نحو جبهة للإنقاذ الوطني الفلسطيني

بقلم: محمد أبو مهادي

قامت جريدة الأخبار اللبنانية بنشر محضر إجتماع جرى بتاريخ 28 يوليو 2015، جمع كل من الرئيس محمود عباس وصائب عريقات وماجد فرج رئيس جهاز المخابرات العامة، المحضر لخّص نقاشاً سياسياً حول مآلات العملية السياسية والموقفين الأمريكي والإسرائيلي وخطة النقاط العشر التي طرحها وزير الخارجية الفرنسي "لوران فابيوس"  كما تناول بالتفصيل والأسماء خطة الإستيلاء على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وعلى حركة فتح، ليظهر مستوى الإنحدار الذي وصل إليه الرئيس عباس وفريق التخطيط الذي يعمل معه، ويكشف بشاعة النهج التآمري الذي يقوده عباس من أجل الإستمرار في الحكم، ونزعاته الثأرية بحق عدد لا بأس به من السياسيين الفلسطينيين ما زالوا حتى اليوم شركاء نضال طويل داخل منظمة التحرير وحركة فتح.

من يقرأ المحضر كاملاً يشعر بالتقزز الشديد لما وصلت إلية حالة الرئيس عباس وعصابة التآمر التي يتسلح بها، ويتأكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا الرئيس مسكون بروح المؤامرة من قمة رأسه حتى أخمص قدميه، وأن بقائه على رأس قيادة الشعب الفلسطيني خطر و أمر مسيء لكل الفلسطينيين ولنضالات الشعب وتضحياته الجسام من أجل الحرية والإستقلال، واستهانة بقدرة الشعب الفلسطيني على صناعة التغيير ولفظ العوالق التي لصقت بجسد الثورة الفلسطينية وحاولت تسميمه وحرفه عن مهام التحرر الوطني التي كانت وما زالت وستبقى هدفاً رئيسياً للفلسطينيين أينما وجدوا.

ترجمة هذا الإجتماع دخلت فعلياً حيّز التنفيذ  في إجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الأخير في 22 أغسطس 2015 ، الذي تمخض عن إستقالات وهمية لعشرة عبيد من أعضاء اللجنة التنفيذية كمقدمة لإجبار المجلس الوطني الفلسطيني على الإنعقاد بشكل طارئ "وبمن حضر"، وبجدول إجتماع يحتوي على بند واحد فقط يتمثل في إعادة إنتخاب اللجنة التنفيذية للمنظمة، وبذلك يضمن عباس أن يشارك في الإجتماع عدد أقل من ثلثي أعضاء المجلس الوطني، كما يضمن عدم مشاركة حركتي حماس والجهاد الإسلامي والنائب محمد دحلان وآخرين ممكن يشكلون كتلة مانعة ضد مخططات الهيمنة الكاملة التي يسعى عباس لتحقيقها كحاجز صد أخير يوفر له وقتاً إضافياً للإستمرار في الحكم.

البحث عن الشرعية لا يتأتي من خلال صفقات المؤامرة التي يديرها عباس داخل فتح ومع بعض الأحزاب، والمجلس الوطني الفلسطيني بما له وعليه إن أعاد إختيار محمود عباس رئيساً للمنظمة، فهو لن يوفر له حصانة  من محاسبة الجماهير التي ضاقت ذرعاً من فصول المهزلة العباسية على مدار عقد من الزمان، تراكمت فيها جملة من الأزمات السياسية والإقتصادية والإجتماعية بفعل فساده وفساد عصابته، وعدم رغبتهم في تحصين وتمتين الجبهة الداخلية الفلسطينية ليستمروا في نهب المال العام والتفرد بحكم الشعب وتعطيل أي عملية مصالحة تفضي إلى إنتخابات عامة يكون للشعب فيها القول الفصل.

من الواضح أن محمود عباس سيمضي في مشوار الهدم حتّى النهاية، بدون أي رادع وطني أو أخلاقي ومهما كلّف الثمن، وسيجعل من منظمة التحرير مؤسسة طيّعة بتصرفه، بعد أن رفض الإنصياع لجملة من قرارت مجلسها المركزي ولجنتها التنفيذية، مما يستدعي إستنهاض حالة وطنية جبهوية حقيقية تضع حداً لحالة الإنهيار الحاصلة وتصوغ خارطة طريق وطنية وسياسية تستعيد من خلالها وحدة الشعب والموقف، وتنقذ المجتمع الفلسطيني من ويلات إنهيار متوقع في كل لحظة سيدفع فيه الشعب الفلسطيني ثمناً غالياً وتستفيد منه إسرائيل.

بقلم/ محمد أبو مهادي