عباس يورط عريقات والشعب قبل الرحيل

بقلم: طلال الشريف

ليس الورطة هي باختيار شخص من قبل الرئيس ، بل الورطة أن يقوم رئيس فشل في إدارة البلاد طوال عشر سنوات ، أكثر من نصفها همبكة ، ودون حق في الحكم ، وبقوة الحديد والقمع للشعب في الضفة الغربية ، وحجة الانقسام بين الضفة وغزة الذي يتحمل الرئيس وحده ووحده المسئولية الأولى عنه ، مضافا إليها ، عدم كفاءة الرئيس ، وفشل سلطته المركزية في استعادة السيطرة على غزة طوال ثماني سنوات.

لو عدنا للوراء قليلا ، سنجد الخطأ الخطيئة ، والفهم المنقوص في اختيار الرئيس عباس في مرحلة ما بعد ياسر عرفات ، الذي ينم ، أولاً عن عدم التقدير السليم للحالة الفتحاوية التي ظهرت لاحقا ، وثانيا هو غياب الرؤية السليمة والقراءة لحالة غابة البنادق وعلاقات التنظيمات والأحزاب غير الديمقراطية ببعضها وعلاقاتها مع المجتمع ، وخاصة المسلح منها ، والتي كان ، ومازال يغلب عليها وعلى مجتمعنا طابعها العسكرتاري الاستقوائي.

لا يفيد في مثل تلك الحالة المتفاعلة والمحتقنة دائما ، والتي ارتفعت وتيرة التسلح والتعبئة الفئوية فيها من قبل حماس والتنظيمات الأخرى ، وجود شخصية مثل الرئيس عباس أو صائب عريقات والتي دللت مجريات الأمور فيها على ضعف شخصية وتصرفات الرئيس وعدم قدرته على ادارة الأزمات الداخلية والخارجية فتكللت بالانقسام بأدوات لا يتقنها عباس وهي العسكرة واستخدام الردع والحفاظ على الانجاز، فعباس ليس ياسر عرفات وكان الظرف والمنطق يحتمان أن تكون شخصية أخرى لها من صفات القوة والتأثير الفتحاوي الداخلي التنظيمي والعسكري على رأس فتح والسلطة وهبيتها ، شخصية لها من صفات ياسر عرفات أكثر من صفات شخصية أبو مازن وهذا الذي أدى إلى ضعف السلطة وفتح أمام قوة حماس العسكرية والتعبوية فحدثت الكارثة وما يعاني منه الشعب الفلسطيني الآن الذي أوشك على الضياع فما بالك بصائب عريقات.

كان يمكن أن يكون عباس رئيسا لأي دولة في العالم إلا دولة فلسطين أو رئاسة سلطة غابة البنادق ولو كان أبو مازن في دولة مستقلة وراسخة وديمقراطية مثل السويد أو النرويج فيمكن فهم ذلك.

أما جوهر العنوان للمقال فهو يرتبط بما جرى ويجري من تجهيز صائب عريقات لمنصب خطير في اللجنة التنفيذية أولا ورئاسة السلطة ثانيا ليس لوجود فرصة قريبة للانتخابات ولكن لاحتمال حدوث أي طارئ على صحة عباس مثلا ، ولكن لماذا نعترض على صائب عريقات ؟

ليس بيننا سابق معرفة أو موقف مسبق من الرجل عريقات فهو في فهمي رجل نزيه وقامة علمية جيدة ولكن هل يريد ابو مازن أن يورط الرجل في نفس الورطة التي جلبها لنا في عشر سنوات من حكمه عشر سنوات أخرى نكون قد بعنا ملابسنا الداخلية ورحل ما تبقى من شعبنا إلى المهجر.

الرجل عريقات ليس عسكريا في غابات البنادق الحالية حيث كانت أيام عباس غابة واحدة وفشل في ادارة البلاد والصراع مع الاسرائيليين فما بالكم اليوم والآن وهي أصبحت مجموعة غابات بنادق وصواريخ وعنف زائد عن الحد وارتباط مصائر هذه الغابات بالصراعات الخارجية أي أنها زادت حدة في العسكرتارية كما ترون وعلاقات مع الجيران ليست على ما يرام كما السابق.

عريقات هو ذو صفات شخصية ومنهجية قريبة من صفات شخصية أبو مازن وحتى اقل خبرة في فتح وعلاقاتها المتشابكة والمشتبكة في داخلها ولن يغير شيئا ايجابيا فعريقات أمضى عشرين عاما في مفاوضات لن أقول عقيمة وصمد الرجل ونسكت ، ولكن هذا المنهج ثبت أنه غير فعال ليس لأن هذا الفريق لم يتنازل ولكن لأنه كان باستطاعة أي فريق آخر ذو شخصية أقوى أن يحرز نتائج لو كان كفؤا ولديه الارادة والخبرة في الضغط على اسرائيل والعالم ولكنهم عملوا كترس في منظومة غير ذات كفاءة لإدارة المفاوضات والصراع لما تحدثت به عن صفاتهم الشخصية وهذا شيء مهم ومهم جداً.

حتى لو لم يكن لنا رأي كوطنيين على طريقة طرح عباس باختياره عريقات فحرام أن نهادن بعد كل الذي حدث ويحدث فكيف لرئيس فاشل في كل شيء أن يختار لشعب ذبحه بسكين حاف أثناء رئاسته ويعود يوحي لنا ويختار من يخلفه قبل الرحيل ، لو كان للرئيس انجاز واحد لفكرنا في الموضوع.

... ذكرتني قصة اختيار عباس لعريقات بأيام امتحانات الجامعة كنا في السنة الثالثة وكان معنا من الساقطين سنوات قبلنا وطبعا مع السقوط المتكرر مساكين هؤلاء اصبحت تتلبسهم حالة المخترة وأبو العريف ...المهم نحن كنا خائفين فعلا من استاذ مادة علم الادوية لأن الراجل كان صعب المراس وأيام الامتحانات الشفهية ونحن على باب الاستاذ للدخول ليمتحنا كان حولنا أحد هؤلاء الساقطين وهو اكبر منا في السن بسنوات جلس يعايرنا انو احنا خايفين من هادا الاستاذ الممتحن ويقترب منا ويقول لنا انتو خايفين ليش يا جبناء الراجل امتحني خمس مرات ولا مرة خفت .. هههه طبعا كان ساقط الخمس مرات ههههههه وهادا عباس بدو يدخلنا الامتحانات خمس مرات قبل ما يمشي.

فإذا كان عباس المرشد وعريقات كبير المفاوضين قد فشلوا في نقل قضيتنا وحالنا الداخلي للأمام خطوة بل دمروا شعبنا وقضيتنا وأرجعونا للعصور الوسطى فماذا يريدون منا ؟

بقلم/ د. طلال الشريف