تربينا على أنات سندريلا من ظلم زوجة أبيها، وتغريبة بياض الثلج بعيدا عن بيتها بسبب زوجة أبيها، وتُهنا مع التوأمين الذين تخلى أبوهما في الغابة عنهما فوجدا بيت الحلويات الذي تسكنه آكلة الأطفال، أمتعتنا الحكايات التي رواها لنا الأهل، وشاهدناها على التلفاز والمسرح وأصبح حلم بعض الفتيات أن تكون حياتهم كبطلات هذه القصص، وبحثنا بين الصور الملونة عن عبرة تستحق الإلتفات إليها فأعيانا البحث، لكننا وجدنا صورة قبيحة للزوجة الثانية تملكت عقولنا وأثرت على جانب من حياتنا الإسلامية وقيمنا وعاداتنا، فأنكرنا المعروف وحرمنا المباح وتركنا ما أحل الله واتبعنا السبل.
لا شك أن الإسلام أعطى المرأة حقوقا أرجعت لها قيمتها كإنسان كامل، وهذا ما لم يكن في اعتقادٍ آخر، فقد سلب منها الحرية السلبية بكل أبعادها النفسية والعضوية، فأصبحت جوهرة لا تستمتع إلا مع رجل واحد، بأحكام تحافظ على صحتها وتحفظ كرامتها، وأعطاها بالمقابل حقوقا مادية ومكانة واحتراما في كل مراحل حياتها كابنةٍ وأختٍ وزوجةٍ وأمٍّ وجده، بل وعانسٍ وأرملةٍ وفاقدةٍ للزوج ومطلقةٍ وأمٍّ وحيدة، وراعى الاختلاف في نسبة الجمال والقدرة على إشباع حاجة الرجل اجتماعيا وجسديا،لا يمكن أن يجمعها إلا الدين الإسلامي الحنيف.
مرت المرأة بمحطات تنوعت من الإباحية المطلقة عند قدماء الفرس، إلى سلعة تجارية للزوج عند اليونان، إلى غياب القيمة والكرامة عند الرومان،ثم إلى عبءٍ ثقيل على العالم يجب عليه أن يحترق مع الرجل إذا مات عند الهنود، ووصلت إلى أنها لعنة سلطت على الرجال لإخراجهم من الجنة تعامل أقل من البهائم في شرع رجال الدين اليهود، وأضحت كائنا تعقد المؤتمرات للبحث عن علاقته بالروح البشرية والجسد ثم هي أصل المعاصي تابعة لزوجها حتى باسمها تعيش معه وحيدة فإن كرهها حكم عليها أن تعيش زانية ولو تزوجت غيره في ديانه القسيسين والرهبان، وقد اختلف العرب بتعاملهم معها فمنهم من وأدها طفلة وباعها صبية واستبضعها زوجة وورثها أرملة وأهانها عجوزا، ومنهم من أكرمها وحافظ عليها وترك لها حرية الملكية والتجارة، بل أن من الرجال من ألصق اسمه باسم والدته أو محبوبته.
وقد أكرم الله المسلمة بميزة أعطتها أملا في الحفاظ على أخلاقها وشرفها في حياة مستقرة تحت رعاية زوجها، وأن تبني أسرة كريمة تنعم فيها بإحساس الأنوثة والأمومة، حتى وإن خانها سحر العيون وجمال الوجه وحسن القوام بل وتركها قطار الزواج الأول، بل أنها تحفظ كرامتها وترفع رأسها إذا غاب عنها المعيل زوجا أو أهلا فلا تحتاج أن تريق ماء وجهها أو تسم نفسها بما يشينها ومن تنتسب إليه ابنا أو أبا ...
وهي في أمن الإسلام لا تخشى إن كرهها زوجها فغض طرفه عنها، أو عشق سواها أو رغب في متعة من متع الدنيا لا تكون إلا بالزواج، بل لعلها تتعب من رغبات الزوج وطلباته أو ترغب عنه وتريد أن تربي أبناءها في ظل أبيهم ورعايته، ولو ابتلاها الله بعلة منعتها من إعطائه حقه من الرعاية والاهتمام، أو لم يرزقها الله بالذرية كان لها حل يقيها وزوجها غدر الأيام وفاقة الهرم والعجز وبقيت رغم ذلك كريمة عزيزة على زوجها وأهله.
تزوج النبي خديجة بنت خويلد ثيّبا ثم أتبعها بسودة بنت زمعة أما لست أبناء وتزوج بعدهم عائشة وغيرها من النساء حتى اجتمع عنده تسع نساء لم يرضين عنه متاع الحياة الدنيا إذ خيرهن الله به وبالحياة معه، وكان تعدد الزوجات شائعا مستساغا بين الصحابة والتابعين حتى لم نجد من استفتى فيه رجلا أو امرأة، وكيف يستفتى بما فعله النبي وأمر به وأقر الصحابة عليه بل ظهرت فوائده في المجتمع الإسلامي من الكثرة والقوة والتآلف والتضامن بين الأفراد والقبائل والمجموعات.
مأساة الزواج الثاني أنه جريمة لا تخالف شرع الله ولا القانون، يقف المجتمع متشنجا يظن بأنه يدافع عن المرأة والأسرة، في حين أنه يحرم المجتمع هدية اختص الله بها أمة الإسلام يمكن أن تكون حلا لكثير من مشاكله ورفضنا لها جعلها أكبر، بل أنه أصبح معولا لهدم المجتمع من لبنته الأساسية حاضنة الأجيال وناشرة القيم والدين في أجيال المسلمين، وقد كانت أول ما استهدف في أمة الإسلام، فالأسرة الإسلامية كانت كثيرة العدد واسعة الرزق مستقرةً مترابطةً تسير تحت راية الأب وفق منهاج الله، لا يهزها أنانية امرأةٍ ولا نزوة رجلٍ أو حاجةٍ طرأت على الرجل أو الأسرة كان حلّها جزء من شرع الله مباح أو مندوب أو فرض.
ولا ننكر حالات ظَلَمت فيها زوجة، أو تهدمت فيها أسرةٌ لتطرّف الزوجان أو أحدهما في هذا الأمر وجهلهما بل عدم اتباعهما شرع الله وهو حجة عليهما لا أن تكون قصتهما حجةً على شرع الله، وقصص النجاح أكثر من أن تعد، ولو عاد الأمر كما كان لاختفت من الدنيا العنوسة والخيانة الزوجية ويتم الأطفال وآباؤهم أحياء، بل لم يكن للطلاق معنى أو حاجة إلا إذا هرب الاهتمام والمودة والرحمة بين الزوجين، وعاشت المرأة مكرّمة عزيزة النفس على أي حال.
بقلم/ أسامة نجاتي سدر