القطاع الخاص الملاذ الوحيد في حل مشكلة البطالة في فلسطين

بقلم: رائد محمد حلس

يواجه الاقتصاد الفلسطيني، عدداً من المعيقات والاختلالات الّتي تعيق نموّه وتطوّره، ولعلّ أهمّ هذه المعيقات هو الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة، نتيجة الوضع السياسي القائم، بالإضافة إلى الخلل الهيكلي في كافّة القطاعات الاقتصاديّة الّذي رافق هذا الاقتصاد منذ النشأة.
وتُعتبر مشكلة البطالة، وما ينتج عنها من آثار اقتصاديّة واجتماعيّة، هي الانعكاس الحقيقي لهذه المعيقات والاختلالات، والّتي تُعتبر بذات الوقت التحدّي الأوّل الّذي تستهدفه البرامج والخطط الاقتصاديّة الّتي تتبنّاها الحكومة من أجل دفع الاقتصاد نحو التطوّر والنموّ.
وفي هذا السياق تشير إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى نسبة البطالة في الأراضي الفلسطينية لا تزال مرتفعة, فقد بلغ معدل البطالة في الأراضي الفلسطينية 25.6% من بين المشاركين في القوى العاملة خلال الربع الأول من العام 2015, وبلغ عدد العاطلين عن العمل حولي 326100 شخص في الربع الأول 2015, وسجلت أعلى معدلات للبطالة في صفوف الشباب " الفئة العمرية 20-24" والتي بلغت 41.5% في الربع الأول 2015.
أمام هذا الارتفاع في معدلات البطالة وفي ظلّ توقّف القطاع العام عن استيعاب المزيد من الأيدي العاملة، بسبب تدنّي إنتاجيته، ومعاناته من البطالة المقنّعة، وبسبب الأوضاع السياسيّة المحليّة والدوليّة، الّتي تسبّبت في إغلاق أسواق العمل الخارجيّة أمام العمالة الفلسطينيّة، بالإضافة إلى سياسة الحصار والإغلاق المستمرّ، الّتي فرضتها إسرائيل على القطاع، بجانب الاعتداءات المتكرّرة خلال السنوات الأخيرة، فإنّ القطاع الخاص يصبح الملاذ الوحيد المعوّل عليه في حلّ مشكلة البطالة، خاصّةً وأن عرض العمالة في تزايد مستمرّ، خصوصاً من خرّيجي الجامعات والمعاهد العليا.
إن نجاح القطاع الخاص في حل مشكلة البطالة يتطلب تدخّل الحكومة الفلسطينية بشكل قوي وفعّال, لتعزيز دور القطاع الخاص كفاعل هام وأساسي في عمليّة التشغيل, من خلال إقامة علاقة شراكة حقيقيّة بين القطاعين العام والخاص, تستند إلى تكامل الأدوار بينهما, وذلك للشروع في معالجة التشوّهات الهيكليّة طويلة المدى في سوق العمل.
كذلك ضرورة العمل على ربط الجهد الإغاثي بالنشاط التنموي, بحيث تتّجه الحكومة إلى توجيه نشاطات الإغاثة نحو القطاعات والنشاطات الاقتصاديّة الإنتاجيّة, الّتي تخلق طلباً كبيراً على العمالة هذا من ناحية, ومن ناحية أخرى العمل على دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة, من خلال إنشاء صندوق يرعى برامج الإقراض التنموي لهذه المشاريع, وتقديم التسهيلات الائتمانيّة والخدماتيّة, والمساعدات الفنيّة والتدريبيّة, والاستشارات التسويقيّة لهذه المشاريع.
كما يجب التركيز على إصلاح النظام التعليمي والتدريبي, من خلال ربط نظام التعليم والتدريب المهني, باحتياجات أسواق العمل المحليّة والخارجيّة, وتوفير برامج تدريبيّة متنوّعة ومتطوّرة لرفع كفاءة القوى العاملة, وتوفير برامج لإعادة تدريب العاطلين عن العمل لتحسين مهاراتهم وقدراتهم الفنية والعملية, والعمل على توفير البيئة الاستثماريّة الملائمة والمحفّزة، والجاذبة للاستثمارات المحلّيّة والأجنبيّة.

بقلم //
رائد محمد حلس
باحث في الشؤون الاقتصادية
غــــزة – فلسطـــــــين