جريمة حرق عائلة الدوابشه التي قام بها الصهاينة ليست جديدة ، فهي حلقة من سلسلة الجرائم الصهيونية منذ مؤتمرهم الصهيوني الأول في بال عام 1897 م الذي أعلنوا فيه عدائهم التاريخي لفلسطين وشعبها ، ومنذ أن أعلنوا أنّ فلسطين أرض بلا شعب ، فالصهاينة كشفوا عن وجههم الإجرامي حين أعلنوا أنهم يريدون فلسطين وطناً قوميا لليهود ، فهم أعلنوا عن جريمتهم بكل جرأة ، جريمتهم السياسية ضد الشعب الفلسطيني وضد الأرض الفلسطينية ، وشاركهم في جريمتهم الدول الاستعمارية الكبرى وفي مقدمتهم بريطانيا وفرنسا من خلال اتفاق سايكس بيكو ، هذا الاتفاق الجريمة الذي أدى إلى وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني ، وما تبع ذلك الاتفاق من الوعد الجريمة ، وعد بلفور البريطاني الذي وعد الصهاينة بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين ، وتم إقرار هذه الجريمة بموافقة عالمية بتقسيم فلسطين بالقرار الأممي 181 لعام 1947 ، ومن ثم تم متابعة هذه الجريمة السياسية على الشعب الفلسطيني بالاعتراف الدولي بشرعية وجود الكيان الصهيوني كدولة ذات سيادة على أرض فلسطين ، ومروراً كانت جريمة النكبة الفلسطينية وطرد الشعب الفلسطيني من دياره ليتوزع في مخيمات اللجوء في الدول العربية ، والجريمة الصهيونية بحق شعبنا تستمر باحتلال باقي أرض فلسطين عام 1967 التي راحت تطرد أبناء شعبنا من بيوتهم وتستولي على أراضيهم ليقيموا عليها مستوطناتهم التي لم تتوقف حتى هذه اللحظة ، هذا الاستيطان الذي كانت نتيجته جريمة اليوم التي راح ضحيتها عائلة الدوابشه حرقاً وقتلاً ، كما كانت جريمة أبو خضير قبل عام .
الجرائم الصهيونية ليست جديدة على الصهاينة ، بل أن الجريمة بكل أنواعها هي ثقافتهم اليومية التي يمارسونها ضد أرضنا وشعبنا بشكل ممنهج وليس تصرفات فرديّة كما يبرر نتن ياهو رأس الجريمة التي يمارسها يوميا ضد شعبنا ، فالاستيطان الصهيوني المتصاعد يوميا هو الجريمة اليومية التي يمارسها الصهاينة ضد الأرض الفلسطينية ، والجريمة التي ارتكبها اليوم المستوطنون الصهاينة تهدف إلى خدمة سياسة التوسع الاستيطاني من خلال العدوان المستمر على شعبنا من أجل إرهاب شعبنا كما فعلوا في الجرائم والمجازر التي ارتكبها الصهاينة ضد شعبنا في دير ياسين وعين الزيتون والطنطورة وقبية ونحالين وكفر قاسم ، وليس غريبا على الصهاينة ارتكاب مثل هذه الجريمة المنظمة ضد شعبنا .
ولكن هذه الجرائم الصهيونية ضد شعبنا ما كان لها أن تستمر لو وجدت من يردعها فلسطينياً ، الردع السياسي المدعوم بكل أنواع المقاومة على الأرض ، مقاومة مسلحة حيث يقتضي استخدام السلاح ، ومقاومة شعبية مستمرة في كل أنحاء الوطن الفلسطيني ، ومقاومة إعلامية تمارس إعلاماً مقاوماً ، وكل هذه المقاومة لا يمكن لها أن تتم وتتحقق إلا بإعادة ترتيب البيت الفلسطيني الذي ينطلق من أنّ الوطن هو لكل مواطنيه ، هذاالترتيب الذي يعيد للمشروع الوطني الفلسطيني مكانته وأهميته في ممارسة النضال الفلسطيني اليومي بعيدا عن مناكفة المشاريع الجزئية الفصائلية ، وزج كل الشعب الفلسطيني في إطار هذا المشروع الوطني ، وهذا لا يتحقق فلسطينيا إلا بوضع جميع الاتفاقات السابقة موضع التنفيذ بعيدا عن الحسابات الفصائلية ، وأولى هذه الاتفاقات وثيقة الوفاق الوطني / وثيقة الأسرى ، واتفاقات القاهرة والدوحة ومكة ، وعودة الجميع إلى البيت الفلسطيني ، وإذا لم يتحقق الوفاق الوطني الفلسطيني والتصدي للعدوان الصهيوني المستمر ضد شعبنا وضد أرضنا ، فإننا علينا أن نشهد صباح كل يوم جريمة جديدة بحق شعبنا وأرضنا ، فلتكن جريمة اليوم جرس الإنذار ليستيقظ الكل الفلسطيني من أجل العودة إلى مقاومة الاحتلال بكل وسائل المقاومة .
الرياض في 31/7/2015 صلاح صبحية