أجواء الحرب واللاحرب الراهنة ، إلى أين؟

بقلم: أكرم أبو عمرو

المتتبع للشأن الفلسطيني هذه الأيام يلاحظ أن ثمة منخفض سياسي عسكري قادم ، حيث بدأت غيومه وبرقه ورعده تلوح في الأفق ، والأمر مرهون بسرعة ودرجه حرارة الرياح الدافعة لهذا المنخفض ، نعم التساؤل الذي يدور في جميع الأذهان هذه الأيام هل هناك حرب قادمة على غزة ، أم لا ، تصريحات ، تحليلات كثيرة بين متوقعا للحرب وبين من يقول لا ، لماذا الحرب ، ولماذا اللاحرب ، وما هي الأسباب التي من شانها نشأة هذه الأجواء ، والقلق الكبير الذي يساور العديد من المواطنين خاصة وأن آثار الحرب الماضية ورائحة قنابلها وصواريخها لم تتلاشى بعد .
بلا شك تمر الأراضي الفلسطينية والشعب الفلسطيني بظروف ضاغطة وربما بتعبير آخر ظروف عاصرة سياسية واقتصادية واجتماعيا ، وأول هذه الظروف هي الانقسام الفلسطيني الذي لا يخفى عن أحد ، ومدى انعكاساته على مختلف مناحي الحياة الفلسطينية ، حيث عمل على إعاقة أي حراك سياسي فلسطيني داخلي أو خارجي ، ولعل ما حدث مؤخرا من تأجيل لانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني لترميم البيت الفلسطيني عن طريق البدء في إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية دليل على ذلك .
الأمر الثاني جمود ما يسمى بالعملية السلمية بعد أكثر من عشرين سنة من المفاوضات ، بدون أي نتائج تذكر ، والاستمرار بالعمل وفق اتفاقيات من المفروض أن تنتهي بعد خمس سنوات من توقيعها ، وها قد مر 16 سنة على انتهائها وما زال العمل بها قائما ، لا دولة فلسطينية أعلنت ، ولا انسحاب إسرائيلي كامل تم ، ولا لاجئين عادو ا، ولا حياة كريمة للفلسطينيين .
الأمر الثالث : تصاعد اعتداءات المستوطنين على المسجد الأقصى المبارك وما يتعرض له أهلنا في القدس الشريف ، واعتزام الحكومة الإسرائيلية تنفيذ خطة التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى ، الأمر الذي يثير حفيظة الفلسطينيين الدينية أولا ، فالأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وهو خط احمر بالنسبة للفلسطينيين ، وأقول الفلسطينيين لأنهم يقفون وحدهم في الميدان علما بان الأقصى مكان مقدس لجميع المسلمين في أنحاء العالم .
الأمر الرابع : الحصار الخانق على شعبنا ، مما يعمل على إعاقة ادني وابسط مشاريع التمية ، وبالتالي تزايد مطرد في معدلات البطالة التي أصبحت منذ زمن الأعلى في العالم 43% في قطاع غزة ، وتزايد معدلات الفقر 70% في قطاع غزة .
الأمر الخامس : هو ما قد يعلنه الرئيس في خطابه أمام الأمم المتحدة والذي طالق عليه في احد تصريحاته بأنه قنبلة ، وطالما انه قنبلة فاعتقد انه لن يرضي إسرائيل ، وبالتالي ستعمل على تسميم الأجواء ربما في ضربة استباقية لإفشال ما قد يقرره الرئيس ، وبالتأكيد مدعوما من شعبنا .
كل هذه الأمور تجعل الانفجار محتمل في كل لحظة ولأي سبب ، خاصة إذا كان السبب يمس بشكل مباشر وجدان كل مواطن فلسطيني ، لتأتي أحداث الأقصى مؤخرا والاعتداءات والاقتحامات التي يقوم بها المستوطنين تحت سمع وبصر وحماية قوات الاحتلال ، لتجبر العديد من فصائل المقاومة للخروج بالإعلان أنها في حل من كل الاتفاقيات الخاصة بالتهدئة ، وتقوم إحدى الفصائل بإطلاق بعض القذائف الصاروخية على المستوطنات الإسرائيلية المجاورة لخط الهدنة ، يعقبها غارات إسرائيلية قامت بها الطائرات الحربية الإسرائيلية ، وتهديدات إسرائيلية من خلال مجلسها الأمني المصغر ، وهكذا تخلق أجواء الحرب . لكن السؤال في ظل هذه الظروف ما هي احتمالات الحرب أو اللاحرب .
بالنسبة للحرب أعتقد بان الحرب الآن ليست من مصلحة أي من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني ، إسرائيليا شنت إسرائيل 3 حروب على قطاع غزة خلال فتر 6 سنوات ، سقط فيها عشرات الآلاف من السكان الفلسطينيين بين شهيد وجريح ، دمرت عشرات الآلاف من المنازل تدميرا كليا وغيرها تدميرا جزئيا ، ناهيك عن مرافق البنية التحتية والمنشآت الصناعية والزراعية ، وبعد كل هذا لم تحقق إسرائيل شيء ، استمر شعبنا صامدا وصابرا وأكثر إصرارا وعنادا على مواجهة العدوان ، كما أن المقاومة الفلسطينية ازدادت قوة وثباتا وهذا ما تشير إليه تصريحات قادة الجيش الإسرائيلي ، إذن أي حرب قادمة لن تكون مفيدة لإسرائيل .
فلسطينيا ، أيضا لا احد من الفلسطينيين القريب والبعيد يريد الحرب ، خاصة وان آثار الحرب الماضية ما زالت ماثلة للعيان وما زالت المعاناة بسببه قائمة .
في ظل هذه الأمور ، أين سترسو الأحداث ، حرب ، وهذه في اعتقادي ممكنة ولكن بشرط، تدحرج الأمور ، ولم تلجم إسرائيل مستوطنيها عن العبث في المسجد الأقصى والتوقف عن مهاجمته والسماح للمصلين المسلمين بالصلاة بحرية فيه ، أما إذا استمرت اعتداءات المستوطنين فمن المتوقع تزايد وتيرة رد الفعل الفلسطيني من قبل بعض الفصائل باستخدام الصواريخ ما يدفع إسرائيل باتخاذ قرار بضرب قطاع غزة من جديد في حرب لا نعرف مداها ، والى أين ستصل . وبالتالي ستعمل إسرائيل إلى استمرار الوضع الحالي من انقسام ومعاناة ،
أيضا على الفلسطينيين واجب أيضا ، وهو إنهاء الانقسام أو على الأقل التوافق بسرعة على ترميم البيت الفلسطيني للذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية تنهي بالفعل الانقسام ،وفي النهاية نتمنى أن يسحب فتيل الاشتعال بسرعة قبل تدحرج الأمور، وافرار الحقوق المشروعة لشعبنا في أرضه ووطنه .
أكرم أبو عمرو
غزة – فلسطين
20/9/2015