الروتس ووئد الثورة .

بقلم: سامي ابو لاشين

الثورات عادة تاتي كالعاصفة لا تعترف بالمعيقات والحواجز تمارس طقوسها بكل شراسة دون الالتفات للخسائر او للمعطيات او حتي للوقائع ذاته تاتي عفوية تلقائية غير خاضغة لاي قانون او نظام لذا يسمونها الانفجار .
علي خلفية قضية الشاب محمد ابو عاصي الذي حاول الانتحار عبر تناول السم جراء اضطهاد بلدية غزة له وما تلاها من ردود افعال جماهيرية لم تتجاوز الكتابة عبر صفحات التواصل الاجتماعي وبعض المقالات هنا وهناك وما لفت انتباهي اكثر اني قرات بعض الاعتراضات والتهحكمات علي زيارة السيدة مني الغلاييني صاحبة فندق ومطعم الروتس للشاب ابو عاصي وتوفيرها وظيفة له في الفندق وليلة اقامة للترفيه بعد الحادث كحل وانهاء لمعاناته الشخصية .
جاءت الاعتراضات من باب اول انها بذلك انهت المشكلة بالتالي وئدت ثورة جماهيرية كانت تتمخض
ثانيا ان هذا التصرف جاء متاخرا بعد ان لجا الشاب للانتحار واين كانت عنه سابقا .
سأتحدث بالنقطة الثانية اولا لان الاولي الحديث فيها يطول . في البداية لا اعرف كيف جاء تصرف هذه السيدة متأخرا ولنسأل انفسنا منطقيا هل هي مسؤولة عن الناس وحل مشاكلهم انها سيدة اعمال وليست قائدة او مسؤولة حكومية في هذا البلد المملوء والموبوء بالمسائيل !! هي مجرد سيدة اعمال ربطها بهذا الحادث اسم مشروعها فرات باستخدامه امر لطيف وبعد الحادث تعاطفوا مع الشاب لكن البعض المتسرع حاول الترويج ان البلدية حاربت المواطن ابو عاصي بناء علي شكوي ضد استخدام الاسم فبادرت السيدة بزيارة الشاب وعرضت عليه وظيفة وبذلك تنهي مشكلته ومعانات الشخصية واوضحت عبر مسؤول في مجلس ادارة الفندق انهم لم يستاؤوا من استخدام الاسم بل رأؤوا فيه امر لطيف واعتقد ان هذا التصريح كان رسالة للذين حاولوا حرف الحقيقة وجرهم في هذه الازمة .
وهنا انا شخصيا اسجل احترامي للسيدة مني الغلاييني علي هذا الموقف النبيل .
من ناحية ثانية بأنها وئدة ثورة جماهيرية بقيامها حل وانهاء معاناة هذا الشاب .
لا اعتقد ان احدا مؤمن او مقتنع بهذا الحديث حتي كاتبيه .. لقد بات من الواضح ان مسالة استنفار الجماهير في قطاع غزة ليس بالامر السهل فما حدث من قضايا علي مدار السنوات الماضية فاق قضية ابو عاصي كثير ورغم ذلك لم تحرك الناس ساكنا ومارست غضبها عبر صفحات التواصل الاجتماعي حتي بات الامر ظاهرة . ومحاولة القاء اللوم علي هذه السيدة النبيلة .. مع احترامي للجميع هو امر سخيف يستخف بالعقول ويعبر عن اندفاع مفكره وبعده الكلي عن واقع الوضع في قطاع غزة .
وهنا ساتحدث بصراحة.. (( لماذا لا تثور الناس ؟! )) رغم انها ارض الثورة والتمرد والعصيان المدني ورغم كل النداءات والتحريضات و .. الكثير الكثير من الدوافع !!
لماذا لا تثور الناس .. الشعوب التي تتعرض للظلم ولا تثور هي شعوب جبانة وجماهير غزة بالمطلق ليست جبانة بل هي مثال للشجاعة والتضحية والفداء .. اذا لماذا لا تثور علي ظروفها القاسية واوضاعها البائسة و هنا اذكر اربع احتمالات برأيي المتواضع ليست حصرا ولكن بتقديري الشخصي :-
1- انها خائفة من الحكومة اي جبانة وهذا غير وارد او منطبق علي جماهير قطاع غزة .
2- انها راضية عن الحكومة وهذا واضح ايضا انه غير وارد .
3- انها فاقدة الامل في البديل او لا تري فيه مخرجا من الازمة ..
4- انها تنتظر قيادة تحركها وتسبقها للميدان وهذا ما الفت واعتادت عليه ..
الخيار الاول تحدثنا انه غير وارد في تركيبة وطبيعة جمباهير قطاع غزة يبقي الخيار الثاني وهو رضي الناس عن اداء الحكومة هنا لا يخفي علي احد امتعاض واستياء الاغلبية العظمي من سكان القطاع من اداء حماس ومن الظروف التي الت اليها بعد استفرادها بالسيطر علي غزة وعجزها عن توفير متطلبات حياة الناس اضافة للغلاء الفاحش ودمار الحروب ولكن لا نغفل ان لهذه الحركة امتدادها وجماهير والتي تلتمس الاعذار لحكومتها وتقتنع من تبثه لها عبر الاعلام من هنا لا نقول هناك توازن بالراي ولكن هناك فئة ليست قليلة تدافع وليس بالضرورة (راضية) .
اما الخيار الثالث فاعتقد انه ما يجعل الناس متكاسلة في الامر خاصة في الصراعات العلنية داخل حركة فتح والاتهامات الاعلامية وما تعكسه علي صورة الحركة بالسلب اضافة لاستفراد حماس في التفاوض حول القضية وقطاع غزة بمحاولة للتخلص من الحصار السياسي دون اعطاء اعتبار لكل الموجود . وحركة فتح بدلا من ان تتجه للتماسك في ظل عالم يتجه للمجهول تخوض اعتي صراعاتها الداخلية واكثرها قبحا .. وعلي مراي ومسمع من الجماهير وحركة فتح هي المنقذ المفترض فكيف لهذا المنقذ ان ينقذ وهو يحتاج للانقاذ .. وباقي الفصائل مع جل احترامي لها غير مؤهلة ويبدو انها غير معنية .. فكيف لهذه الجماهير ان تغامر بالتغيير وهي منهكة .. منهكة جدا بالاضافة الي ان الجميع يدرك وبالممارسة ان اي مواجهة مع حماس ستكون ضارية ومكلفة .!
والخيار الرابع .
القيادة .. هناك نداءات كثيرة وجهت من قادة ومن مسؤولين للجماهير في قطاع غزة كي تثور رفضا للاوضاع البائسة التي تسبب بها حكم حماس عبر انقلابها العسكري علي السلطة الفلسطينية في العام 2007 والذي رات فيه حماس حسما عسكريا فرض عليها بعد ان وضعت في وجهها العراقيل من قبل الاجهزة الامنية حد تعبيرهم . ورغم ذلك لم يكن لهذه النداءات والتحريضات صدي مؤثر بين الناس .
وهنا ايضا ىنسال لماذا .. لماذا لم تلبي الناس نداءات التمرد من قبل قادة هي ذاتها تبدي لها الحب والاجلال .. لان جماهير غزة هي قواهد تنظيمية وليست جماهير عادية هي تنتظر قرار وليس نداء والفرق شاسع بين القرار والنداء .. ان هذه الجماهير الابية لم تكن يوما جبانة او متكاسلة بل هي باتت اكثر اداركا ووعيا .
ولناخذ مثالا فحين دعي النائب اشرف جمعة الناس للخروج في محافظة رفح لبوا و خرجوا وثاروا في وجه شركة الكهرباء وكان لهم ما ارادوا .. وليس كل الذين خرجوا انصار او محبين للنائب اشرف جمعة هم جماهير غاضبة فقد تريد احد يبدا معها او ياخذ يدها وحين بادر النائب جمعة احترموا خطوته العملية ولبوا ..............
فإلي ماذا يقودنا هذا بقودنا ان الناس كي تلبي فهي تريد قيادة بينها وسطها وليس عبر الاثير .
(الارض للسواعد التي تحرثها ومن عليها )
اعتقد اني كتبت كثيرا ولكن كتبت ما يكفي واوضحت ان المشكلة ليست بالناس بل بالذين يريدون استخدام الناس يريدون الاستمرار باستخدام الناس حسب اهوائهم وطموحاتهم دون اعطاء اي اعتبار لمشاعرهم وحياتهم الخاصة وانهم بشر .
وبعد كل هذا جميعا نسال انفسنا .. اين وصلنا .. ؟!
من اختلافنا علي طريقة تحرير القدس الي اختلافنا علي انفسنا .
تبا لنا وتبا لاي ثورة ليست القدس بوصلتها

بقلم : سامي ابو لاشين