتل مستوطن وأصيب آخر ، ولم يتسنى بعد معرفة إجراءات حكومة الاحتلال ردا على تلك العملية التي أدت إلى مقتل مستوطن ، هو الصراع الذي عليه الحال الفلسطيني بين حماس وحركة فتح التي حالت لغاية الآن دون أن تتمكن الحكومة الفلسطينية من تنفيذ برنامجها لإنهاء الانقسام وإجراء الانتخابات وتوحيد الوطن وأعمار قطاع غزه ، إن مظاهر الانقسام ما زالت ماثلة أمام الجميع وان الحكومة عجزت عن تحقيق مطالب حماس لدفع رواتب موظفيها وتثبيتهم وان سبب ذلك يعود إلى معيقات دوليه وإقليميه حالت دون إيجاد حل لمشكلة موظفي حكومة قطاع غزه بعد الانقسام 2007 ، هناك معيقات حالت دون تحقيق حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني لبرنامجها المتمثل في إنهاء الانقسام وإتمام المصالحة وإجراء الانتخابات ، إن الحالة السياسية الفلسطينية هي من ضمن الأسباب لفشل الحكومة الفلسطينية في أداء مهامها ، إن حصار غزه ورفض حكومة نتنياهو التجاوب مع متطلبات وشروط التهدئة التي تم التوصل إليها في القاهرة وان غياب ضغط دولي وإقليمي على إسرائيل لكي تمكن الحكومة الفلسطينية من عملية إعادة أعمار غزه حالت ولغاية الآن من تمكن الحكومة الفلسطينية لتنفيذ برنامجها للأعمار ، حكومة نتنياهو سعت إلى تجسيد انفصال غزه عن الضفة الغربية وعملت على إفشال حكومة الوفاق الفلسطيني في أداء مهامها لأجل فصل غزه عن الضفة الغربية واستغلال التغيرات الاقليميه وجر حركة حماس للتفاوض بعيدا عن منظمة التحرير الفلسطينية وتمكين حركة حماس لبسط سيطرتها على غزه ، هذا هو المخطط الإسرائيلي الذي يهدف لإنشاء دويلة في قطاع غزه وضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية للكيان الإسرائيلي والإبقاء على حالة الكنتونات في الضفة الغربية التي تحول دون التواصل الجغرافي وتؤدي إلى إجهاض إقامة ألدوله الفلسطينية ، إن إسرائيل معنية بإفشال الحكومة وهي معنية بالإبقاء على السلطة الوطنية الفلسطينية لتقييض الرواتب وتسيير الحياة أليوميه للشعب الفلسطيني وللإبقاء على التنسيق الأمني مع إسرائيل ، وهي تسعى للتفرد بحركة حماس وتقديم الإغراءات للتوصل إلى تهدئه طويلة الأمد مقابل تقديم امتيازات اقتصاديه وتمكين حماس من بسط سيطرتها وحكمها لقطاع غزه ، وهذه مؤامرة إقليميه تستهدف الانقضاض على كل القرارات والاتفاقات التي تقود إلى تصفية القضية الفلسطينية ، إن عدم تمكن الحكومة من معالجة أزمات ما تعاني منه غزه وزيادة حالات الفقر والبطالة تدفع في الموقف الشعبي من الحكومة للتحريض عليها ضمن عملية استغلال الفرص والانقضاض على الاتفاقات التي من المفروض أن تنهي الانقسام وتوحد شطري الوطن الفلسطيني ، ليس الخلل في الحكومة وإنما حقيقة الخلل تتجسد في حالة التمزق السياسي الفلسطيني ضمن السعي وراء تحقيق مصالح فصائليه وحزبيه بعيده عن النظر بمنظار المصلحة الوطنية الفلسطينية والحفاظ على القضية الفلسطينية ورفض تجزئة الحل الفلسطيني التي تسعى حكومة الاحتلال الإسرائيلي لتحقيقها عبر تبنيها لفكرة الحدود المؤقتة وهي ما اشتملت عليه خطة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ورفضها الرئيس محمود عباس وكذلك خطة توني بلير المسماة الإنعاش الاقتصادي مقابل المقايضة على الحقوق السياسية والوطنية ، الفلسطينيون أمام مخاطر حقيقية تتهدد القضية الفلسطينية في ظل الحالة السياسية التي عليها الوضع الفلسطيني ، في ظل غياب وحدة الموقف والرؤى الفلسطينية ، لا بد من الحذر من مغبة الوقوع في فخاخ ما ينصب للقضية الفلسطينية والحذر من تشكيل حكومة لا تحظى بالإجماع الوطني الفلسطيني مما يعطي المبرر للاستمرار في حالة الانقسام وتمرير مخطط التجزئة للقضية الفلسطينية وتجسيد فصل غزه عن الضفة الغربية ضمن مسعى البعض من دول الإقليم لمفاوضة حماس لإسرائيل والتوصل لتهدئه طويلة الأمد مقابل إغراءات اقتصاديه وكأننا بهذا نستنسخ التاريخ للمجلسين والمعارضين ولنعود للمتاهة التي عشناها طوال 67 عاما من اغتصاب فلسطين ، وحقيقة القول ليس العيب أن نجتهد ونخطئ ولكن العيب في استمرار الخلل والرقابة الموضوعية والمسؤولية الوطنية تتطلب من الجميع تصويب المسار السياسي الفلسطيني وتوحيد الجهد الفلسطيني في استراتجيه وطنيه تقودنا للوحدة الوطنية وأية حكومة فلسطينية ستبقى انعكاس للحالة السياسية الفلسطينية ما لم نتجاوز حالة الخلل السياسي الفلسطيني.

بقلم/ علي ابوحبله