اعلان الحرب على القدس والمقدسات هدف صهيوني قديم جديد..!

بقلم: أكرم عبيد

يقول كبير المجرمين الصهاينة ديفيد بن غوريون أول رئيس وزراء لسلطات الاحتلال الصهيوني  ( لا معنى لإسرائيل دون القدس ولا معنى للقدس دون الهيكل )

لا شك إن اعلان الحرب على القدس ومقدساتها مخطط صهيوني قديم جديد يستهدف تهويد القدس وإفراغها من سكانها بقوة الاحتلال وتقسيم الاقصى زمانياً ومكانياً كمقدمة لهدم المسجد الاقصى وبناء ما يسمى الهيكل الثالث المزعوم على أنقاضه لتتمكن سلطات الاحتلال الصهيوني من إعلان تأسيس ما يسمى الدولة اليهودية العنصرية وعاصمتها القدس الموحدة كما يحلمون .

وفي ظل محاولة فرض سياسة الأمر الواقع على القدس بشكل خاص والأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل عام كانت هذه البوصلة ومازالت تحرك الأطماع الصهيونية والنزعة العنصرية التوسعية الإجرامية منذ ولادة مشروعهم العدواني وحتى اللحظة الراهنة لتحقيق حلمهم التوراتي التلمودي الخرافي الأسطوري المزيف الذي يستهدف تهويد القدس وفك ارتباطها مع محيطها العربي الفلسطيني في الضفة الغربية وخاصة بعد توقيع ما يسمى اتفاق أوسلو سيء الذكر عام 1993/ وملاحقه الامنية والاقتصادية التي أسست لسياسة إغلاق المدينة المقدسة أمام المواطنين الفلسطينيين وحرمانهم من دخولها  كما شّرع لإغلاق المؤسسات الوطنية الفلسطينية وخاصةُ بعد انتفاضة الأقصى عام 2000 وفي مقدمتها بيت الشرق والغرفة التجارية ومركز المشاريع الصغيرة ومؤسسة الرفاهة ولجنة التراث وغيرها من المؤسسات الوطنية في القدس المحتلة .

وللأسف إن هذه الخرافات التوراتية التلمودية اليهودية المزعومة تمت حياكتها بدقة متناهية وتحاول العصابات الصهيونية شق الطريق لترجمتها على ارض الواقع لتصبح حقيقية بدعم ومساندة الكثير من الانظمة الدولية على الصعيدين العالمي والاقليمي ومنها بعض الانظمة العربية والاسلامية المتصهينة المتحالفة مع الكيان الصهيوني من النظام الوهابي السعودي الى النظام القطري والتركي العثماني الاردغاني الغادر.

وانطلاقا من هذه الحقيقة فإن المشروع الصهيوني المخطط للسيطرة على المسجد الاقصى المبارك وتهويده زمانياً ولاحقاً مكانياً ليست وليدة الساعة والأيام الأخيرة بل بدأت فعلياً في منتصف العام الماضي عبر إجراءات وقرارات اتخذتها  السلطات الامنية الصهيوني بدفع من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي تحدث آنذاك عن "حق اليهود في زيارة المكان".

 لكن عملية حرق الفتى الفلسطيني محمد أبو خضير الاجرامية وقتله على أيدي المستوطنين والاحتجاجات التي أعقبت ذلك في القدس والأراضي المحتلة دفعت سلطات الاحتلال الصهيوني إلى تأجيل قرارها لوقت لاحق.

وفي الحقيقة أن سلطات الاحتلال الصهيوني لم يكن في حسبانها أن تقسيم ساحات الاقصى على الصعيد الزمني يحتاج اولاً إخراج المرابطين الفلسطينيين منه كونهم يشكلون خط الدفاع الاول  لمواجهة كل محاولات العدو العدوانية على الاقصى  التي يقودها المستوطنون بحماية مكثفة من جنود الاحتلال .

على هذه الخلفية ترأس رئيس سلطات الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو جلسة خاصة بمشاركة وزيري الأمن والداخلية والأجهزة الأمنية لبحث السبل الكفيلة بحل "ظاهرة راشقي الحجارة والزجاجات الحارقة".

 وطالب نتنياهو بسنّ قانون خاص يجرّم هؤلاء بعقوبات حد أدنى من شأنها أن تحدّ هذه الظاهرة كما سمّاها مكتبه الذي سرّب إلى الإعلام كلاماً منسوباً له يقول فيه إنه سيعتمد سياسة مشددة جداً ضد "مثيري الشغب" في القدس.

ويدرك المجرم نتنياهو أن إطلاق صفة الإرهاب على رماة الحجارة من الشبان الفلسطينيين والمرابطين في الاقصى ينطوي على لوازم قانونية وإجرائية وأمنية لإتمام دائرة الردع بغرض إخماد الثورة الكامنة في نفوس الشعب الفلسطيني الحاضن للمقاومة لتطويع ارادته المقاومة و كيّ وعيه  ليدفع الثمن غالياً بسبب صموده في مقاومة الاحتلال وهذا من المستحيلات .

لذلك وافق المجلس الوزاري الصهيوني المصغر قبل ايام قليلة على خطة العقاب الجماعي في ملاحقة المقدسيين بجباية مكثفة للديون المزعومة كجزء من الضغط على الواقع الاجتماعي المقدسي لإضعاف الحاضنة الشعبية لمقاومة للعدوان الصهيوني اليومي على المسجد الاقصى المبارك.

 لهذا السبب سارع وزير الأمن الصهيوني المجرم موشيه يعلون اعتبار المرابطين "جماعة خارجة عن القانون" تسعى إلى ما سمّاه "تنفيذ أعمال إرهابية".

 وقد أكد الوزير الصهيوني يعلون أن المرابطين متورطون في "أعمال تحريض خطيرة ضد السياح والحجاج والمصلين اليهود"، الذين يريدون الوصول إلى "جبل الهيكل" في إشارة منه إلى باحات الأقصى.

وبدأ الوزير الصهيوني عمليا بتنفيذ قرارات سلطات الاحتلال الصهيوني فوراً في محاولة لإخراج المرابطين من الأقصى وفي الوقت نفسه تكثيف محاولات اقتحام المستوطنين باحاته عبر توقيت زمني يومي مع إقرار ساعات محددة صباحاً وخلال النهار مخصصة للمستوطنين إضافة إلى إجراءات "وقائية" تمنع الفلسطينيين من دخول الحرم "حفاظاً على أمن المستوطنين".

وفي الحقيقة ها هم العرب والمسلمون يستفيقون اليوم على مشاهد عدوانية صهيونية مروعة وغير مسبوقة على المسجد الاقصى منذ حرقه عام 1969بعدما توجه المجرم نتنياهو بزيارة استفزازية لبعض مواقع التماس ما بين القدس الشرقية والغربية ليشجع قطعان المستوطنين على ارهاب الشعب الفلسطيني والمساس بمقدساته وهذا ما يذكرنا بزيارة المجرم شارون في العام 2000 للحرم القدسي التي تسببت بانفجار انتفاضة الاقصى1969.

لهذا السبب المهم سيبقى  العدوان الصهيوني مستمراً على الشعب الفلسطيني ما دام هذا الشعب يرفض الاحتلال وسيبقى الإنسان الفلسطيني من منظور أمني مصدر تهديد فعلي للكيان الصهيوني لأنه يعتبر الصراع مع العدو الصهيوني صراع وجود .
وبالرغم من شراسة العدوان والطغيان الاجرامي الصهيوني بحق القدس ومقدساتها يحاول البعض من المتصهينين الجدد التخفيف من وطأة هذه الاعتداءات الاجرامية على ليختزلها في حدود بعض الاقتحامات المحدود لكن الحقيقة تؤكد أن هذه الاعتداءات تمثل حربا عسكرية عدوانية ادواتها جحافل من قطعان المستوطنين الصهاينة بحماية الجيش الصهيوني الذي يقيم الحواجز على مداخل المدينة ومقدساتها ويستبيح ساحات الاقصى بمئات الجنود وقطعان المستوطنين المسلحين الذي يطلقون الرصاص الحي وقنابل الغاز على صدور المرابطين من حماة الاقصى .

 وعلى ما يبدو أن غياب ردة الفعل العربي التي قد تشجع سلطات الاحتلال على القيام بالمزيد من العدوان على المقدسات وانتهاك حرماتها بالرغم من صدور بعض البيانات الرسمية لبعض الانظمة العربية والاسلامية التي لم تتجاوز حدود الشجب والادانة والاستنكار على جرائم سلطات الاحتلال .

وفي هذا السياق تمخضت ردة الفعل للقيادة المتنفذة في م . ت . ف لتصدر بيانا عرممياً " يتهم الكيان الصهيوني بجر العالم الى حروب دينية " .

وبالرغم من البيانات والشعارات الفضفاضة والتهديدات والتصريحات النارية لا يجد الشعب الفلسطيني المظلوم أي ردة فعل جدية على العدوان الصهيوني الذي يستهدف القدس ومقدساتها بسبب الانقسام الفلسطيني الفلسطيني بين سلطة رام الله وسلطة حماس في غزة هذا الانقسام الذي يحاول العدو الصهيوني المحتل استثماره في ظل ما تشهده البلدان العربية من صراعات دامية انعكست بشكل مباشر على القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني التي لم تعد من اولويات معظم الانظمة العربية المتصهينة .

ثانياً : بسبب فقدان المرجعية الوطنية الحقيقة للشعب الفلسطيني بسبب التقادم على معظم مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية من اللجنة التنفيذية الى المجلس الوطني الى رئيس اللجنة التنفيذية المنتهية ولايته والمشغول في هذه الايام بالأهم في تعزيز سلطته المقدسة وترتيب بيته القيادي على مقاسه في اللجنة التنفيذية ل م ت ف في حين يتطلع البعض من حوله لوراثته في حال فجر قنبلته الموعودة في خطابه السامي في الجمعية العامة للأمم المتحدة وقدم استقالته وغادر الى قطر .

اما سلطة معازل اوسلو تنتظر الفرصة المناسبة لعودة المفاوضات العبثية مع العدو المحتل حتى لو على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته وحقوقه الوطنية العادلة وأجهزتها الأمنية غارقة حتى الأذنين في التنسيق الأمني مع الأجهزة الأمنية الصهيونية القاتلة لشعبنا .

اما سلطة حماس في قطاع غزة المحاصرة لها همومها واولوياتها والشعب الفلسطيني يعاني من الانقسام بين السلطتين التي يغلب كل منها اولوياته التنظيمية على الوحدة الوطنية الفلسطينية وهذا بصراحة لا يشجع الشعب الفلسطيني على تفجير انتفاضته الثالثة دون مرجعية وطنية ترسم السياسات اليومية والاستراتيجية لفعاليات هذه الانتفاضة لتتحمل المسؤولية الوطنية والأخلاقية بكل تداعياتها واستحقاقاتها الوطنية .

لذلك فالقضية الفلسطينية دخلت اليوم منعطفاً جديدا لا يمكن معه استخدام البضاعة القديمة من القيادات المتهالكة من رموز الفساد والافساد للإصلاح والتجديد في مؤسساتنا الوطنية .

لذلك فالمراهنة اليوم على الاجنحة العسكرية الفدائية الضاربة لوقف العدوان والطغيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني ومقدساته وحقوقه الوطنية وقضيته العادلة أولاً ووضع حد حاسم لحالة الانقسام الظالم لاستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية بدعم ومساندة محور المقاومة والصمود وفي مقدمته سورية وايران وكل احرار العالم واصدقاء الشعب الفلسطيني لحماية قضيته وحقوقه الوطنية العادلة وقواه المقاومة لردم هوة الانقسام وإعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية على اسس سياسية وتنظيمية وطنية مقاومة على قاعدة اتفاق القاهرة عام 2005 لتحقيق كامل اهداف شعبنا في التحرير والعودة وتقرير المصير وبناء الدولة الديمقراطية الفلسطينية على كامل التراب الوطني وعاصمتها القدس الابدية .

بقلم : أكرم عبيد

[email protected]