نكتب هذه الكلمات ونحن نتابع عبر وسائل الإعلام المختلفة ما يدور في سيناء من مواجهات عنيفة بين الجيش المصري وجماعات تنتمي إلى منظمات إسلامية متشددة ، وبالتحديد في المناطق القريبة من قطاع غزة ، والتي ربما وصلت إلى نهايتها كما نأمل ، بداية نكرر ما قلنا سابقا وسنقوله دائما أن العلاقة المصرية الفلسطينية هي علاقة أبدية لها جذورها الاجتماعية والتاريخية العميقة ، وتحكمها قواعد الجغرافيا ، علاقة لا تشوبها شائبة عبر الزمن ، إلا من بعض حالات التوتير العابرة التي تم علاجها بحكمة القيادات المصرية والفلسطينية ، إلا انه وفي الفترة الأخيرة وبالتحديد منذ ثورة 25 يناير 2011 في مصر، بدأت في مصر حملة شعواء ضد قطاع غزة وسكانه ، قادها عدد من الإعلاميين المصريين مستغلين الانتشار الواسع للإعلام المرئي عبر الفضائيات المتنوعة والتابعة لجهات عديدة بعضها لا يخدم إلا أعداء مصر وأعداء فلسطين وأعداء العروبة ، والبعض الآخر متسرعا متهورا لا ينقل إلا ما يقوله الآخرون دون تمهل أو تروي أو تدقيق ، ولعل شكوى احد القادة المصريين من الإعلام وأدائه في حول الأحداث الأخيرة خير دليل على ذلك ،
لقد بدأت الحملة الإعلامية ضد الشعب الفلسطيني ، فيما أطلق عليه بشيطنة الفلسطيني ، أي أن الفلسطيني خاصة في قطاع غزة والفلسطيني المتواجد في مصر بحكم النكبة التي حلت بالفلسطينيين عام 1948 ، شيطان اكبر ، ألصقت به كل أسباب المشاكل التي تواجهها مصر سواء مشاكل أمنية ، واقتصادية واجتماعية ، لدرجة أصبح الفلسطيني في مصر يسير يلتفت حوله دائما بعد أن كان يعسيش أخا وصديقا في بلد احتضنت كل أبناء العروبة ، بل ذهب ببعض الإعلاميين إلى إعلان تأييدهم للحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، بل ذهبوا إلى ابعد من ذلك حين وجهوا الدعوة إلى إسرائيل بإبادة غزة وشعبها .
وعلى الرغم من خيبة الأمل الكبيرة التي سادت أوساط شعبنا خاصة في قطاع غزة من الموقف الإعلامي لبعض المنابر الإعلامية المصرية ولا نقول جميعها ، إلا أنه استمر على احترامه لمصر وشعبها ، كيف لا وهي الشقيقة الكبرى والجارة الأقرب ، وفيها الخال والخالة والأخ والصديق الحميم ، لذلك فإن شعبنا يبدي حرصه الشديد على استمرار العلاقات الأخوية بين الشعبين ، ومؤمن بان قليلا من الزمن سيزيل كل شائبة بين الشعبين ليعود الحب والوئام بينهم كما كان دائما .
السؤال لماذا هذه الحملة الإعلامية الظالمة ضد أبناء شعبنا وحتى لا يذهب البعض بعيدا ، فانا هنا لا اقصد مصر الحكومة ، ولكن اقصد إمبراطورية الإعلام الظالمة ، لماذا الفلسطيني بالذات ؟، على الرغم من أن الجميع والقاصي والداني يعلم تمام العلم بان التنظيمات الإسلامية المتشدد والتي شهدها ويشهدها العالم بأسره مثل القاعدة ، وتنظيم الدولة الإسلامية وغيرهما من تنظيمات تضم خليط من شباب من جنسيات مختلفة من كل دول العالم منها الأمريكي والأوروبي والإفريقي والأسيوي ومن بينهم بعض الفلسطينيين والمصريين وهؤلاء هم خارج السيطرة القانونية والاجتماعية لبلدانهم وقبائلهم وأسرهم ، فلماذا يؤخذ الشعب الفلسطيني بأسره بجريرة هؤلاء ، سؤال ابحث له عن إجابة ولم أجد .
أعود إلى الأحداث الأخيرة والتي بدأ البعض من وسائل الإعلام بمحاولة زج الفلسطينيين فيها ، وأتوجه بسؤال إلى الجميع لماذا تتركز أنشطة الجماعات المتشددة ضد الجيش المصري في المنطقة المجاورة لقطاع غزة؟ لماذا يتم افتعال اعتداء آثم على الجنود المصريين في اغقاب كل مرة يفتح فيها معبر رفح البري أمام الفلسطينيين في كل مرة .
اعتقد أن الأهداف واضحة ، الهدف الأول منها هو استمرار الانقسام الفلسطيني ، والدفع بقوة نحو سلخ قطاع غزة عن الجسم الفلسطيني ، وجعله بؤرة إزعاج في الخاصرة المصرية ، وذلك باستمرار الحصار وتفاقم المشاكل الإنسانية في قطاع غزة ومحاولة تصديرها إلى مصر ، الثاني هو صرف أنظار الرأي العام المصري عما يخطط من اجل إضعاف مكانة مصر وهيبتها وتسهيل تنفيذ مخططات لتدمير الدولة المصرية ، والثالث إشغال الجيش المصري ومحاولة انهاكة على المدى البعيد إضعافه إلى حد كبير ، لان الجيش المصري هو أداة الحسم لاستقرار مصر وأمنها ، ولانه الجيش الأقوى في المنطقة العربية التي يعمل له ألف حساب .
في هذه اللحظات لا يسعنا ألا التوجه للإخوة الشرفاء من الإعلاميين المصريين المحبين لمصر وشعبها وفلسطين وشعبها وكل العروبة أن يحاولوا مواجهة حملات التضليل التي تقوم بها بعض الجهات الإعلامية المأجورة ، ولا يسعنا هنا أيضا إلا التوجه إلى الله العلي القدير أن يحمي مصر لتظل بلدا عزيزا قويا أمام كل طامع ، وان يحمي جيشها الأبي لمواجهة كل معتد أثيم ،
إن العلاقة المصرية الفلسطينية علاقة راسخة ولن تهتز مهما تآمر المتآمرون ، ومهما بيت الحاقدون .
أكرم أبو عمرو
غزة فلسطين
2/87/2015