تتطور مع الزمن عند غالبية الأحزاب والحركات التاريخية خاصة غير المؤدلجة خصائص توحد الأعضاء وتميزهم عن غيرهم ليصبح الحزب معروفا بهذه الخصائص وقد تتفوق هذه الخصائص عند بعض الأحزاب على الفكرة الأصلية التي جمعتهم كمجموعة بشرية حزبية في اطار واحد وأهم الخصائص التي ميزت الفتحاويون قبل انقلاب حماس وانقسام الوطن هي رمزية ياسر عرفات والطيبة والمحبة وندرة الاعتداء البيني العنيف أو الاستئصال لبعضهم البعض رغم ما تميزت به مسيرتهم من الشللية والإقصاء الذي لم يتطور إلا نادرا جدا لحالة الاستئصال كما في الأحزاب الأيديولوجة.
واكب تشكل حركة فتح منذ البدء موزاييك فكري جمع بين اليساري والوسطي واليميني والإسلامي وموزاييك نضالي عملياتي غلب عليه الطابع العسكرتاري لأن فتح في الأصل حركة عسكرية مقاومة ضمت منذ انطلاقتها مجموعات قتالية وتوسع اطارها لاحقا للسياسيين والمثقفين والشعراء والتكنوقراط وتل كبير من الفتحاويين البسطاء إلى جانب المقاتلين من كل الطبقات والجنسيات وتاركي الأحزاب الاخرى حيث كان هؤلاء يجدون في فتح البحيرة الدافئة التي يمكن أن تعيش فيها كل أنواع الأسماك الفتحاوية والمهاجرة.
كل هؤلاء الفتحاويون كانوا موحدين في كل محطات العمل الفتحاوي حيث ضمهم هذا السهل الممتنع وتلك البحيرة الدافئة من الوطنيه والطيبة والبساطة وكوفية ياسر عرفات ولكن في المقابل كما كل الحركات والأحزاب التي لا تميزها الأيديولوحيا ظهرت خصائص مكتسبة بدأت تتخلق مع بداية تحول هذه الحركة المقاتلة للعمل السلطوي ومكاسب الحزب الحاكم والوظائف والتسهيلات وكان التحدي منذ البدء في التحول من الثورة إلى السلطة في الطريق إلى الدولة الذي أظهر الفشل الذريع لهذه الحركة وبالمناسبة نقل عدواه وبراءة اختراعه القيادي السافر لحماس وسلطتها مما راكم كل ما نراه من انقسام للجغرافيا وعدم الولاية الكاملة خاصة على غزة هذا الجزء الحيوي الخطير في مسيرة العمل الوطني وقوة الوطنية الفلسطينية واستشاط الفتحاويون غضبا على ضياع جزء من مملكتهم وكبرت غيرتهم على حركتهم التي بدأت تتخبط وأضحت قيادتهم غير قادرة على تبرير ما تفعل من علاقات غير سليمة وخاضعة لإملاء المحتل وفساد في الإدارة والمال ووصلت حالة الضعف وذاك الانكشاف الفظيع أمام قوة كانت صاعدة مثل حماس حين طردتهم من غزة واستولت على السلطة وحيث توسعت مجموعة المنتفعين في فتح من تجار السياسة وفشل برنامج المفاوضات والسلام وتغلغلت بين الفتحاويين الشللية والاستزلام والمناطقية والمصلحية ونزاع الثروة واقتناص فرص الكسب الخاص وتراجع دور التنظيم وتراجع دور المقاتلين وتحولوا للوظائف المدنية وتوقف العمل المقاوم إلا من ردود أفعال هنا وهناك في مواجهة اجتياح الاسرائيليين.
فتح حركة التحرير الوطني الفلسطيني هذا التل الذي يختل الآن على أعتاب الذكرى الواحدة والخمسين على خلفيات كثيرة اهمها تغييب جزئيات أساسية في البرنامج الوطني وعدم تحقق و فشل ما تبنته هذه الحركة في مفاوضات عملية السلام وكذلك تغييب متعمد من القيادة لكل أشكال المقاومة بما فيها المقاومة الشعبية على خلفية غياب القائد الكاريزمي الذي يقود فتح حيث تراكم على هذه الجزئيات، وتلك، فساد المؤسسة الحزبية إداريا وانتهاك نظامها الداخلي والتحريض الفتحاوي الفتحاوي.
وباختصار شديد لوصف الحالة الفتحاوية العامة بدءً بالأحدث وانتقالا للأقدم كى نرى الصورة القريبة القادمة والقاتمة والتي قد تطيح بفتح هذا التل الذي أخذ يختل منذ سنوات وتلك الاشارات الكبيرة على امكانية توسع دائرة استخدام العنف الذاتي الفتحاوي الفتحاوي في محطات التغيير الاجبارية القادمة.
آخر موجات العنف الداخلي الفتحاوي كانت في بلدية نابلس وتسيير بعض الفتحاويين التابعين للسلطة والرئيس وتحريض الفتحاويون على الفتحاويين ولولا ذكاء ابن نابلس العظيم غسان الشكعة ووطنيته وسرعة تخليه عن موقع رئاسة البلدية لانسكبت دماء الفتحاويين في شوارع نابلس الثورة وجبل النار وهذا ما خطط له على ما يبدو ليصبح مؤكدا أن رئيس فتح انتقل من العنف الاداري واللفظي الذي بدأه بفصل القادة الفتحاويين وفتحاويين غزة الذين قطع الرئيس رواتبهم وملاحقتهم أمام محاكم صورية بعد انتهاك حرمة المحكمة الحركية التنظيمية وتجاوزها وقبلها وبعدها حالة الترهيب التي فرضت على الفتحاويين في الضفة الغربية من قبل المتنفذين في فتح والموالين للرئيس عباس ولجنته المركزية حفاظا على مواقعهم ومصالحهم وتلك الدولة البوليسية بأذرعها الأمنية المختلفة والمرعبة في الضفة الغربية على الفتحاويين قبل المواطنين الآخرين.
هنا ننبه بأن استخدام العنف بين الفتحاويين أنفسهم أصبح السمة الظاهرة والقادمة والتي أدخلها الرئيس حيز التنفيذ بسبب حالة الضعف التي لم تمكنه من استعادة غزة لتنتكس الحالة الفتحاوية بمجملها ويصبح العنف الذاتي الفتحاوي الفتحاوي هو سيد الموقف القادم وخاصة وأن استحقاقات تنظيمية كبيرة في انتظارهم ومعارك كسر العظم والإقصاء والاستئصال حيث ظهر الانقسام الفتحاوي كبيرا طوال السنوات الماضية وقطع الرئيس كل الطرق القانونية والتنظيمية والمحبة والطيبة الفتحاوية وأدخلهم لأتون العنف الذي لن يمكن الفتحاويون من عقد مؤتمرهم الذي يحضر له على باطل وتستحضر له كل أدوات الإقصاء والاستئصال لفتحاويين أشقاء إخوة وحدهم النضال الطويل ضد المحتل وكوفية ياسر عرفات.
القادم من العنف الفتحاوي لحل الاشكاليات التنظيمية سببه الرئيس بالتأكيد الذي يريد حرق فتح قبل رحيله ودعونا نرى كيف ستسير الأمور في المرحلة القادمة حيث منع الرئيس كل امكانية لإصلاح فتح ودفعها للتآكل الذاتي العنيف.
لاحظوا ما جرى فمن فتح الحزب الحاكم، وقائد الثورة سابقا، إلى حركة مشتتة متناحرة وتل بدأ يختل .. من حركة تقود العمل الوطني النضالي والتفاوضي وتفرضه على الجميع لحركة تحذر من بعيد من اتفاقيات حماس للتهدئة.. لا إله إلا الله .. هل من عقلاء ومنقذين، التل الفتحاوي يختل يا أهل هذا الحزب ؟؟ 17/8/2015م
بقلم/ د. طلال الشريف