مؤتمر للتعاون ألأقليمي حول نهر ألأردن ..هذه المؤتمرات التطبيعية لا تصب إلا في صالح اسرائيل

بقلم: المهندس فضل كعوش

حرصت القيادة السياسية الفلسطينية طيلة السنوات الماضية على الفصل بين مساري عملية السلام ؛ المسار الثنائي والذي يتركز حول القضايا الجوهرية (القدس، اللاجئين،المستوطنات،ألأرضي والحدود ، ألأمن  والمياه) والمسار متعدد ألأطراف والذي يتركز على التعاون ألأقليمي في العديد من المجالات ذات الجوانب الفنية ومن ضمنها قضايا البيئة ،ألأقتصاد ،البنية التحتية ، المياه ، الصحة ، الطاقة ، الزراعة وغير ذلك، وشددت القيادة الفلسطينية على مفاوضيها بأن لا يحصل اي تقدم على المسار الثاني اي مسار التعاون ألأقليمي على حساب القضايا الجوهرية ، ورفض اي مشروع للتعاون ألأقليمي في اي مجال كان ،من شانه ان يمس بالحقوق والثوابت الفلسطينية .... هذا الموقف الحريص للقيادة السياسية التي قادت واشرفت على العملية التفاوضية في كافة مراحلها ومحطاتها السابقة  منعت وحالت الى حد كبير من مخاطر المناورات والمحاولات الأسرائيلية المستمرة لفرض سياسة ألأمر الواقع على ألأرض ولتحقيق اخترق للموقف التفاوضي الفلسطيني واضعاف حججه حول القضايا الجوهرية ومن ضمنها المياه .

 

رغم ذلك فقد استمرت بعض المؤسسات الفلسطينية من المجتمع المدني، ودون اي رادع او رقيب بالتعاون مع مؤسسات اسرائيلية وإقليمية ودولية اخرى غير حكومية، حول مشاريع ونشاطات تطبيعية مباشرة ، في العديد من المجالات المرتبطة بالقضايا الثنائية الجوهرية اعلاه ، ومن ضمنها قضايا المياه ، التي لا زالت مطروحة على طاولة المفاوضات ، وتواجه منذ بدء العملية التفاوضية مواقف اسرائيلية متشددة ورافضة للمطالب الفلسطينية القانونية والمشروعة .

 

تأتي الدعوة لهذا المؤتمر ضمن نشاطات وفعاليات بعض تلك المؤسسات الفلسطينية غير الحكومية ، وعلى اجندة اعمال هذا المؤتمر مشاريع ونشاطات وبرمج للتعاون ألأقليمي الشامل والبعيد المدى بشأن تأهيل الجزء الجنوبي لحوض نهر ألأردن ، هذا الجزء الذي دمر ألأسرائيليون بيئته المائية والطبيعية بشكل كامل وحولوه من نهر عظيم الى جدول صغير ملوث لم تعد تجري المياه بمجراه منذ قيام اسرائيل منذ منتصف الستينات بغلق مخارج النهر عند الساحل الجنوبي لبحيرة طبريا ، كما قام ألأسرائيليون عشية احتلالهم  للضفة الغربية عام 1967 بغلق كافة مناطق ألأغوار الفلسطينية وتحويلها الى مناطق عسكرية بعد ان طردوا المزارعين الفلسطينيين من اراضيهم ودمروا كافة ممتلكاتهم  ومنشاءاتهم الزراعية التي كانت مقامة على ضفة النهر .

 

تأتي الدعوة لهذا المؤتمر في ظل ألأعلان عن البدء في تنفيذ مشروع قناة البحرين ، هذا المشروع الذي اعلن عن البدء في تنفيذه مؤخرا ، لا يتضمن بالمطلق اي بند يتعلق بحوض نهر ألأردن وخاصة الجزء الجنوبي منه ، وحسب دراسة الجدوى التي تم اقرارها واعتمادها كمرجعية فنية رسمية واساسية لهذا المشروع فأن لا امل في عودة مياه نهر ألأردن الى مجراها الطبيعي في هذا الجزء الذي ينعقد هذا المؤتمر لمناقشة اوجه تأهيله وتطوير مناطقة على ضفتبية الشرقية والغربية ، كما تأتي هذه الدعوة في ظل استمرار ألأسرائيليون في غلق مخارج هذا الجزء من النهر ، وفي القاء المخلفات الصلبة والسائلة في مجراه والأستمرار في اغلاق مناطق الأغوار الفلسطينية ومنع مزارعي تلك المناطق من الوصول الى اراضيهم ، وغير ذلك من الممارسات وألأنتهاكات الفاضحة للقانون الدولي بما يتعلق بحقوق المشاطئة القانونية المشروعة للفلسطينيين في حوض نهر ألأردن ، في ظل تلك الأنتهاكات والممارسات ألأسرائيلية العدائية بحق الفلسطينيين ، يصر البعض من مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني على ألأستمرار في مشاريع ونشاطات التطبيع مع الأسرائيليين رغم انهم  يدركون جيدا ان ما يقومون به يلحق الضرر الجسيم بالمصالح الفلسطينية العليا وعلى رأسها حقوق المياه .  

    

فقد كشفت بعض وسائل ألأعلام الأسرائيلية والفلسطينية وألأردنية عن انعقاد هذا المؤتمر ألأقليمي في عمان في التاسع من حزيران /2015 ، والذي دعت اليه ونظمت وأشرفت على اعماله ما يسمى بمجموعة "ايكو بيس" وهي جمعية غير حكومية " فلسطينية- اسرائيلية – أردنية " تتبع لما يعرف بمؤسسة "اصدقاء ألأرض في الشرق ألأوسط "

EcoPeace Middle East (formerly Friends of the Earth Middle East (FoEME))

EcoPeace Middle East  is a unique organization that brings together Jordanian, Palestinian, and Israeli environmentalists. its primary objective is the promotion of cooperative efforts to protect shared environmental heritage.. EcoPeace has offices in Amman, Bethlehem, and Tel-Aviv. (Friends of the Earth International (FoEI) is an international network of environmental rganizations). 

 

 

  " فقد شارك في هذا المؤتمر حوالي  The Times of Israeln” وفق ما اوردته بعض وسائل ألأعلام ألأسرائيلية

 الـ 200 خبير ومختص/ اسرائيليين وأردنيين وفلسطينيين وأجانب ، منهم مسؤولين حكوميين وغير حكوميين ، من بينهم عضو الكنيست ألأسرائيلي السيد / أيوب قرا (الليكود)، والأمين العام لسلطة وادي الأردن في الأردن سعد أبو حمور ونائب وزير الزراعة في السلطة الفلسطينية عبد الله لحلوح، ونائب وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية معروف مهران،. كما وحضر المؤتمر رؤساء بلديات من البلدان الثلاثة، وخبير مياه كبير من البنك الدولي، وممثلين عن الدول المانحة والإتحاد الأوروبي ووكالات تنمية بالإضافة إلى ذلك، كان هناك أيضا ممثلون من دول اخرى منها الهند وباكستان اللتين يدور بينهما أيضا صراع حول احواض المياه المشتركة ، وقد امتدت اجتماعات المؤتمر لأسبوع كامل .  


وكان موقع "واللا" العبري الاخباري، قد اشار الى هذا الموضوع وكشف على ان ألأجندة المطروحة للبحث تستند الى التفاهمات التي حصلت بين الاطراف الثلاث ( اسرائيل، الأردن والسلطة الفلسطينية) خلال السنوات الـ3 الماضية بشأن ما عرف بمشروع قناة البحرين " ألأحمر - الميت" ، وتحديدا الى دراسة الجدوى ألأقتصادية التي اعدت بالخصوص لهذا المشروع بدعم دولي وتحت رعاية واشراف البنك الدولي ، وتم اقرار واعتماد تلك الدراسة من قبل ألأطراف الثلاثة حيث اعتبرت كمرجعية رسمية لأتفاقية التعاون الأقليمي الثلاثي بهذا الشأن وقد تم التوقيع عليها  في مقر البنك الدولي في واشنطن من قبل ألأطراف الثلاثة خلال شهر كانون ألأول من العام 2013 ، وحسب تلك الدراسة  قدرت تكاليف هذا المشروع بحوالي 4,5 مليار دولار .

 وبعد التوقيع على اتفاقية التعاون في واشنطن تلى ذلك عقد عدة لقاءات تكميلية هامة بين الأطرف الثلاثة عقدت في المنطقة بحضور مندوبين عن البنك الدولي وكان اهمها التوقيع على اتفاقية تنفيذمشروع قناة البحرين التي وقعت

 في عمان بتاريخ  26/02/2015  من قبل وزير التعاون ألأسرائيلي سيلفان شالوم ونظيره ألأردني .

 

تضمنت أجندة هذا المؤتمر حسب ما ورد عبر وسائل ألأعلام مناقشة ألأثار وألأضرار البيئية التي لحقت بالبحر الميت وبنهر ألأردن ولوضع خطة اقليمية مشتركة يمكن للأسرائيليين والفلسطينيين وألأردنيين التعاون من خلالها لأعادة تأهيل المقطع الجنوبي لنهر ألأردن، ولتحقيق تنمية مستدامة لمناطق غور وادي ألأردن على الجانبين الشرقي والغربي ، وفق خطة طموحة قدمت للمؤتمر تشمل 127 مشروعا ، يحتاج تنفيذ تلك المشاريع لمدى 35 عاما وبتكلفة قدرت بحوالي 6 مليار دولار ، قسمت تلك المشاريع الى ثلاثة مراحل قصيرة ومتوسطة وطويلة ألأمد ، تمتد حتى العام 2050 .هذه ألمشاريع المطروحة للنقاش امام المؤتمر ، تعتبر اجندة تسويقية للمواقف ألأسرائيلية تجاه الحقوق المائية الفلسطينية في كافة مجاري المياه الدولية المشتركة ،وتعني تهميشا وشطبا مسبقا للمستوى السياسي الفلسطيني الرسمي والتفاوضي الذي هو صاحب القرار في اوجه تنمية وتطوير مناطق ألأغوار الفلسطينية وفق خطط مدروسة  للتنمية الوطنية تعد وتنفذ من قبل المؤسسات الفلسطينية الرسمية المختصة بعد استعادة الفلسطينيين لحقوقهم المائية ، وليس من خلال مشاريع وأنشطة تطبيعية وهمية غير قابلة للتنفيذ هدفها تثبيت التطبيع المجاني وهدر ألأموال بأسم التعاون بين شعوب المنطقة ومن ضمنها الشعب الفلسطيني وتحت شعارات مختلفة ومزيفة .

 

وحسب "واللا" ألأخباري فأن الهدف من كل ذلك ، هو الخروج من حالة التردي الاقتصادي الذي يعاني منه الأردن والجانب الفلسطيني معا ، وما يمكن ألأستفادة من الموارد الطبيعية لحوض نهر ألأردن خاصة ما يتمتع به هذا الحوض من أهمية تاريخية ودينية ، حيث يعيش اليوم على جانبه الشرقي ما يقارب من نصف مليون أردني نسبة 40% منهم اصبحوا  يواجهون صعوبات معيشية كبيرة ، كذلك الأمر بالنسبة للفلسطينيين والمستوطنين الأسرائيليين ، حيث يوجد هناك ما يقارب ال 100 الف فلسطيني يعيشون في الجانب الغربي من النهر ويواجهون ايضا صعوبات معيشية واقتصادية صعبة ، هذا بألأضافة الى عدد كبير من المستوطنين ألأسرائيليين المقيمين في هذا الجانب ، اللذين هم بحاجة ايضا الى الدعم والمساعدة لتحسين اوضاعهم المعيشية ، وبالتالي فأن هذه الخطة ستعود بالفائدة على الجميع وسوف تساهم بشكل كبير في الخروج من الوضع الاقتصادي المتدهور لمصلحة الأطراف الثلاثة من خلال اقامة المشاريع التطويرية وخلق فرص عمل للعديد من العاطلين عن العمل الذين أصبحوا اليوم فريسة سهلة للتنظيمات الجهادية المتطرفة ...

 نشير هنا الى ان ألأتفاقية الخاصة بمشروع القرن "التآمري" تضم مرحلتين ، المرحلة ألأولى وهي مرحلة عاجلة وتشتمل على اقامة منشاءات على الساحل الشمالي للبحر ألأحمر ، لتحلية 300 مليون متر مكعب من المياه تخصص لتزويد مدينتي العقبة وإيلات مناصفة ، على ان يحصل الفلسطينيون على 20 مليون متر مكعب من المياه المحلاة مصدرها مياه الينابيح المالحة الجانبية لبحيرة طبريا " علما بأن ألأسرائيليين قاموا منذ بداية السيتينات بتحويل مياه تلك الينابيع الى المجرى الجنوبي لنهر ألأردن للتخلص منها ، على ان يتحمل الفلسطينيون تكلفة عملية التحلية والنقل لتلك المياه الى المناطق الفلسطينية ، اما المرحلة الثانية من مشروع القرن "التآمري" وهي المرحلة ألأهم وتشمل انشاء الخط الناقل لقناة البحرين التي ستمتد من البحر ألأحمر الى البحر الميت بطول يقارب 200  كلم ، لنقل حوالي  1.850 مليار متر مكعب من مياه البحر ألأحمر ،  منها مليار متر مكعب لتعويض البحر الميت عن خسارته لمياه نهر ألأردن التي استولت عليها اسرائيل وحولتها الى مناطق خارج الحوض، بهدف انقاذ البحر الميت من خطر الزوال كما جاء ضمن دراسة الجدوى ألأقتصادية ، اما الكميات المنقولة الأخرى وهي كما اشرنا حوالي 850 مليون متر مكعب في السنة فسيتم تحليتها من خلال تشجيع شركات اجنبية ومحلية من القطاع الخاص للأستثمار في إقامة منشاءت لتحلية تلك المياه على الساحل الجنوبي للبحر الميت ، سيخصص منها 550 مليون متر مكعب للأردن  و300 مليون متر مكعب لأسرائيل وألأراضي الفلسطينية ، ايضا مقابل تسديد اثمان تلك المياه من قبل الأطراف لثلاثة وفق اسعار ستحدد بالتوافق من قبل الأطراف الثلاثة  .

 

 وبذلك تكون اسرائيل قد نجحت في مخططها التآمري الكبير بشأن احكام السيطرة الكاملة والدائمة على كافة موارد حوض نهر ألأردن ، والتي يعتبرها الأسرائيليون غنائم حرب المياه لعام 1967 وهي المعروفة بحرب المياه او كما اسماها الأسرائيليون بحرب غنائم المياه كما اشرنا ، وهي بالفعل كانت كذلك ، حيث تمكن ألأسرائيليون من بسط سيطرتهم الكاملة على معظم منابع حوض نهر ألأردن وخاصة الجزء الشمالي منه ، بما في ذلك حوض بحيرة طبريا وجزء هام من مجرى نهر اليرموك   مما اصبح متاحا لهم اكثر من 80% من مجموع التصريف السنوي والدائم للحوض والمقدر بحوالي 1320 مليون متر مكعب ، يجري استخدام معظم تلك الموارد المائية خارج مناطق الحوض لري اراض سهل الحولة وسهول غور بيسان ومناطق السهل الساحلي وحتى شمال النقب . وبالتوازي مع مشاريع التحويل لمياه الحوض الشمالي كاملة ، شرع ألأسرائيليون في تنفيذ خطة عدائية خبيثة معدة مسبقا تهدف الى تجفيف وتدمير الجزء الجنوبي من نهر الأردن ، ليحرموا الفلسطينيين بذلك من حقوق  ألأنتفاع القانونية والتاريخية في هذا الحوض الدولي  والتي كانت تشكل المصدر الوحيد لري اراضي ألأغوار الخصبة سلة غذاء فلسطين على مدى عقود طويلة .

 

نعود لنذكر بأن دراسة الجدوى ألأقتصادية لمشروع قناة البحرين " التآمري" وهي كما اشرنا تعتبر المرجعية الرسمية للأتفاق الموقع في واشنطن من قبل ألأطراف الثلاث ، كما سبق واسلفنا اعلاه ، هذه الدراسة الفنية مع ما تضمنته بنود ألأتفاقية الموقعة وما تلى ذلك من اتفاقيات وتفاهمات ذات صلة، جميعها لم تأتي على اي ذكر بشأن حوض نهر ألأردن وخاصة الجزء الجنوبي منه ، وان ما جرى ألأتفاق حوله جاء بالنص الحرفي حول مشروع نقل المياه من البحر ألأحمر الى البحر الميت وإقامة منشاءات لنحلية المياه ، دون ألأشارة الى الوضع البيئي المدمر لطبيعة الجزء الجنوبي لنهر ألأردن ولا الى اي خطط تتعلق برغبة ألأسرائيليين واهتمامهم بتأهيل هذا الجزء .

لذلك فأن ما صاحب اعمال هذا ألمؤتمر ألأقليمي في ألأردن من ترويج وإدعاءات حول تأهيل نهر ألأردن وجعل ضفتيه مناطق مزدهرة بالسياحة والصناعة ووالزراعة وبنا المدن وما شابه ذلك تعتبر نفاق اسرائيلي ليس الا ، ولا اساس لكل ذلك من الصحة ولا الواقعية في ظل ما جري وما زال يجري من ممارسات وانتهاكات فاضحة من قبل ألأسرائيليين في كافة مناطق حوض الأردن وخاصة في جزئه الجنوبي المدمر بيئيا بشكل كامل .

 لهذا نكرر السؤال الكبير ما الداعي وما الفائدة من مشاركة الفلسطينيين في اعمال هكذا مؤتمرات وفي غيرها من ألأنشطة التي تقوم بها بعض مؤسسات المجتمع المدني لأهداف مختلفة سياسية ومالية وغير ذلك ، تلحق الضرر الكبير بالوضع لفلسطيني وبما يرتبط بمسألة الحقوق المائية الفلسطينية في مجمل مراحلها وابعادها القانونية والفنية ، وتعتبر تلك الفعاليات والنشاطات في ظل ألحقائق الثابتة على ارض الواقع بمثابة تبرئة للجرائم البيئية ألأسرائيلية المرتكبة في كامل حوض نهر ألأردن وخاصة في جزئه الجنوبي .  

 ان استمرار بعض مؤسسات المجتمع المدني في المشاركة في تنظيم هكذا مؤتمرات اونشاطات مماثلة هو بمثابة تقديم الدعم والمساعدة وفي توفير الفرص والمنابر ألأعلامية للأسرائيليين حكوميين وغير حكوميين ليقدموا حجج وشهادات تبرئة للمارسات وألأنتهاكات ألأسرائيلية المستمرة ، وهذا المؤتمر الذي انعقد في عمان تحت شعار التعاون ألأقليمي لتأهيل حوض نهر ألردن هو اكبر دليل على ذلك حيث ادعى المشاركون  الأسرائيليون خلال مداخلاتهم في اعمال هذا المؤتمر  ان اسرائيل قد توقفت منذ سنوات بعيدة عن القاء المخلفات الصلبة والسائلة في مجرى الجزء الجنوبي للنهر  وانها اي اسرائيل سمحت بأعادة تدفق المياه الى هذا الجزء بمعدل 600 مليون متر مكعب من بحيرة طبريا ، وبأن هناك التزام اسرائيلي في تطوير مناطق ألأغوار ..... الا ان تلك ألأدعاءات هي مجرد نفاق تؤكده الحقائق القائمة على ارض الواقع ، بل هي محاولات تبرئة للجرائم البيئية المرتكبة من قبل ألأسرائيليين في هذا الجزء من الحوض  .

 

حيث لا زالت البيئة الطبيعية في هذا الجزء مدمرة بالكامل ولا زال مجرى النهر يستخدم مكبا للنفايات السائلة من مياه مجاري ومياه برك لتربية ألأسماك ومياه الينابيع المالحة التي تأتي جميعها من مناطق طبريا وغور بيسان وجوارهما كما لم تعد تتجاوز كميات المياه المتبقية في مجرى هذا الجزء من النهر 50 مليون متر مكعب في السنة ، وهي كما اشرنا مياه ملوثة وعالية الملوحة لا تصلح لأي نوع من ألأستخدام ، بعد ان كان هذا المجرى يحمل  سنويا أكثر من 1.3 مليار متر مكعب من المياه العذبة الى مصبه في البحر الميت، وكل ذلك بسبب ما ارتكب وما زال يرتكب حتى يومنا هذا من ممارسات وإنتهاكات فاضحة من قبل ألأسرائيليين في كامل مناطق حوض نهر ألأردن ، وخاصة الجزء الجنوبي منه .

ادعاءات اسرائيلية كثيرة طرحت في مؤتمرات اقليمية ودولية عديدة حول الحرص الأسرائيلي على تنظيف وتأهيل نهر ألأردن وتطوير مناطق ألأغوار وجعلها مناطق مزدهرة ، الا ان جميعها كانت وما زالت ادعاءات كاذبة فقط للخداع ولأهداف سياسية محددة ، ومن ضمنها بل واهمها ما عرف بمشروع "شمعون بيريز" للنعاون ألأفليمي الذي تبناه وروج له السيد شمعون بيريز نفسه وحمل اسم " وادي ألأحلام" ، وتم  طرحه دوليا من خلال مجموعات العمل للمسار متعدد الأطراف لعملية السلام ، حيث تضمنت دراساته ألأولية  مشروع قناة لبحرين "ألأحمر – الميت " والى جانب ذلك اقامة المشاريع السياحية والصناعية  والزراعية والسكنية ، بما في ذلك المطارات والمواصلات وما شابه ذلك ، على امتداد وادي عربة من البحر الأحمر جنوبا وحتى بحيرة طبريا شمالا ، الا ان كل ذلك كان بمثابة تضليل وخداع للعالم ، هدفه تحقيق الحلم الأسرائيلي في تنفيذ مشروع قناة البحرين ، وتدمير  وازالة الجزء الجنوبي من نهر ألأردن ليس الا ، وقد ثبت بأن مشروع وادي ألأحلام  وغيره من الخطط التي سبق وان طرحت بهذا الشأن ، هي مشاريع وخطط وهمية كان الهدف منها الهاء الفلسطينيين وتركهم يحلمون لأطول مدة ممكنة، فلا ضرر في ذلك على المصالح الأسرائيلية وخاصة المشاريع الأستيطانية وما يرتبط بها من محاولات فرض سياسة ألأمر الواقع على الفلسطينيين .

فالمنطق يقول بأنه قبل الحديث عن اية خطط للتعاون ألأقليمي لحماية بيئة الجزء الجنوبي من نهر ألأردن والحديث عن تأهيله وتطويره كما يدعي الأسرائيليون ،فقد كان على ألأسرائيليين ان يثبتوا عن حسن النوايا قبل الحديث عن خطط ومشاريع ، وأن يبادرو الى تبني خطوات عملية وفعلية ملموسة على أرض الواقع ،في تحمل مسؤوليتهم والشروع على الفور في ازالة الضرر الحاصل والناتج عن ممارساتهم وانتهاكاتهم لحقوق الأخرين ولقواعد ومباديء القانون الدولي ذات الصلة بالمجاري الدولية وحقوق المشاطئة للأطراف ألأخرى ، وبالتالي كان ألأمر يتطلب ترجمة عملية حقيقية وفعلية ،تسبق الدعوة الى مناقشة اية خطط للتعاون ألأقليمي ،  ومن ضمن تلك الأجراءات التي كان على الأسرائيليين القيام بها وعلى الفور كما اسلفنا ، إزالة الحواجز المقامة على مخارج الجزء الجنوبي من النهر وهو الجزء الذي يتحدثون عن خطة طموحة لأعادة تأهيله، لكي تعود لمياه الى مجراها الطبيعي ولكي تعود الحياة البيئية الى حوض النهر كما كان ألوضع عليه في السابق قبل اغلاق منافذ النهر في منتصف الستينات بشكل كامل ، وان يتوقف الأسرائيليون عن القاء الفضلات السائلة الزراعية منها والصناعية في مجرى النهر ، والشروع في تنظيف المجرى  لأزالة كافة مصادر  وأشكال التلوث المدمر ة لبيئة الحوض ، حيث بدون تنفيذ هذه  ألأجراءات فأن الحديث عن خطط للتأهيل والتطوير يبقى مجرد خداع ، كما ان الحديث عن اقامة المشاريع السياحية والزراعية والتطوير العمراني وخلق فرص للعمل ايضا تتطلب رفع الحصار العسكري المفروض على مناطق الأغوار الفلسطينية ، وتسهيل عودة المزارعين الفلسطينيين اصحاب ألأراضي الزراعية الى اراضيهم على امتداد مناطق ألأغوار ، لكي يتسنى لهم  ري وزرع اراضيهم  بمياه نهرهم الخالد . هذا ما يريده الفلسطينيون قبل اي حديث عن التأهيل والتطوير ، ان يروا حلمهم قد اصبح حقيقة في عودة مياه النهر العذبة والنظيفة الى هذ الجزء المقدس من نهر الأردن الخالد  ويستطيعون الوصول اليها لكي يشربوا منها ويسقوا اراضيهم .  

هذا ما كان يجب ان ينفذ قبل سنوات طويلة ، لو ان الأسرائيليين كانوا معنيين حقا بمبادي السلام المنشود مع جيرانهم  واهمها مباديء حسن النوايا وحسن الجوار واحترام كل طرف لحقوق لطرف ألأخر  ، خاصة ونحن نتحدث عن مجرى دولي تتشاطيء في حوضه اربعة اطراف عربية تشمل سوريا ، لبنان ، ألأردن وألأراضي الفلسطينية ، بألأضافة الى ألأسرئيليين ، وبالتالي فأن لجميع هذه ألأطراف حقوق مشاطئة كاملة، تستند الى مرجعيات قانون المياه الدولي الخاص بالمجاري الدولية ، بدءا بقواعد هلسنكي وانتهاء بأتفاقية ألأمم المتحدة لعام 1997 ، حيث لا يحق ولا يجوز لأي طرف من تلك ألأطراف طبقا لتلك القواعد ان يمارس اي نشاط او ان يقوم بأي اجراء احادي الجاني من شأنه ان يلحق الضرر بالحوض او بحقوق اي طرف من ألأطراف المشاطئة ألأخرى ، وهو ما حاصل بالفعل في حوض نهر الأردن بما تقوم به اسرائيل من انتهاكات فاضحة للقانون الدولي في كامل مناطق هذا الحوض والسيطرة على معظم موارد مياهه . الفلسطينيون يطالبون بحقوقهم المائية وفق القانون الدولي ، ان تكون حقوقهم بمثابة قطرات من المياه المحلاة كمكرمة اسرائيلية ايا كانت دوافعها .

  خلاصة القول ان المجرى الجنوبي لنهر الأردن بداية من مخارجه عند الساحل الجنوبي لبحيرة طبريا وحتى مصبه في البحر الميت،  لا يحتاج الى خطط  ولا الى مؤتمرات تطبيعية ،بل كان ولا زال يحتاج الى اعادة المياه الى مجراها الطبيعي والى ازالة  البوابات المقامة على مخارج النهر منذ السيتينات ، والشروع على الفور في ازالة مصادر التلوث التي لا زالت تلقى وتتراكم  في مجرى النهرحتى يومنا هذا ، ولا حاجة للحديث عن خطط وهمية لتأهيل هذا الجزء من نهر ألأردن قبل القيام  باعادة مياه النهر الى مجراه الطبيعي ، والتوقف الفوري عن تلويث مجراه عند ذلك يكون الحديث عن مشاريع تطويرية وخلق فرص للعمل وتحقيق الفائدة لمصلحة الجميع حديثا منطقيا ومجديا وواقعيا ، وليس غير ذلك .

إن تدمير مصادر الحياة للأخرين وخاصة مصادر المياه ومحيط البيئة والنظام الطبيعي ، التي كان يشكل المجرى الجنوبي لنهر ألأردن احد اهمها بالنسبة للفلسطينيين ، وهو ما فعله ألأسرائيليون على مدى العقود الستة الماضية ،  يؤكد بشكل قاطع ان الأسرائيليين ليسوا شركاء سلام ، ولن يكونوا كذلك ، اذا لم يدركوا هذه الخقيقة القائمة على ارض الواقع ، وهي حقيقة ان السلام يبدء وينتهي من نهر ألأردن المقدس نهر ألأنبياء ، النهر الذي روي الفلسطينيون اراضيهم قبل ان توجد اسرائيل ويهود اسرائيل .  

----------------------------------- 

اعداد / المهندس فضل كعوش

 

-----------------------------------

روابط ذات صلة

 مشروع قناة البحرين تبرئة للجرائم البيئية المرتكبة من قبل إسرائيل-

http://knspal.net/ar/index.php?act=post&id=8925

مشروع قناة البحرين الى مرحلة التنفيذ... ونهر الأردن الى الزوال -

http://www.wihda.org/,ome/index.php/2014-12-29-14-11-02/388-2015-03-04-12-09-06

 - هل تنازل العرب عن حقوقهم المائية في حوض نهر الأردن ... لأسرائيل

http://www.turess.com/alfajrnews/102858

- بند واحد على أجندة التفاوض الأسرائيلي لم تعد توجد مياه لتقاسمها مع الفلسطينيين

http://www.sawaleif.com/(S(mkvfict4gr1d4lqsbw43pgtr))/Details.aspx?DetailsId=94231#.UsPdXdIW3jY

واشنطن في/ 09-12-2013 : التوقيع على اتفاقية مشروع "قناة البحر -

http://www.pal24.net/news/17800.html

 دراسة مفصلة حول مشروع قناة البحرين / الأحمر -  الميت -

http://www.marefa.org/index.php/%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D9%86

- الأردن يوقع اليوم على مشروع "قناة البحرين في واشنطن 

http://adomnews.net/Inner.aspx?lng=&pa=Details&Type=1&ID=8769

مشروع قناة البحرين  / لأحمر – الميت  (نظرة على الأبعاد البيئية والاستراتيجية والسياسية والاقتصادية)

http://www.watersexpert.se/Enviromental%20impact.htm