القضية الفلسطينية ليست معقدة، ولكن عقدة الأمن والخوف التي تسيطر على من احتل الأرض وشرد السكان، تجعله ينظر للقضية الفلسطينية على أنها إنهاء لوجوده، ولهذا فهم لا يعترفون بوجود الشعب الفلسطيني، ويتنكرون لحقوقه، ويمارسون كل أنواع الاضطهاد والعنصرية ضد كل من هو عربي فلسطيني، ويعتبرون أن الاستيطان وهو الوجه الحقيقي للاستعمار وعليه قامت (إسرائيل) هو واقع أمني لا يمكن التفريط فيه أو التنازل عنه، لهذا فإن تعقيدات القضية الفلسطينية تأتي من الامتداد الاستيطاني وقتل أي مبادرة أو أفكار ومنها دولة فلسطينية فوق الأرض التي احتلت في العام 1967م والقدس الشرقية العاصمة لدولة فلسطين، وتجيز (إسرائيل) لنفسها سن وفرض القوانين التعسفية والمرفوضة ومنها " مصادرة أملاك الغائبين" وما تسميه أيضا " حق الدولة التصرف بالأرض" و "مصادرة الأراضي" لشق الطرق ووصل المستوطنات بعضها ببعض، وكلها إجراءات إحتلالية مرفوضة وانتهاكات ضد القانون الدولي .
القرار الدولي لفرض الحل على (إسرائيل) لم ينضج بعد، وصناعة قرار "الدولة الفلسطينية المستقلة" لازال في بداياته، والظلم الجائر والواقع على الشعب الفلسطيني لا ينتظر الوقت أكثر، ومواصلة إسرائيل لمجازرها وحصارها وقمعها وارتكابها الانتهاكات اليومية ضد أبناء شعبنا، تحتاج إلى وقفة دولية ووحدة فلسطينية داخلية، وعودة قضيتنا إلى حيث الصدارة في الأجندة العربية المنهكة بالمشاكل الداخلية العربية.
لازالت (إسرائيل) ترفض الحلول السلمية، و أي مشاريع دولية في هذا الاتجاه، وتركيبة الحكومة الاحتلالية تؤكد أنها حكومة استيطان وبعيدة تماما عن أي تجاوب مع المحاولات الدولية لتقريب وجهات النظر وفرض الحلول.
ملخص زيارة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس "الاستكشافية" إلى رام الله، يمكن سردها في أن فرنسا تقدمت بأفكار خاصة بتفعيل عملية السلام المتوقفة.
إن الموقف الفلسطيني الواقعي، والذي سمعته فرنسا من القيادة الفلسطينية ينص على أن تجميد أو توقف عملية السلام كان بسبب رفض إسرائيل تنفيذ التزاماتها، وعدم الوفاء بها، وأن " الالتزام بالعمل على إطلاق عملية السلام وبدء المفاوضات لإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والمتواصلة جغرافيا في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس ضمن مفهوم حل الدولتين هو موقف واستيراتيجية فلسطينية معلنة"
إن اشتعال المنطقة وانفجار العنف هو تصور فرنسي معلن، وهو البديل عن موت عملية السلام ورفض قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وفي هذا إشارة فرنسية واضحة، التقطتها وتفاعلت معها القيادة الفلسطينية بذكاء وواقعية .
(إسرائيل) وعلى لسان رئيس حكومتها يرفض المرجعية والقوانين الدولية لإحلال السلام، ولازال في نفس الزاويا المغلقة والسوداء " المفاوضات لأجل المفاوضات" وكأنه لا ينظر إلى النتائج الوخيمة التي أفرزتها هذا السياسة العقيمة والغير واقعية، وفي نفس الوقت فإن القيادة الفلسطينية واضحة في موقفها وهو أن أي عودة لأي مفاوضات يجب أن تستند إلى المرجعية الدولية ووقف الاستيطان وتحديد زمن محدد لإنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .
الموقف المستحيل والرؤية العدمية التي تقدمها (إسرائيل) هي عبارة عن "رفض" مُقَنَّع، و لن تقدم أي مخرج لمنع تفجر أزمة دولية في وجهها، وعزلتها، فالواقع العربي يتغير بسرعة وكذلك هناك تغييرات سريعة دراماتيكية في جغرافيا الإقليم، وتنعكس على الساحة الدولية كاملة.
إن الوحدة الفلسطينية وإتمام المصالحة الداخلية والعمل من خلال القرار الفلسطيني المستقل، و برنامج فلسطيني وطني تحرري، كفيل بإن يعمل على عزل (إسرائيل) وإضعافها أمام الإرادة الدولية وتعريتها أما مسارات الوضع الإقليمي الجديد والعربي المتقدم .
بقلم/ د.مازن صافي