أمريكا والغرب والإقرار بالشرعية السورية ضمن المعادلة المستجدة للحل السياسي

بقلم: علي ابوحبله

حين قرر السوريون الانتصار لشرعيتهم حيث جرت أول انتخابات في ظل الدستور السوري الجديد الذي تم إقراره 2012 وأقيمت بموجبه انتخابات الرئاسة السورية في 28 أيار مايو 2014 للسوريين المقيمين خارج الأراضي السورية وفي 3 حزيران يونيو 2014 للسوريين على الأراضي السورية ، حينها أعلنت واشنطن وحلفائها بتشكيكهم ورفضهم لنتائج الانتخابات السورية ، وذلك لامعان واشنطن وما سمي في حينه أصدقاء سوريا للسير في ركاب المخطط الأمريكي الصهيوني لإسقاط ألدوله السورية ، رغبة من المتآمرين على سوريا من الانتقاص من الشرعية الشعبية السورية وتقسيم سوريا إلى دويلات وممالك وطوائف ضمن مخطط تامين امن إسرائيل وتصفية القضية الفلسطينية وفق المفهوم والمقصود من الفوضى ألخلاقه للشرق الأوسط الجديد وتم تعريفها بثورات الربيع العربي ، لقد فشلت كل محاولات أمريكا وحلفائها من الانتقاص من السيادة الوطنية السورية ومن الشرعية الوطنية للسوريين ، فشلت ألجامعه العربية بإحلال قوى الائتلاف السوري ليشغل مقعد سوريا في ألجامعه العربية وفشلت قطر والسعودية وتركيا بعد محاولة إشغال معاذ الخطيب لمقعد سوريا في القمة العربية التي عقدت في الدوحة ، حيث لم تتمكن قوى الائتلاف السوري من انتزاع شرعية الاعتراف بقوى الائتلاف كممثل شرعي للسوريين ، كما فشلت كل مخططات التآمر على سوريا لإنشاء المنطقة العازلة في شمال سوريا وجنوبها ، وفشلت إسرائيل في استمرار دعمها للمجموعات المسلحة بفشل كل محاولات بسط السيطرة والهيمنة على مناطق درعا والسويداء وسهل حوران حيث تمكن الجيش العربي السوري من إفشال المخطط الأمريكي الصهيوني المدعوم من قبل تركيا وقطر والسعودية بدعمهم للمجموعات الارهابيه التي تعمل في داخل سوريا ، صمود سوريا قلب المعادلات الاقليميه والدولية وسرع في تغير موازين القوى الدولية ، تدخل روسيا بدعمها العسكري للجيش العربي السوري وإمدادها بأحدث تقنيات السلاح غير من المعادلة للحل في سوريا ، هذا التغير لما سمي أصدقاء سوريا هو نتيجة فعليه للتغيرات في موازين القوى التي تميل لصالح ألدوله السورية والشرعية السورية وضمن معادلة تقود لتغير موازين القوى الدولية حيث أصبحت روسيا لاعب أساسي في ميزان القوى الدولية وان واشنطن والغرب أدركوا حقيقة لتغير موازين القوى حيث حسم الروس قرارهم حين دعمت أمريكا والغرب أوكرانيا للانقلاب على تحالفها مع موسكو والاطاحه برجل موسكو في الحكم في أوكرانيا ما دعا روسيا لضم جزيرة القرم ، واليوم روسيا تدخل على خط ألازمه السورية بشكل مباشر وهذا ما دفع الجميع للتفكير مليا وتغير المواقف الامريكيه والغربية والتركية من الشرعية السورية ، باريس واشنطن لندن برلين وأخيرا وليس آخرا أنقرة ... عواصم معارضة للحكومة السورية منذ بداية الحرب وتحديدا للرئيس السوري بشار الأسد تقرر اليوم أن الحوار مع الأسد ضروري .. ضروري لمكافحة الإرهاب ولتأسيس مرحلة انتقالية .يمكن للرئيس الأسد أن يشكل جزءا منها كما .أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي حل ضيفا في موسكو منذ أيام خلال افتتاح المسجد الكبير إلى جانب بوتين ... زيارة تحدث فيها الطرفان عن سوريا بشقها الميداني أيضا بحسب مراقبين لتتسارع الأحداث بعدها ويلمس السويون هدنة في الزبداني وفوعا وكفريا برعاية أممية بعد أن بدأت المفاوضات حولها برعاية تركية إيرانية فقط..سؤالنا ينحصر : هل هدنة الزبداني وتغير المواقف الغربية بداية الحل على أساس بقاء الرئيس بشار الأسد؟ وحين تنادت أمريكا وحلفائها لإسقاط الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد واعتباره خارج المعادلة السورية كان الهدف نزع الشرعية عن الشعب السوري وإملاء إرادة واشنطن والغرب وحلفائهم وفرض وصايتهم على الشعب السوري بفرض ممثليه ممثلا بقوى الائتلاف السوري ، التناقض الذي عليه الموقف الأمريكي هو دليل عجز أمريكا وفشل إستراتجيتها في المنطقة وسقوط مشروعها للشرق الأوسط الجديد ، فمنذ أيام قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جنيفر بساكي أن "الأسد فقد كل شرعية وعليه أن يرحل"، وبعدها بأيام أطل مدير وكالة الاستخبارات الأميركية جون برينان بموقف قال فيه أن "الولايات المتحدة غير عازمة الآن على إسقاط نظام بشار الأسد لأن البديل سيكون المنظمات المتطرفة"، ليأتي تصريح كيري المرتبط بالتفاوض مع الأسد، وتم توضيحه، ليعود ويأتي الرد من الأسد بأنه "ينتظر الأفعال وليس الأقوال . ألاستراتجيه السورية غيرت في موازين القوى في سوريا وهي وضعت أساسا للحل في سوريا يستند إلى ضرورة احترام الشرعية في سوريا واحترام الاراده الشعبية للسوريين ورفض سياسة الاملاءات الاقليميه والدولية ، مركز الدراسات ألاستراتجيه والدولية ناشد صناع القرار التحلي بالصبر واليقظة على ضوء السياسة الروسية الجديدة في سوريا "وضرورة مراجعة الولايات المتحدة لمسلماتها السابقة فيما يخص قوة كل من روسيا والصين" واللتين برهنتا على قدرتهما "القيام بحرب سياسية معقدة وحث المركز واشنطن الإبقاء على "جهوزيتها للتعامل بناء على ما تقتضيه التطورات، والمبادرة للتحرك سياسيا مقرونة بإبداع وتصميم على صعيدي ردع الخطوات الروسية وتقليص خطر حدوث اشتباك أو تصعيد عسكري جاد (معها)." واتهم المركز الإدارة الأميركية "بالتقاعس عن العمل بدلاً من التزام الحذر ...بدوره، حث معهد

كارنيغي الساسة الأميركيين على ضرورة التعاون مع روسيا فيما يخص سوريا "لا سيما وأن التمدد العسكري الروسي ينطوي على مخاطر حقيقية .. على الرغم من حسابات الكرملين الذي يعتقد بامكانية سيطرته عليها وضبطها .وأوضح أن توريد روسيا للأسلحة المتطورة والخبراء المرافقين لها "قد يرافقه بضعة اعداد من الطيارين .. لكن موسكو ليست بوارد ارسال قوات مقاتلة .وعبّر المعهد عن قلق الأوساط الأميركية من امكانية "دخول الأسلحة الروسية المعركة ضد قوى المعارضة السورية المدعومة من الغرب".

أما القلق الحقيقي، كما قال المعهد، فمصدره "اسرائيل التي لن تتساهل في تدفق أسلحة متطورة الى الترسانة السورية.وزعم مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن "اسرائيل التزمت الحياد بالمجمل في الأزمة السورية . ولم تنضم للولايات المتحدة في مطالبتها بالإطاحة (بالرئيس) الأسد وأوضح أن "تحسّن العلاقات الروسية الإسرائيلية مؤخرا" كان وراء زيارة بنيامين نتنياهو للرئيس الروسي "والإعراب عن خشيته من وصول الأسلحة الروسية لحزب الله، والتوصل لاتفاق يضمن عدم استهداف القوات الروسية عن طريق الخطأ في حال شن غارات جوية داخل سوريا ". وفي السياق، أكد معهد مارشال الألماني أن "تعزيز التواجد العسكري الروسي في سوريا فاجأ الغرب وأخذه على حين غرة" معتبراً أنه يأتي بدافع "تحويل الأنظار عن فشل (الرئيس) بوتين في أوكرانيا .. وفرصة لإعادة روسيا إلى محور تحركات السياسات العالمية . وأوضح أن الرئيس الروسي بوتين أبلغ كافة الأطراف المعنية بهذه الخطوة "التزام روسيا التام للحفاظ على الرئيس الأسد على رأس السلطة .. مقابل موقف الولايات المتحدة والحكومات الغربية المناهض لنظام (الرئيس) الأسد في السابق،واضاف ان ما يرمي إليه الرئيس الروسي بوتين "اثبات دوره بجرأة كلاعب يمتلك استراتيجية وراعي يمكن الإعتماد عليه في .الاقليم".بدوره، وجّه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية سهام انتقاداته لصنّاع القرار في واشنطن من الحزبين "لفشلهم في التعاطي مع كافة القضايا المتعلقة بالحرب الأهلية السورية .. لأمر يتعلق للسياسة العبثية والتمحور حول الدولة الاسلامية أو اللهث وراء ايجاد حل سياسي مبسط لانهاء القتال .وأوضح أن جملة عوامل تتداخل في صنع الأزمة السورية تشكل "الدولة الاسلامية أحد أركانها" الأساسية، إلى جانب اكراد سوريا و"جبهة النصرة وحلفائها التي تضم "نحو 26-30 تشكيل اسلامي يرتبط بتنظيم القاعدة".وأضاف إن أي من تلك التشكيلات المتعددة "لم تظهر اي مؤشرات على تنامي قواها الذاتية تؤهلها انجاز هدف السيطرة على كافة الأراضي السورية . هناك تخبط حقيقي تعيشه وواشنطن وفشل في سياستها واستراتجيتها في المنطقه ودليل ذلك ما عبر ويعبر عنه مسؤولون امريكيون سابقون فقد قال الجنرال ديفيد بتريوس، القائد البارز السابق في صفوف الجيش الأمريكي والمدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية إن الوضع في سوريا يشبه "كارثة نوويةمنتقدا أداء الإدارة الأمريكية الذي سمح بتدهور الوضع، واتهم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بمحاولة إعادة بناء إمبراطورية روسيةوقال بتريوس، في شهادة له أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي، إن على واشنطن إقامة مناطق آمنة للسنة في داخل سوريا والبحث في إمكانية نشر قوات أمريكية على الأرض في العراق لوقف انتشار داعش، مضيفا أن الوضع سوريا هو "شبيه بكارثة تشرنوبيل على المستوى الجيوسياسي ونتج عنه انتشار للتطرف وفقدان للاستقرار في المنطقة والعالم" بإشارة منه إلى حدث كارثة مفاعل تشرنوبيل النووي السوفيتي .وأكد بتريوس، الذي قاد لسنوات طويلة القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان،وطالب بتريوس بإقامة مناطق آمنة تحميها طائرات التحالف من أجل حماية السنّة والسماح بتدريب قوات معارضة داخلها، وأضاف أن تدخل روسيا في سوريا هو "دليل إضافي على استعداد الآخرين لملء الفراغ عندما تتردد أمريكا في التحرك وتابع بالقول: "أظن أن فلاديمير بوتين يريد إعادة إحياء الإمبراطورية الروسية . بترويوس ما زال يبني استراتجيته على الارتكاز لقوى مدعومه من امريكا ولم يدرك بعد ان هذه القوى مفككه وغير متماسكه وان هناك تغيرات حقيقيه على الارض وان امريكا لم تعد صاحبة القرار في تحديد مصير العالم ، وان الغرب يسير باتجاه مغاير للاتجاه الامريكي وان هناك تغيرات حقيقيه وجوهريه في التحالفات الاقليميه والدوليه ، بريطانيا التي كانت اشد اعداء سوريا يصرح وزير خارجيتها فيليب هاموند امام برلمان بلاده لا نرغب في سقوط نظام بشار الاسد مضيفا اننا لم نحصل على النتائج المرجوه اذا انهارت مؤسسات النظام . كذلك الحال مع امريكا فالسياسات الامريكيه تتغير وفق المصالح وليس وفق الاهواء والامزجه القبليه والاحقاد الشخصيه ، فقد حاولت الادارة الامريكية تغيير النظام في ايران عبر الحصار الخانق، والتهديدات بضربة عسكرية وفشلت، لان النظام الايراني ظل متماسكا وطور قدرات عسكرية ضخمة، ولعب ورقة الخيار النووي بدهاء كبير.الادارة الامريكية عندما دعمت المعارضة السورية المسلحة، لم تفعل ذلك حبا في الديمقراطية وحقوق الانسان، ولا رحمة بالشعب السوري، فمن يقتل مليون عراقي سعيا وراء مصالحه ، لا يمكن ان يأبه بمقتل 300 الف سوري، ومن يدعم اسرائيل ويرفض حل القضيه الفلسطينيه حلا عادلا ويسعى الى توطين ستة ملايين فلسطيني شردوا عن وطنهم الام فلسطين لا يمكن ان يحزن لتهجير خمسة ملايين سوري، أمريكا دفعت العرب وأموالهم وإعلامهم في سورية للضغط على إيران، وعندما توصلت إلى اتفاق معها تخلت عن حلفائها العرب، من يريد الحفاظ على مؤسسات النظام ويتحدث عن ضرورة عدم تكرار الأخطاء في العراق وليبيا، يمهد للاعتراف بشرعية النظام السوري، وتطبيع العلاقات معه، وإعادة المياه إلى مجاريها، بصورة أو بأخرى، تماما مثلما فعلوا مع إيران التي لم تعد دولة إرهابية بجرة قلم، وإنما قوة إقليمية عظمى يجب التعاون معها في معظم ملفات المنطقة إن لم يكن كلها، تدرك أمريكا أن سوريا متماسكة وتملك استراتجيه في مواجهتها ورفضها للمشروع الأمريكي في المنطقة وان تحالفاتها الاقليميه والدوليه لهم ثقلهم ووزنهم في المنطقه وهي توصلت لقناعه ان حلفائها التقليديين لم يعد في قدرتهم السير في ركاب المخطط ولم يعد بامكانهم من تغيير لمعادلات القوى ولن يكون بمقدورهم الانتقاص من شرعية النظام وتفكيك الدوله السوريه ، امريكا ليست بصدد تجييش جيوشها للحرب ضد النظام في سوريا خشيتها من العواقب والنتائج وان حقيقة التغير الامريكي الغربي والتركي واقراره بالشرعيه السوريه وشرعية النظام في سوريا يعود الى عوامل عده اهمها تماسك وقوة الجيش العربي السوري وافشاله لمخطط تقسيم سوريا ونجاحه بافشال مخطط المناطق الامنه وثانيها يعود الى ان النظام في سوريا اكتسب شرعيته ووجوده من الشعب السوري الذي رفض المخطط الامريكي الصهيوني وثالثهما ان المرتزقه من المجموعات الارهابيه تقاتل من اجل مشروع امريكي صهيوني ولا يستند الى عقيده او ايمان بمشروع وطني وهم مجموعات ارهابيه انضوت لقتال سوريا سعيا وراء المال والمكاسب والمصالح الشخصيه ، ادركت واشنطن وحلفائها ذلك متاخر وبعد ان تمكنت روسيا من فرض هيمنتها ووجودها في المنطقه مما دفع امريكا والغرب تسليما للاقرار بالشرعيه السوريه ضمن المعادله المستجده للحل السياسي للازمة السوريه والتوصل الى اتفاقات وتفاهمات مع الشرعيه الوطنيه السوريه ممثلة في النظام في سوريا وبشرعية الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد.

بقلم/ علي ابوحبله