مما لا شك فيه بأن الحكومة الصهيونية اليمينية الحاكمة في تل الربيع تعمل على استغلال الانشغال العربي بالأوضاع المتفجرة في العواصم العربية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر والوضع الفلسطيني الداخلي المشرذم والمنقسم والمصنوع له ملهاة داخلية سواء عامة او خاصة لكل مواطن- الكهرباء ,البطالة ,الحصار- بحجم ما يجعله مشغول عن القضايا الوطنية العامة ,بكل تأكيد هذا ليس محض الصدفة .
حقيقة اليوم لابد أن ينحني الجميع اجلأ واكبارا لأهل القدس بشكل عام وأهلنا في الداخل المحتل لهذا الصمود وهذا التحدي والإصرار على نصرة الأقصى وحمايته من الاطماع الصهيونية وحمايته من محاولة الصهاينة جعل الخرافات التلمودية الزائفة واقعا أمام أعين العالمين العربي والاسلامي واسقاط كل عمليات البطش والتخويف والتقسيم والمنع التي يعمل الصهاينة على جعلها أمرا واقعا يتقبله المواطن العربي والفلسطيني كما حدث في المسجد الإبراهيمي ومن ثم يعملون على هدم الأقصى بأي وسيلة مرئية أو مخفية وينفذون الحلم الشاذ .
وهنا السؤال ألا يستحق الصمود الأسطوري لأهل القدس تنازل أدعياء التغيير والجهاد والمقاومة وأصحاب الاجندات الحزبية التي تتساوق مع حكومة الاحتلال العمل على أعادة اللحمة الى شطري الوطن من أجل مواجهة هذا الأجرام الصهيوني بيد واحدة وصوت واحد وعزيمة وطنية خالصة ,لكي نتمكن من حشد كل القوى العربية والاسلامية واحرار العالم خلف قضيتنا ,أن الفعل الجماعي على الدوام حقق انجازات لها مرودها الواضح في القضايا الوطنية العامة ,حيث كنا وقضيتنا ونحن موحدين في مقدمة اهتمامات العرب والمسلمين ولكن وبعد الخريف العربي الذي مزق جسد الأمة والتي بات الحكام الجدد والمحكومين كلن مشغول بهمه ,لا بل تعمل الالة الصهيونية الاعلامية بكل جهد على استغلال حالات الهجرة التي اجبر عليها الكثير من الشعوب العربية نتيجة الديمقراطية الامريكية الخلاقة لترويج لميلاد احزاب يمينية أوربية تكون مساندة لليمين الصهيوني وتقوم بنسف سنوات الكفاح السلمي على الساحة الاوربية والدولية التي أوصلت الشعوب الاوربية الى مقاطعة ومحاصرة كل ما هو صهيوني .
من هنا المطلوب على الساحة الفلسطينية أولا ومن الجماهير الفلسطينية بشكل عام دفع كل القوى لأخذ دورها في العمل على رص الصفوف وتوحيد شطري الوطن والتوافق على برنامج وطني جامع وشامل من أجل العمل على الأصعدة كافة ,المحلي من أجل الأخذ بيد المواطن والعمل على تعزيز صموده وخاصة في القدس وباقي اماكن تواجده ليكون الالتفاف حول المشروع الوطني كلن حسب امكانياته ,العمل على ايجاد اقتصاد وطني مقاوم قادر على التخلص من التبعية الصهيونية بالتدريج والعمل على تعزيز روح الاعتماد على المنتج المحلى ومقاطعة المنتج الصهيوني من خلاص انتاج منافس ,العمل على اقحام رأس المال الفلسطيني في الداخل والخارج في تلك المعركة الوطنية من خلال تشيع هذا المال بالغماس في تلك المعركة المصيرية .
على الصعيد العربي الاسلامي يكون من خلال اعادة الاهتمام العربي الاسلامي بالقضية الفلسطينية وتحميل القادة العرب مسئولياتهم امام شعوبهم لأخذ دورهم الذي يجب أن يخرج من طور التنديد والاستنكار التي شبعت منها القدس والشعب والعمل على مخاطبة العالم باللغة التي يفهمها اليوم وهي لغة المصالح وما اكثر مصالح القوى المؤثرة بالعامين العربي والاسلامي شعوب وحكام ,والعمل على اشراك الشعوب بشكل مباشر في تلك المعركة من خلال القرب والبعد عن تلك الدول بحجم القرب والبعد عن القضية الفلسطينية والقدس ,وعلى الحكام العرب اعادة هيكلة علاقاتهم الاستراتيجية مع القوى الكبرى بما يحقق مصالح وقضايا شعوبهم وامتهم .وهنا اخص بالذكر بعض الدول العربية والاسلامية التي تحتفظ بعلاقات بشكل أو بآخر مع دولة الاحتلال عليها ان يكون القدس بوصلة محددات تلك العلاقة وخاصة المملكة الاردنية صاحبة الولاية القانونية على الاقصى وعلى تلك الدول الدفع بشعوبها الى زيارة الأقصى بشكل فردي وجماعي لكسر العزلة عنه التي يحاول الصهاينة فرضها .
بقلم/ نبيل عبد الرؤوف البطراوي