ما زالت الأعراس الفلسطينية التي تبلغ ذروتها هذا الموسم تزدان بطقوس الحناء للعريس والعروس، فهي ترمز بلونها المائل للحمرة إلى عنوان الفرح. لكن نبتة الحناء كانت في الأصل تستخدم كمادة طاردة للحشرات المعششة في الشعر ومطهّرة للجلد كما تؤكد الباحثة في التراث الفلسطيني نائلة لبس. وتوضح لبس لصحيفة "القدس العربي" اللندنية أن هناك أغان معينة ترافق عادة حفلات الحناء بمحطاتها المختلفة. وتستذكر الباحثة في الفولكلور الفلسطيني أن رحلة أهل العرس تبدأ مع الحناء منذ نزول "الكسّاية" أي مجموعة النساء من قريبات العريس لشراء الكساء "الكسوة" للعروس وكل لوازمها استعدادا للعرس. وبهذه المرحلة تغنى عادة الأغنية التالية وبالعامية:
نزل يشتري حنا هالعريس
نزل يشتري حنا يا لالا
هالعروس اللي منا بتلبقلو
هالعروس اللي منّا يا لالا
نزل يشتري طقومه هالعريس
نزل يشتري طقومه يا لالا
هالعروس المزيونه بتلبقلو
هالعروس المزيونه يا لالا
نزل يشتري خزانه هالعريس
نزل يشتري خزامه يا لالا
هالعروس الحيّانه بتلبقلو
هالعروس الحيّانه يا لالا
مرّي ع بيت البنّا يا عروس
مرّي ع بيت البنا يا لالا
وان كان بيّك أنّا للعريس
وان كان بيّك أنّا يا لالا
مرّي ع بيت القاضي يا عروس
مرّي ع بيت القاضي يا لالا
وان كان بيّك راضي للعريس
وان بيّك راضي يا لالا
وتسارع لبس للتوضيح أن القصد من قول "العروس اللي منّا" أي من عائلتنا وليست غريبة أما "طقومه" فتعني ثياب المناسبات، وهي في العادة فستان مع جاكيت أو تنورة مع جاكيت والعروس "الحيّانة" هي كثيرة الحياء، وهي من الصفات المحببة بالبنات. والقول "بيّك أنّا" تعني أنه إذا صمم والدك، بمعنى أنه راضٍ على البناء الذي تمّ لتسكنه ابنته العروس.
وتنبه لبس أن الأغنية تستعرض المشتريات التي يتم جلبيها من السوق، وفي مقدمتها الحنّاء.
العودة من السوق
وبعد اقتناء الحناء من السوق وقبيل احتفالية جبل الحناء تغني النساء أغنيات خاصة بهذه المرحلة :
حنا ولك يا جابل الحنا
هاذا العريس عروستو منا
هيل ولك يا جابل الهيل
هادا العريس وانا ازفو عالخيل
لمّام ولك يا جابل اللمام
هادا العريس وانا احضر الحمّام
ريحه ولك يا جابل الريحه
هادا العريس عروستو مليحه
قرفه ولك يا جابل القرفه
هادا العريس وانا احضر الزفّه
زيت ولك يا جابل الزيت
هادا العريس وانا اععزمو ع بيتي
وتلاحظ لبس الموتيف المتكرر في الأغنية المتمثل بذكر النباتات المعطرة الفوّاحه: الحناء، الهيل، اللمام (الزعفران)، الريحة (العطر) القرفة، وأخيرا الزيت للتبرّك. وتدعو للتنبه أن كلمة "حنا" في مطلع الأغنية تعني "نحن" وكلمة "حنا " الأخيرة تعني الحنّاء.
أغاني "جبل الحناء"
وبالنسبة للعروس يبدأ الحفل التقليدي بطلي الحناء على يديها ورجليها وشعرها في ليلة الحناء الطويلة بعد وضعه في "صرّه" لكل المشاركات. قبيل الاحتفالية تقوم واحدة من قريبات أو صديقات العريس أو ربما والدته بزياره الأهل وتوزع صرات الحناء على البنات والسيدات، وهي بمثابه دعوه لهن لحضور العرس، وبالمقابل تقوم ربّه البيت بإعطاء أهل العرس حزمة حطب أو كمية من الماء التي تكون قد جلبتها من عين البلد خصيصا لما يعرف في تقاليد الفرح الفلسطيني "جبل الحناء". ولأن مهمة "جبل الحناء" تحتاج لوقت طويل لإنجازها، فيعمد المشاركون في الفرح للمزيد من الأغاني ريثما تنتهي المهمة ومن المعروف أن الأغاني ترافق جميع ممارسات العرس في كل مراحلها.
وتشير لبس إلى وضع الحناء في وعاء يتسع للكمية المراد جبلها، ثم يشرع بعملية العجن تماما مثل العجين بعد إضافة الشاي والقليل من الخميرة وكلما جفّ يضاف ماء "شاي" حتى تصبح مادة الحناء لزجه يسهل تمددها على الأيدي أو الشعر أو الأرجل.
وتقدم الباحثة نائلة لبس أغنية تستعرض أماكن وضع الحناء تغنى أثناء الجبل:
يا حنّا يا اخضر يا لايق ع ديّي
وانت يا عريس يا غالي عليّي
يا حنّا يا اخضر يا لايق عَ شعري
وانت يا عريس يا رافع لي ظهري
يا حنّا يا اخضر يا لايق عَ كفوفي
وانت يا عريس يا غالي عَ ضيوفي
يا حنا يا اخضر يا لايق عَ راسي
وانت يا عريس غالي على الناسِ
يا حنّا يا اخضر يا لايق عَ كمّو
وانت يا عريس غالي على امّو
يا حنا يا اخضر يا لايق عَ عقالو
وانت يا عريس غلي على خوالو
يا حنا يا اخضر يا لايق عَ كمامو
ونت يا عريس غالي على عمامو.