الحديث عن استعداد الرئيس محمود عباس للرحيل عن مواقعه ودوره السياسي، هذا الحديث لم يعد مجرد تكهنات، ولم يعد خاضعا للتحليلات فثمة مؤشرات عملية على أن السؤال دخل إلى قاعة الامتحان، أما النتائج فعلى الأرجح أنها ستظهر قبل نهاية العام.
مؤتمران مهمان، بل تاريخيان ينعقدان خلال الأشهر القليلة المتبقية على نهاية العام، الأول بحسب المصادر المعلنة سيكون المجلس الوطني الفلسطيني، يتلوه انعقاد المؤتمر السابع لحركة فتح. هكذا تكون المسألة أبعد من مجرد اختيار الشخصية التي ستخلف الرئيس عباس، ذلك أن تشكيل لجنة من قبل الرئيس، أو من قبل اللجنة التنفيذية سيان، لمتابعة التحضير لانعقاد المجلس الوطني إنما تستهدف عدا تغيير اعضاء اللجنة التنفيذية الذين لم تعد صحتهم تسمح لهم بمتابعة مهامهم، تستهدف اعادة تأكيد او تجديد شرعية المؤسسات القيادية لمنظمة التحرير.
ثمة خلل كبير يحيط بالعملية كلها، فالمجلس الوطني الفلسطيني لم يعقد أياً من مؤتمراته، منذ خمسة وعشرين عاما على الاقل، إذ لا يمكن احتساب "الهمروجة" التي انعقدت في غزة العام 1996، بحضور الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، وبهدف تعديل الميثاق الوطني، تلك الهمروجة لا يمكن اعتبارها جلسة حقيقية للمجلس الوطني.
في تلك الهمروجة جرت زيادة عدد اعضاء المجلس عشوائياً، حتى اقترب من الضعف، فأصبح عدده سبعمائة وتسعة عشر عضواً بزيادة أكثر من ثلاثمائة عضو عن الدورة السابقة، ورغم ذلك تم انتخاب لجنة تنفيذية بحسب العرف الفلسطيني السائد والقائم على التوافق بين الفصائل، وليس بحسب أنظمة وآليات ديمقراطية حقيقية. انتج ذلك المجلس لجنة تنفيذية ضعيفة، كان من الطبيعي أن تعكس واقع حال الفصائل المتردي، والحضور الشكلاني الذي يخدم كيفية السيطرة على القرار.
أي ان تلك الدورة الهمروجة لم يكن مقدراً لها أن تقوم بعملية تجديد واستنهاض لمؤسسات المنظمة، ومؤسسات القرار الفلسطيني ولذلك ما كان للجنة التنفيذية أن تفعل سوى أن تقدم الخدمة للسلطة الوطنية التي طغى حضورها على حضور المنظمة.
وكما هي العادة ايضاً في زمن أوسلو، جرى تعويم اللجنة التنفيذية تحت مسمى القيادة الفلسطينية، لسهولة تمرير القرارات، التي يتخذها او يتحكم بها الرئيس حيث يتجاوز عدد الحضور غالباً أكثر من ضعف عدد اللجنة التنفيذية.
عن مبررات رغبة الرئيس في الرحيل يجري الحديث عن السن، حيث تجاوز الثمانين، وعن فشل المشروع السياسي، فضلاً عن الرغبة في التغيير القيادي وضخ دماء جديدة في عروق المنظمة المتجمدة. وبرأينا أن مسألة عمر الرئيس ليست واردة اذا اخضعنا الامور لفحص جدي، فهو يتمتع بذاكرة جيدة، وصحة معقولة، أما عن مبرر التجديد، الذي نحتاجه والكل يطالب به منذ كثير من الوقت، فإن التجديد في القيادة يتطلب التجديد في الفصائل قبلاً، وهذا ايضاً لم يتم حتى الآن، ما سيؤدي إلى إعادة التجديد للقيادة الموجودة مع تغيير بعض الأسماء.
مثل هذا التغيير يفترض أن يؤشر إلى تغيير في طبيعة المرحلة، وآليات اتخاذ القرارات، ونحو تفعيل مؤسسات المنظمة بما يتناسب وتغير الاستراتيجيات، لكن اياً من هذا لم يتم حتى الآن، اذ لا جديد في هذا السياق.
الجديد كان يستدعي تحقيق المصالحة الفلسطينية، وإفساح المجال لمشاركة كل القوى الفاعلة في الحركة الوطنية ونقصد حركتي حماس والجهاد، اللتين تجاوزت أدوارهما وتأثيراتهما كل فصائل منظمة التحرير، وأكاد أقول إن حركة حماس تقف على خط مواز لحركة فتح.
والجديد يستدعي حواراً وطنياً جدياً جامعاً، يستهدف مراجعة التجربة السابقة، والتوافق على استراتيجية جديدة، وأدوات جديدة، وآليات وأشكال وطنية لخوض الصراع مع الاحتلال على أن ألف باء هذه العملية، يفترض أن تبدأ بالاعتراف الصريح بالفشل الذريع. في الواقع فإن الذهاب في هذه الوجهة نحو عقد مجلس وطني قد لا يستطيع مئات الأعضاء حضور جلساته، ما يجعله همروجة أخرى، من شأنه أن يطلق رصاصة الرحمة على كل ملف المصالحة.
من يستطيع بعد ذلك أن يعترض على مساعي حركة حماس لتحقيق اتفاق عبر وسطاء نشيطين، يؤدي إلى تهدئة أو هدنة طويلة أم قصيرة، مقابل رفع الحصار عن قطاع غزة، وفتح المعابر وإنشاء ممر بحري؟ أي ذرائع أو اتهامات يمكن أن توجه لحركة حماس، في هذه الحالة، طالما أن المجلس الوطني في حال انعقاده سيشرع الانقسام؟ وفي الحالتين، إذا كان الأمر يتعلق بمنظمة التحرير وتجديد قيادتها، أو إذا كان يتعلق باختيار خلف للرئيس عباس فإن الحديث يدور عن رئيس للشعب الفلسطيني وقيادة وطنية وليس رئيساً لجزء وقيادة لذات الجزء، ولذلك كان لا بد من ان يتم ذلك، وفق آليات وطنية، وإلاّ فإنه لا يحق لأحد في مثل هذه الحالة أن يتهم الآخرين، أو أن يريد منهم أن ينفذوا سياساته وأجنداته.
مؤتمران مهمان، بل تاريخيان ينعقدان خلال الأشهر القليلة المتبقية على نهاية العام، الأول بحسب المصادر المعلنة سيكون المجلس الوطني الفلسطيني، يتلوه انعقاد المؤتمر السابع لحركة فتح. هكذا تكون المسألة أبعد من مجرد اختيار الشخصية التي ستخلف الرئيس عباس، ذلك أن تشكيل لجنة من قبل الرئيس، أو من قبل اللجنة التنفيذية سيان، لمتابعة التحضير لانعقاد المجلس الوطني إنما تستهدف عدا تغيير اعضاء اللجنة التنفيذية الذين لم تعد صحتهم تسمح لهم بمتابعة مهامهم، تستهدف اعادة تأكيد او تجديد شرعية المؤسسات القيادية لمنظمة التحرير.
ثمة خلل كبير يحيط بالعملية كلها، فالمجلس الوطني الفلسطيني لم يعقد أياً من مؤتمراته، منذ خمسة وعشرين عاما على الاقل، إذ لا يمكن احتساب "الهمروجة" التي انعقدت في غزة العام 1996، بحضور الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، وبهدف تعديل الميثاق الوطني، تلك الهمروجة لا يمكن اعتبارها جلسة حقيقية للمجلس الوطني.
في تلك الهمروجة جرت زيادة عدد اعضاء المجلس عشوائياً، حتى اقترب من الضعف، فأصبح عدده سبعمائة وتسعة عشر عضواً بزيادة أكثر من ثلاثمائة عضو عن الدورة السابقة، ورغم ذلك تم انتخاب لجنة تنفيذية بحسب العرف الفلسطيني السائد والقائم على التوافق بين الفصائل، وليس بحسب أنظمة وآليات ديمقراطية حقيقية. انتج ذلك المجلس لجنة تنفيذية ضعيفة، كان من الطبيعي أن تعكس واقع حال الفصائل المتردي، والحضور الشكلاني الذي يخدم كيفية السيطرة على القرار.
أي ان تلك الدورة الهمروجة لم يكن مقدراً لها أن تقوم بعملية تجديد واستنهاض لمؤسسات المنظمة، ومؤسسات القرار الفلسطيني ولذلك ما كان للجنة التنفيذية أن تفعل سوى أن تقدم الخدمة للسلطة الوطنية التي طغى حضورها على حضور المنظمة.
وكما هي العادة ايضاً في زمن أوسلو، جرى تعويم اللجنة التنفيذية تحت مسمى القيادة الفلسطينية، لسهولة تمرير القرارات، التي يتخذها او يتحكم بها الرئيس حيث يتجاوز عدد الحضور غالباً أكثر من ضعف عدد اللجنة التنفيذية.
عن مبررات رغبة الرئيس في الرحيل يجري الحديث عن السن، حيث تجاوز الثمانين، وعن فشل المشروع السياسي، فضلاً عن الرغبة في التغيير القيادي وضخ دماء جديدة في عروق المنظمة المتجمدة. وبرأينا أن مسألة عمر الرئيس ليست واردة اذا اخضعنا الامور لفحص جدي، فهو يتمتع بذاكرة جيدة، وصحة معقولة، أما عن مبرر التجديد، الذي نحتاجه والكل يطالب به منذ كثير من الوقت، فإن التجديد في القيادة يتطلب التجديد في الفصائل قبلاً، وهذا ايضاً لم يتم حتى الآن، ما سيؤدي إلى إعادة التجديد للقيادة الموجودة مع تغيير بعض الأسماء.
مثل هذا التغيير يفترض أن يؤشر إلى تغيير في طبيعة المرحلة، وآليات اتخاذ القرارات، ونحو تفعيل مؤسسات المنظمة بما يتناسب وتغير الاستراتيجيات، لكن اياً من هذا لم يتم حتى الآن، اذ لا جديد في هذا السياق.
الجديد كان يستدعي تحقيق المصالحة الفلسطينية، وإفساح المجال لمشاركة كل القوى الفاعلة في الحركة الوطنية ونقصد حركتي حماس والجهاد، اللتين تجاوزت أدوارهما وتأثيراتهما كل فصائل منظمة التحرير، وأكاد أقول إن حركة حماس تقف على خط مواز لحركة فتح.
والجديد يستدعي حواراً وطنياً جدياً جامعاً، يستهدف مراجعة التجربة السابقة، والتوافق على استراتيجية جديدة، وأدوات جديدة، وآليات وأشكال وطنية لخوض الصراع مع الاحتلال على أن ألف باء هذه العملية، يفترض أن تبدأ بالاعتراف الصريح بالفشل الذريع. في الواقع فإن الذهاب في هذه الوجهة نحو عقد مجلس وطني قد لا يستطيع مئات الأعضاء حضور جلساته، ما يجعله همروجة أخرى، من شأنه أن يطلق رصاصة الرحمة على كل ملف المصالحة.
من يستطيع بعد ذلك أن يعترض على مساعي حركة حماس لتحقيق اتفاق عبر وسطاء نشيطين، يؤدي إلى تهدئة أو هدنة طويلة أم قصيرة، مقابل رفع الحصار عن قطاع غزة، وفتح المعابر وإنشاء ممر بحري؟ أي ذرائع أو اتهامات يمكن أن توجه لحركة حماس، في هذه الحالة، طالما أن المجلس الوطني في حال انعقاده سيشرع الانقسام؟ وفي الحالتين، إذا كان الأمر يتعلق بمنظمة التحرير وتجديد قيادتها، أو إذا كان يتعلق باختيار خلف للرئيس عباس فإن الحديث يدور عن رئيس للشعب الفلسطيني وقيادة وطنية وليس رئيساً لجزء وقيادة لذات الجزء، ولذلك كان لا بد من ان يتم ذلك، وفق آليات وطنية، وإلاّ فإنه لا يحق لأحد في مثل هذه الحالة أن يتهم الآخرين، أو أن يريد منهم أن ينفذوا سياساته وأجنداته.
طلال عوكل
17 آب 2015