ولأني ابن مرحلتهم ومارست العمل السياسي والوطني ولست في مواقعهم لأني من فكر آخر وكنت في حزب عريق آخر لا يمارس أداتهم النضالية ولا يمتلك شعبية أحزابهم رغم أنني مختلف عنهم في مجال العمل والمهنة والدراسة وإلى حد ما في نوع الثقافة وكما قلت الفكر وهذا قد أتحدث به في مقال آخر، أما هنا فسأتحدث بما هو قاسم مشترك بيني وبينهم ألا وهو الطبقة الاجتماعية التي انحدرنا منها جميعنا وهي الفقر والقاسم المشترك الثاني وما نحن نعمل به الآن أربعتنا وهو العمل السياسي والوطني أكاد متيقنا من دافع الصدق الذي أنطلق منه لإنصاف هؤلاء الرجال وتعب السنين الذي غلف حياتهم وأضاع من أعمارهم وأسرهم وراحة البال التي فقدوها في بادرة غريبة للحديث عن السياسيين من طرف السياسيين الذين يتحدثون عن الآخرين من غير أحزابهم بصدق واحترام وبلا حسد بل بفخر واعتزاز.
وهنا لن نناقش مآخذ وسلبيات وأخطاء هؤلاء الابطال ولن نحاول قراءة هذه النسب وحيثياتها وتبدلاتها للمستقبل ولن نتحدث عن أشياء يتحدث عنها الجمهور كما يريد بل سنتحدث عن جانب "حياتي إنساني" في مسيرة هؤلاء الأبطال.
الدافع وراء كتابة هذا المقال هو تربع مروان وهنية ودحلان على قمة المرشحين للرئاسة الفلسطينية حسب استطلاع مركز القدس للإعلام والاتصال ومن سيخلف الرئيس عباس إذا ما أجريت انتخابات رئاسية الآن.
لا تربطني علاقة بمروان البرغوثي سوا أنني مواطن فلسطيني تابع مسيرة هذا الرجل منذ أن لمع نجمه في الدفاع عن برنامج حزبه حركة فتح مع بدايات نشوء السلطة الوطنية التي بنيت على اتفاق السلام لمرحلة أوسلو وطول مدة أسر مروان البرغوثي قبل وبعد أوسلو حين غير مروان موقفه من أوسلو واستأنف العمل المقاوم وخكم عليه بالسجن المؤبد مضاعفا ومغلظا بالسنين الطوال وكم عانى هذا البطل من العذاب والسجن والترحيل وكابد في حياته وسجنه ومحاولات اغتياله وحرمانه من أسرته وكم عانت أسرته وزوجنه وهي تطوف الأرض لتشرح قضية فلسطين وقضية زوجها وكيف كبر الأولاد وتزوجوا في غياب والدهم مثل كثير من القادة الفلسطينيين خلف القضبان والأسر وأحيانا وصل بهم الاهمال من قبل المتنفذين في السلطة حد القطيعة ولذلك ينصف شعبنا هذا القائد مروان البرغوثي ونعتز برأي شعبنا في خياراته ونتمنى أن تتاح لهذا الشعب الفرصة للتعبير عن رأيه في الانتخابات القادمة.
اسماعيل هنية صديقي واعتز بصداقته نختلف معه أو نتفق يحمل رؤيا مغايرة لرؤيتنا ولكنه جاري ورفيق الصبا في نادي خدمات الشاطئ وابن حارتي ورفيق الفقر المدقع الذي عشناه في أزقة مخيم الشاطئ يوم كنا نجري حفاة وكبرنا وأصبحنا لاعبين كرة قدم ولا نملك حذاء للعب به وليس لدينا ما يسد الرمق، هنية هو قائد حماس في غزة والضفة الغربية أيضا وكابد الأسر والسجن ومعاناة الأهل والأسرة والغياب عن الزوجة والأطفال ومحاولات الاغتيال وثلاثة حروب شرسة هدم فيها بيته وتعرض لضغوطات كبيرة في الاختباء وتغيير المكان عن أعين العسس والمخبرين للصهاينة وحمل مسؤوليات حركته في أوقات الشدة وتلاطم الأمواج العاتية في فلسطين ومن حولها.
محمد دحلان هذا الصديق الحبيب المقرب إلى القلب ليس لي فقط بل لأبناء شعبه وبعد كل مؤامرات التشويه وتلك المعاناة في السجون الابعاد واتحادنا في جذور الفقر أيضا إبن مخيم خان يونس هو القائد الفتحاوي العجيب الذي كلما حاول المناوئون عزله وابعاده عن شعبه ينزل عليهم كالصقر ليحضر لشعبه ما يسد الرمق في وقت الشدة وكان له أن يعيش أفضل مما لو كان رئيسا لفلسطين ومشاكلها ولكنه ابن فلسطين الذي لا يمكنه العيش خارجها فكم هو يتجرع السم ببعده وبالتآمر عليه ووالله لو كان هذا الرجل ساحرا لما استطاع سحر هذا الشعب الذي له حاسة سادسة كما قلنا بالمخلصين له فلو تعرض أي شخص ’آخر في فلسطين لما تعرض له محمد دحلان لانتهى ألف نهاية فقد عاني من الابعاد من سلطات الاحتلال سابقا إلى الاردن فالعراق فمصر فليبيا فتونس وعاد إلى فلسطين ومرة أخرى ابعاد قصري ومطاردة ومحاكمات ومحاولات سحب نيابته التشريعية وتجريده من حقه التنظيمي بطريقة عدوانية وتهم ما أنزل الله بها من سلطان فكيف بالله سيكون الأثر السلبي على عائلته واسرته التي ماانفكت ترحل من دولة لأخرى ويتنقل أبناؤه من مدرسة لأخرى ولم يتهنى بالنوم في بيت له طوال هذه السنين وفقدان تلك الذكريات الجميلة التي تربط الانسان ببيته والولد بمدرسته ولكن شعبنا يعرف ما لا يعرفه الحاقدون يهب في كل استطلاع ليعطي هذا الرجل حق يفتخر به ويفاخر به الفاشلين فيتربع مع مروان وهنية على عرش الرؤساء القاددمين لخلافة أبو مازن وقيادة الشعب الفلسطيني في المرحلة القادمة .
ولأن شعبنا له حاسة سادسة بمعرفة وتقدير الوطنيين الأصيلين لم يتأثروا بكل البروباجندات التي مرت عليهم لقادة وزعماء تصوروا أنهم يملكون أو سيملكون فؤاد هذا الشعب فكان قرارهم في هذا الاستطلاع أن يختاروا مروان وهنية ودحلان وربعوهم على عرش الخلافة.
تقدموا أيها الاصدقاء فلكم المجد ولنا الفخر
بقلم/ د. طلال الشريف