هي الحكاية ... حكاية بطعم الشهادة وبرائحة الدماء الطاهرة الذكية تنسج حكايتها من طوباس الى جنين الى رام الله والقدس ونابلس والخليل وبيت لحم وطولكرم ، انها حكاية رفيق التاج ، ومحمد بسام عمشه ، والشهداء الذين سبقوهم ، تتجدد مع مع مقاومة وصمود الاسرى البواسل في سجون الاحتلال الإسرائيلي وفي مقدمتهم الاسير المناضل محمد علان ، وهم يحققون اليوم أسمى آيات البطولة والانتصار على العدو الصهيوني ، فقد كانت دماء رفيق ومحمد أساطير بطولة وفداء فاحت رائحتها في سماء فلسطين ، حيث تسطر تاريخا كتبه عشرات الالاف من الشهداء .
في هذا الزمن نرى ابطال يتسلحون بالعزيمة وارادة النضال من أجل تحرير الأرض والانسان وتشد من همتهم في مواجهة ظلمة السجن وجبروت السجان.. هي لحظات تاريخية تٌسجل على جدار المقاومة ،هي لحظات لابد أن يعرفها الجميع عن هؤلاء الشباب الذين يعشقون فلسطين الأرض والوطن ، فلسطين الشعب والهوية ، فلسطين الحضارة والتاريخ والوجدان الثوري .
فعلا نحن مدينون بشكل عام لكل شهيد يسقط وهو يناضل ، ولكل من عذب وقضى زهرة عمره في غياهب السجون وخاصة محمد علان ، وبصفة خاصة نحن مدينون لكل الشهداء الذين بذلوا أرواحهم في سبيل تحرير الارض والانسان . فهؤلاء الشهداء بدمائهم يؤسسون للعودة الى طريق النضال وعزته ويرسمون لها طريق مختلف عمن يحالون تمرير هدنة طويلة الامد ومن اجل فصل قطاع غزة عن الضفة الفلسطينية.
ها هم الشهداء اليوم يؤكدون للجميع ، رغم كل الحسابات والتوقعات للمخططات المشبوهة المعادية، كبيرة بحجم الوجود، واضحة بقوة الحقيقة، دافعة في المسار التاريخي والتطور الطبيعي والحتمي، الرسالة الحضارية انم شباب فلسطين تواقين للشهادة وهم مستعدين لمواجهة الاحتلال والاستيطان وكل اشكال الظلم والقهر والاستبداد، تتجمع حول مشاعلهم ثورة، صنعها قادة عملاقة ، لتكون نقطة الانعطاف في هذه المرحلة الذي تخلى فيها الجميع عن فلسطين الا الاحرار والشرفاء ، حيث ارادوا من خلال هجمتهم البربرية والامبريالية الصهيونيه الرجعية الارهابيه من تحويل بوصلة الشعوب وقواها التقدمية والقومية الى مكان اخر من خلال ما تعنيه هذه المنطقة لاعدائنا، في موقعها الاستراتيجي ومخزونها النفطي واحتياطها الاقتصادي، ولهذا كان علينا ان نعلم ما ترتكبه قوى الارهاب المتصهينة المتأسلمة بحق الشعوب العربيه ودولها بهدف الوصول لتصفية القضية المركزية فلسطين ، لتبقى هذه المنطقة فريسة سهلة، ولتستمر هذه الارض ميدانا يمارسوا فيه خبراتهم الجهنمية لنهب خيرات وثورات الشعوب العربيه من دون رقيب او حسيب، بل بمساعدة عملائهم من القوى الرجعية العربية، الذين اعمتهم العمالة فراحوا يفرشون الارض، باتفاقات ومعاهدات مسمومة يسير عليها اعداء الجماهير العربيه إلى قلب هذه الامة، يغرزون فيها خناجرهم المسمومة ويفرضون عليهم سيطرتهم الكاملة، تحت شعارات السلام المزيف المبرمج والمخطط له بالتعاون مع مشروع الاخوان المسلمين، والذي يشكل خطرا داهما ليس على فلسطين وحدها، وليس على الشعب الفلسطيني فقط، ولكن ضد المنطقة العربية ومستقبلها ومصيرها.
ونحن اليوم نودع الشهيد تلو الشهيد ،تنطلق صيحتنا لكي يسمعها العالم اجمع، وبالذات الاحصنة الخشبية ، انه لا سلام في هذه المنطقة بالقفز على جوهر المشكلة والاساس فيها، بالقفز على حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية الثابتة، بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير واقامة دولته الوطنية المستقلة فوق ترابه الوطني، تحت قيادته الوحيدة منظمة التحرير الفلسطينية.
وليكن واضحا ان دماء الشهداء، هو بكل تأكيد ستعيد رسم الاستراتيجية النضاليه من خلال تصعيد المقاومة بكافة اشكالها بمواجهة الاحتلال الصهيوني وقطعان مستوطنيه ، حيث اكد رفيق التاج ومحمد بسام عمشه وقبلهم الجمالين وكل شهداء فلسطين ان قوة الاحتلال لن ترهبهم ولا الحملات العسكرية المستمرة ولا البطش ولا الارهاب والقهر ولا الفاشيون والنازيون.
امام كل ذلك نؤكد ان شعب فلسطين سوف يحقق امانيه آت طال الزمن ام قصر، فهذه ارادة التاريخ، ارادة الدم والساعد الفلسطيني، ارادة الكبرياء ، ارادة الانتصار لاننا نؤمن بان الشعوب العربيه وقواها التقدمية والقومية واحرار العالم ستبقى بوصلتهم فلسطين وان الشعب الفلسطيني لم يكن وحده في المعركة ، هذه الحقائق يجب ان يعيها من يرسمون او يحاولون ان يرسموا خرائط المنطقة، خرائطها السياسية الجديدة او يحاولون ان يثبتوا تحالفات مقبلة متلونة.
ختاما : لا بد من القول ، امام هذا العطاء والصمود والتضحية الذي يقدمها الشباب الفلسطيني ، وامام صمود الاسرى وفي مقدمتهم الاسير البطل محمد علان ، على الجميع ان يقف وقفة تأمل من اجل تعزيز الوحدة الوطنيه ورص الصفوف باعتبارها الركيزة الهامة ومعيارا اساسيا لقدرة شعبنا على المواجهة والصمود والتصدي، حيث تعبر دماء الشهداء بذلك عن ارادة صلبة وعزيمة جبارة.
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي