اللاجئون الفلسطينيون في ضيافة "ليلى خالد"

بقلم: جادالله صفا

قرار الاسم صدر عن حركة الارض الحرة بمدينة ساوبولو، من أكبر الحركات البرازيلية التي تناضل من اجل الاستيلاء على مباني خالية ومهجورة، قامت بالاستيلاء على عمارة مهجورة من 11 طابقا، هي بالاساس ملكا لشركة تلفونات ساوبولو مهجورة منذ 15 عاما، ودعت العديد من العائلات للسكن بها، منها عائلات فلسطينية قادمة من سوريا، حاليا يسكن العمارة تقريبا 140 شخصا من جنسيات مختلفة منهم 50 فلسطينيا و 80 برازيليا، اخراجهم من العمارة لن يكون الا بقرار قضائي، حيث الحركة لديها اربعة محامين للدفاع عن عملية الاستيلاء وحق ساكنيها، فهي تناضل عن اهداف برنامجها الداعي الى اصلاحات لتوفير سكن لمن لا مأوى لهم.
حركة الارض الحرة بعد استيلائها على العمارة يوم الجمعة الموافق 17/07 كتبت على موقعها على الانترنت "بمدينة ساوبولو يوجد 290 الف بيت وشقة غير مسكونة، وعن استيلائها للعمارة كتبت: "أن حركة الارض الحرة تفي بوعدها للنضال من اجل اقرار قوانين واصلاحات سكنية للفقراء والكادحين الذين لا سكن لهم بمدينة ساوبولو وبالبرازيل، وعلى وجه التحديد الاستيلاء على العمارات المهجورة بمركز المدينة ليتمكن العمال من الاقامة والنوم بالقرب من مراكز عملهم"
باحدى اجتماعاتها قررت قيادة الحركة اختيار اسم ليلى خالد للعمارة باعتبارها رمزا نضاليا ومناضلة اممية، وان الاختيار جاء ليؤكد على دور ومكانة ليلى خالد عند الحركات والقوى الشعبية والجماهيرية والسياسية البرازيلية، وإن هذا الاختيار جاء بعد التأمر الذي حصل اثناء المنتدى الاجتماعي العالمي فلسطين حرة على منع ليلى من المشاركة بهذا المنتدى، فها هي تحضر اليوم وبقوى وبطريقة اخرى رغم انف من تامر على فلسطين وروموزها.
تسليط الضوء على العمارة واختيار ليلى خالد ايضا له معاني سياسية باعتبار أن قضية اللاجئين هي قضية سياسية، وطنية وقومية وليست قضية دينية او مدنية او تقنية، وطرحَ هذا الوجود وكشف عن مأساة اللاجئين بالبرازيل، فالنضال الاجتماعي ايضا هو جزءا من النضال السياسي، وبندا من بنود النضال الوطني، وتؤكد حركة الارض الحرة على حق الانسان بالسكن والعيش بكرامة.
كبرى وسائل الاعلام البرازيلية، خصصت بنشراتها الاخبارية تقارير عن العمارة وعن معاناة اللاجئين الفلسطينين، فمحطة غلوبو التلفزيونية وريكورد، وال بي بي سي باللغة البرتغالية، وصحف سابولو واهمها صحيفة ولاية ساوبولو كبرى الصحف البرازيلية، بالاضافة الى الصحافة البديلة، تحدثت عن الاستيلاء على العمارة من قبل الحركة وتضامنها مع الفلسطينين واللاجئين العرب ودعوتهم للاقامة بها، واعطت الجانب الفلسطيني اهمية خاصة بحكم الواقع الفلسطيني.
تقول سيلمارا دا سيلفا، المسؤولة عن ادراة العمارة لموقع Opera Mundi: "عندنا اثنين سوريين، وثلاثة مصريين، والاغلبية من الفلسطينين الذين كانوا لاجئين بسوريا، كلهم تركو البلاد بسبب الحرب" وتضيف " بعضهم جاء مباشرة من المطار الى العمارة، واخرين انتقلوا من المسجد، حيث كانوا ينامون، بانتظار سقف ينامون تحته" " وتقول عندما يصلون "اي اللاجئون الى مراكز منظمات من المجتمع المدني مثل كاريتاس، يجدون لهم مأوى، ولكن ليس بامكانهم ان يبقوا هناك اكثر من 90-120 يوما، وبعد ذلك عليهم ان يتدبروا امورهم، ليس بالسهولة، كثيرون منهم وثائقهم الثبوتية غير كاملة، ليس لديهم عملا، واكثر من هذا انهم لا يتكلمون اللغة البرتغالية" تقول سيلمار"اللاجئون الفلسطينين يسكنون الطوابق الثلاثة الاعلى من العمارة، والاخرين البرازيليين بدون مأوى يسكنون الطوابق الستة الاسفل"
يقول يحي موسى احد المستفيدين والمقيمين بالعمارة لموقع "اوبرا موندي": "وصل البرازيل قبل 9 اشهر، وانتقل الى العمارة بعد ان مكث فترة بالمسجد بمدينة غواروليوس" يحي موسى فلسطيني عمره 45 عاما، تمكن من احضار زوجته زبيدة وابنته الصغيرة، "نحن نعتبر البرازيل وطننا الام" قال موسى، "تمكنا من الحصول على فيزا من القنصلية البرازيلية ببيروت، نحن اللاجئين بعد ما لجئنا من دمشق، قنصليات اخرى رفضت منحنا فيز ورفضونا بشكل قاطع" ويكمل "بعد 3 سنوات من الانتظار بلبنان، اوروبا كانت الاقرب، ولكن لم يتبقي لنا خيارا اخرا" جزءا من عائلتنا ماتت غرقا في البحر الابيض المتوسط، الاب والام، واثنين من الابناء، لا يمكننا ان نغامر ايضا" قالت الزوجة زبيدة.
اللجوء الى البرازيل سهل، على عكس اللجوء الى اوروربا، بالبرازيل الحكومة لا تقدم اي نوع من المساعدات او توفير فرصة عمل او مآوى للسكن، "غير مهم، ولكن هنا ابنتنا تذهب كل يوم الى المدرسة، لا يوجد خوف، باربعة اشهر تعلمت اللغة البرتغالية" يؤكد يحي، من اجل ان يعيش، وجد له فرصة عمل بمطعم ويعمل فلافل، "وعندما يتعلم اللغة البرتغالية سيبحث عن فرصة افضل" يقول وهو مليء بالامل.
وجدوا اللاجئون الفلسطينيون التضامن بالمجتمع البرازيلي مواطنين وحركات اجتماعية، اكثر من ما وجدوه من ابناء عروبتهم ومؤسساتها الاجتماعية والمدنية سواء كانت فلسطينية او عربية، العديد من المواطنين البرازيليين فتحوا ابواب بيوتهم لاستقبال عائلات فلسطينية وعربية اخرى، وتبرعوا بالثلاجات والافران والكراسي والفرشات وغيرها وساهموا بتخفيف المعاناة، التضامن البرازيلي مع الفلسطينين وشعبها هو تضامن مبدئي، ولا يقدم هذا التضامن الا من شعر بالمعاناة والقهر والظلم، فالبرازيل هي الوطن الام كما قال يحي موسى.
جادالله صفا - البرازيل
25/09/2015