الحديث عن اتفاقات انسانية مع العدو يذكرنا بحديث الدردشات

بقلم: رشيد شاهين

مرة اخرى وبعد ان تحدث السيد أحمد يوسف قبل فترة عما أسماه "دردشات" تجري مع بعض الجهات الاوروبية تتعلق بالوضع في قطاع غزة، يخرج علينا السيد يوسف وهو الرجل العارف والمطل على كثير من تفاصيل ما يجري بين حماس "والعالم"، ليتحدث عما يدور في الكواليس، ويقول ان ما يدور هناك، انما يدور حول اتفاق انساني وليس سياسي حول الوضع في القطاع.
ومن جديد ومثلما قلنا سابقا ان ليس هناك ما يمكن ان يسمى "دردشات" في عالم السياسة، نؤكد انه اذا كان واردا مثل هذا الاتفاق بين اي من الاعداء، إلا انه ليس هنالك من مجال لعقد اي اتفاق انساني مع دولة تتصف بمواصفات دولة الاحتلال، دولة لا تعترف باي من الاتفاقات ولا المعاهدات لا الانسانية ولا الدولية، دولة في الاصل لا تعترف بوجود الشعب الفلسطيني. دولة لا علاقة لها بالانسانية بشكل خاص ، دولة خاصة تقف وراء المأساة الفلسطينية المستمرة منذ عقود.
الحديث عن اتفاق انساني مع عدو لئيم لا يعرف الرحمة، عدو تسبب في نكبة شعب فلسطين، وما زال يقوم "بفرم" اللحم الفلسطيني بكل زاوية وحيثما امكن في الارض الفلسطينية المحتلة، دولة ما زالت اثار "ذبحها" لقطاع غزة الذي يقطنه السيد يوسف ماثلة للعيان، وما زال المشردين جراء حربها العدوانية على القطاع يلتحفون السماء ويفترشون الارض، حديث اكثر عبثية واكثر استهتارا بعقول الناس من الحديث عن "الدردشات" التي تحدث عنها السيد يوسف، وهو العالم بان ليس بالامكان الحديث عن اتفاق انساني مع عدو قادته مجبولين على الحقد والدم.
الاستمرار في الحديث المراوغ وبصيغ هي اقرب الى المخادعة منها الى قول الحقيقة ومكاشفة الناس عما يجري، لن يكون مفيدا بأي حال، خاصة وان الثمن الذي لا بد من دفعه للوصل الى اتفاق مع الكيان، سيتبين لاحقا وستتم معرفة تفاصيله عاجلا أو أجلا.
ان التلطي خلف أوجاع الناس وآلامها الناتجة عن الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة من اجل توقيع اتفاقيات مع العدو ، لا يمنح اي كان الحق في التصرف بشكل منفرد ومن خلف ظهر الجميع بما في ذلك قيادة منظمة التحرير.

الممارسة الفردية التي تقوم بها حركة حماس وكل ما تقوم به في "الخفاء"، يجعل هذا التصرف سابقة خطيرة في الساحة الفلسطينية، وسيمنح الحق لاي فصيل أو حزب فلسطيني القيام بعقد اتفاقات بشكل منفرد مع دولة الاحتلال لا يعرف احد على ماذا تنص والى ماذا تهدف، الأمر الذي يعتبر من اكثر التوجهات خطورة، ويمثل حالة من التشوه والفلتان غير المسبوقة في الساحة الفلسطينية وسيكون لها نتائجها الكارثية على مجمل القضية الفلسطينية.
ان اي اتفاق مع دولة الاحتلال، لا بد له من ان يتم عبر الاطر الرسمية لدولة فلسطين التي اصبحت جزءا من الواقع الدولي، سواء قبلت ذلك دولة الاحتلال او لم تقبل،وسواء قبل الكارهون ام لم يقبلوا، كما ان على حماس ان لا تذهب بعيدا في غيها واختطافها لقطاع غزة، ذلك لان لكل اجل كتاب.
ليس هناك من يرغب برؤية القطاع وقد "ذبحه" الحصار الجائر، إلا ان اتخاذ الحصار كذريعة من اجل اخذ القطاع بعيدا على طريق الانفصال والتفرد به تحقيقا لطموحات بعض من القادة المتنفذين في حماس، فهذا ما يجب التوقف امامه وفضحه ومنع حدوثه لان فيه مقتل القضية الفلسطينية برمتها، وهو ما سعت اليه دولة الاحتلال منذ زمن بعيد.

رشيد شاهين
14-8-2015