ما بين النفي والتأكيد وتأكيد التأكيد ، تزداد الفجوة بين الشعب وقيادته ، حيث وصلت إلى انعدام الثقة الموجودة سابقاً والتي رسختها الليلة الماضية مهزلة التصريحات حول ما جرى في اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بخصوص استقالة رئيسها وبعض أعضائها ، وانقسم الشارع بين النفي والتأكيد ، استقال الرئيس ، لم يستقل الرئيس ، هل أصبحنا بلا رئيس ، والذي أوجد هذا الجدل في الساحة الفلسطينية هم أعضاء اللجنة التنفيذية أنفسهم الذين حضروا اجتماع مساء السبت 22/8/2015 ، فلقد خرج كل من صائب عريقات وواصل أبو يوسف من اجتماع التنفيذية ليقولا كلاما متناقضاً .
خرج الدكتور واصل ابو يوسف الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية عضو اللجنة التنفيذية ليقول : بناء على استقالة رئيس اللجنة التنفيذية وهو الرئيس محمود عباس واكثر من نصف اعضاء اللجنة، اصبح هناك فراغ قانوني وبناء عليه تمت دعوة المجلس الوطني الفلسطيني لعقد جلسة طارئة خلال شهر لانتخاب لجنة تنفيذية جديدة لمنظمة التحرير.
بينما خرج الدكتور صائب عريقات عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وأمين سر اللجنة التنفيذية نافياً للصحفيين أن يكون الرئيس أو أحد أعضاء اللجنة التنفيذية قد قدموا استقالاتهم، مشيرا إلى أن الاستقالات تقدم لرئاسة المجلس الوطني.
عضوان حضرا اجتماع اللجنة التنفيذية كل منهما يناقض الآخر بشأن لعبة الاستقالات ، من هو الصادق بينهما ، ولماذا يكذبون على شعبنا ، ولماذا يجعلون شعبنا يعيش في جدل وسجال ويؤججون الخلاف والاختلاف في داخله ، ولماذا يمارسون الترف السياسي على شعبنا ، وكأن حياة شعبنا لا ينقصها إلا الجدل والسجال ، شعبنا الذي يعيش تحت الاحتلال وفي الحصار ، شعبنا الذي يعيش مأساة قوارب الموت ، شعبنا أدرك اليوم أكثر كم هي القيادة الفلسطينية تعبث به كأنه كرة في ملعبها تقذف به حسب مزاج أعضائها .
وأمام التناقض بين تصريحات صائب وواصل يخرج صباح اليوم الدكتور أحمد مجدلاني الأمين العام لجبهة النضال الشعبي وعضو اللجنة التنفيذية ليوضح بقوله ان :"ما تم بالأمس هو الدعوة لعقد جلسة استثنائية للمجلس الوطني طبقاً للمادة 14 الفقرة ج أو ب ، وتمهيدا وتحضيرا للدعوة لهذه اللجنة، مشيرا الى أن الرئيس وعشرة أعضاء من اللجنة التنفيذية من أصل ثمانية عشر عضواً وضعوا استقالتهم في تصرف رئيس المجلس الوطني من أجل الدعوة لهذه الدورة .
على حين أن الرئيس الفلسطيني وفي لقاء الصحفيين البولنديين يقول : إنه قدم استقالته من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، مع تسعة أو عشرة من أعضائها.وأوضح سيادته لدى استقباله الصحفيين البولنديين المشاركين في المؤتمر العاشر للإعلام البولندي في الأراضي المقدسة، اليوم الأحد، في مقر الرئاسة في مدينة رام الله، أن اللجنة التنفيذية، هي حكومة دولة فلسطين وتمثل كل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، ونحن بحاجة الى تفعيل اللجنة التنفيذية، لذلك قمت بتقديم استقالتي ومعي تسعة او عشرة من اعضائها، مشيرا إلى أنه سيعقد اجتماع للمجلس الوطني خلال شهر.
السؤال الذي يطرح نفسه ، لماذا ينفي صائب عريقات تقديم الاستقالات ليعود الرئيس ويؤكدها في اليوم التالي ، وهذه ليست المرة الأولى التي يؤكد الرئيس ما ينفيه صائب عريقات ، ففي هذا الشهر ، شهر آب ، وفي اجتماع لجنة المتابعة العربية بتاريخ 5/8/2015 قال الرئيس أبو مازن (جرى لقاء قبل بضعة أيام في عمان بين الأخ صائب عريقات وسلفان شالوم بناء على طلبه، وسلفان شالوم هو نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي وهو المعني رسميا بملف المفاوضات، وتم اللقاء في 23/7/2015 وجرى الحديث حول كل عملية السلام ولماذا هي متوقفة حتى الآن وما هو المطلوب منهم ومنا بكل التفاصيل المملة،) ، هذا اللقاء نفاه صائب عريقات حين كشفت عنه وسائل الإعلام ، ليعود الرئيس ويؤكده على مسمع من لجنة المتابعة العربية .
وما يهمنا هنا ليس الاستقالات بحد ذاتها ، بل الذي يهمنا هو امكانية دعوة المجلس الوطني للانعقاد ، فما دامت اللجنة التنفيذية قد طلبت انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني لدورة طارئة في مهلة شهر من تاريخه ، لترميم عضوية اللجنة التنفيذية ، فإنه بالإمكان إذاً دعوة المجلس الوطني الفلسطيني للانعقاد في دورة عادية ، وهذا ما يؤكد امكانية انعقاد الإطار القيادي المؤقت للتحضير لانعقاد دورة عادية للمجلس الوطني ، فلماذا يتم التلكؤ بانعقادة دورة عادية للمجلس الوطني لمناقشة المرحلة السابقة ووضع برنامج المرحلة القادمة ، وإذا كان التبرير لانعقاد الدورة الطارئة هو وضع اللجنة التنفيذية ، فالواجب أن ينعقد المجلس الوطني الفلسطيني في دورة عادية كما قال أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح ، أمين مقبول ، كنا نتمنى أن يكون دعوة المجلس الوطني الفلسطيني ، لكامل القوى الفلسطينية في الساحة الفلسطينية وأن يكون بإجماع وطني ، لتفعيل وتطوير دور منظمة التحرير وانتخاب مؤسساتها وتجديد الشرعية لهذه المؤسسات.
المطلوب من رئيس وأعضاء التنفيذية الذين قدموا استقالاتهم أن يتراجعوا عنها ويسحبوها ، وأن يوجه الرئيس الدعوة فورا لانعقاد الإطار القيادي المؤقت المتفق عليه في اتفاق القاهرة لمناقشة دعوة المجلس الوطني الفلسطيني لدورة عادية ، فنحن اليوم بحاجة ماسة لأن يجلس الفلسطينيون مع بعضهم دون استثناء أي فصيل منهم ، سواء من كان منهم في غزة ، أو كان في دمشق ، وذلك في إطار المجلس الوطني الفلسطيني، في دورة مكاشفة ومصارحة بكل ما حلّ بالشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ، تنطلق من أنّ فلسطين ليست ملكا لفصيل دون فصيل ، كما هي ليست ملكا للفصائل مجتمعة ، فلسطين هي ملك الشعب العربي الفلسطيني ، هذا الشعب الذي يجب أن تراهن عليه القيادة بعيداً عن كل المراهنات الخارجية ، هذا الشعب الذي يريد قيادة فلسطينية موحدة تعبر عن تطلعاته وأهدافه في الحرية والاستقلال والعودة .
الرياض في 23/8/2015 صلاح صبحية