في هذه الأيام التي تحتفل مصر والجماهير العربية في ذكرى الرئيس جمال عبد الناصر ، والتي تتزامن مع الذكرى الخامسة عشرة لانتفاضة الاقصى ، تنتظر فلسطين الصوت الفلسطيني في الجمعية العامة للامم المتحدة من قبل كلمة الرئيس محمود عباس ضد ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان يطال الشجر والحجر والبشر .
فلسطين كانت في وجدان القائد العربي الكبير جمال عبد الناصر القضية المركزية للامة العربية ، حيث ما زال الشعب الفلسطيني ينظر إلى مصر بعيون عبد الناصر، الذي أدرك عبقرية المكان الى الدور المصري الذي يشكل السند الحقيقي للقضية المركزية من خلال السعي الحثيث لدعم القضية الفلسطينية والعمل من اجل تطبيق اليات اتفاق المصالحة وانهاء الانقسام .
ونحن اليوم نقف في ذكرى انتفاضة الاقصى ، هذه الانتفاضة التي قربت الشعب الفلسطيني من الوصول للهدف بخطوات اكثر تقدما , كما عززت صموده رغم التعنت الصهيوني وكل ممارسات القهر والاستعباد سيما وان وحدة شعبنا باتت اقوى من أي وقت مضى بكافة مفرداتها الوطنية السياسية الاجتماعية والتي تعتبر من اهم انجازات الانتفاضة وهنا لا بد من ان نسجل صمود القيادة الفلسطينية سياسيا ، الا ان هناك عوامل تتطلب العمل منها انهاء الانقسام والعمل على تعزيز الوحدة الوطنية باعتبارها الصخرة التي تتحطم عليها كل المؤامرات الامبريالية الصهيونية الرجعية ، والعمل على تصحيح اختلال موازين القوى ومواجهة المفاهيم العنجهية الصهيونية المنطلقة من التفوق المطلق تقنيا وتكنولوجيا وكل ادوات القهر ، وتوجيه رسالة للعالم بأن لا امن ولا سلام ولا استقرار في المنطقة مادام اطفال وشيوخ ونساء وشباب فلسطين لن ينعموا بالحرية والاستقلال والعودة وحق تقرير المصير ولدولتهم بعاصمتها الأبدية القدس .
وامام كل ذلك يقف اليوم الشعب الفلسطيني في القدس والاقصى والضفة الفلسطينية وغزة وفي فلسطين التاريخية والشتات والمنافي بقوة وارادة موحدة ، وهذا يتطلب تعزيز وحدتنا وصمودنا باعتبارها قوة انتصارنا ، ألا يجدر بنا أن نتعلم أن استمرار الانقسام لهو احد أهم مقومات هبوطنا السياسي،وعليه فانه من الضرورة بمكان أن تعي أطراف الانقسام الفلسطيني انه فقط بالوحدة والصمود والمقاومة ننتصر.
الشعب ينتظر خطاب الرئيس محمود عباس باعتباره سيكون الرد الحاسم على ما يتعرض له الشعب الفلسطيني الذي يقف وقفة شموخ الجبال ويتطلع الى دعم كافة احرار العالم لقضيته وهو يقارع الاعداء على ارضه التي امتزجت بدماء الشهداء من كافة الشعوب العربية والمتضامنين الدوليين معه .
وفي ذكرى رحيل هذا القائد العربي العظيم الرئيس جمال عبد الناصر الذي نذر حياته من أجل تحرير فلسطين وتوحيد الأمة العربية وتحرير الإنسان العربي من الفقر والجهل والمرض والانطلاق بالأمة العربية إلى العلا، وأصبحت مقولته الشهيرة، ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة هذه المقولة الذي اكد عليها القائد الشهيد الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية ايو العباس ورسمها عبر عملية نهاريا البطولية عام 1979 " عملية الشهيد القائد جمال عبد الناصر " يجب ان تبقى بوصلة العمل الوطني والتحرري والثوري للشعب الفلسطيني ولجماهير الأمة العربية، رغم ضراوة المؤامرات الأمريكية الصهيونية الاستعمارية التي تحاول السطو على مقدرات الامة من خلال الهجمة الارهابية التكفيرية التي حولت الدول الى دويلات لمنع الشعوب من حريتها وديمقراطيتها وعدالتها الاجتماعية ، الا اننا على يقين بان الجماهير العربية وقواها التقدمية والقومية ومقاومتها ستبقي بوصلة نضالها فلسطين ولا يمكن ان تهادن او تساوم وسيبقى صوتها عالٍ وبروح من التحدي والعزم نحو الحرية الاستقلال .
ونحن على ثقة اليوم بان عندما نرى احرار العالم ودول امريكيا اللاتينية وكوبا وفنزويلا والارجنتين وروسيا تقف الى جانب فلسطين ، هذا يستدعي منا رسم استراتيجية وطنية ، تتطلب من الجميع العمل الفعلي لانهاء الانقسام السياسي والجغرافي والشروع في تفعيل وتطوير منظمة التحرير على اساس وثيقة الوفاق الوطني واتفاق المصالحة ، باعتبارها ممثلاً شرعياً وحيداً لشعبنا وقائداً لنضال الشعب الفلسطيني من اجل دحر الاحتلال وتحرير الاسرى ونيل الحرية والاستقلال والعودة.
وفي هذه اللحظات نتذكر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قائدا وزعيما ورائدا مصريا وعربيا ودوليا ، ليس سهلا ونحن نكتب عن المناضل الرئيس جمال عبد الناصر في ذكرى رحيله، لأنه ليس ذكرى بل روح الأمة العربية التي لا ولن تموت، ولأنه روح المقاومة الفلسطينة التي قال عنها "لقد وجدت المقاومة الفلسطينية لتبقى ولتنتصر، وعبر المناضل الرئيس جمال عبد الناصر بروحه وشجاعته وبفكره الخلاق وبحلم الوطن العربي الأكبر ، حتى نذر حياته كلها وسقط شهيدا قوميا عربيا ووطنيا مصريا ومقاوما فلسطينيا على أرض الصراع والمواجهة ضد الاستعمار قديمه وحديثه وضد اغتصاب فلسطين واستعمارها واستيطانها وضد التجزئة والتمزق، إنه العزة والكرامة.
ومن هنا لا يمكن ان ننسى المناضل الرئيس جمال عبد الناصر ورسالته وكفاحه ، لأن مبادئه هي المبادىء التي على أسسها تنهض أمتنا العربية وتأخذ مكانها تحت الشمس،من اجل عزة الأمة العربية ووحدتها وكرامتها ومن اجل طرد قوى الاستعمار من كافة أرجاء الوطن العربي، ومن اجل فلسطين الجريحة نهض هذا الضابط المصري الشاب من حصاره في الفالوجة في فلسطين ليحاصر ويطرد قوى الاستعمار من أرض الكنانة، كما لا ينسى الشعب الفلسطيني مواقف الرئيس جمال عبد الناصر الذي رعى قيام منظمة التحرير الفلسطينية لقيادة الشعب الفلسطيني في معركة التحرير واستعادة الأرض الفلسطينية المحتلة، ومن أجل قيام دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس ، ومن أجل حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى وطنهم وأرضهم.
والان يقف الشعب الفلسطيني شامخا في معركة تحرره الوطني من الاحتلال الاسرائيلي ومن الاستعمار الاستيطاني، متمسكا بنهج الرئيس الشهيد جمال عبد الناصر ورمز فلسطين الشهيد الرئيس ياسر عرفات وكافة قادنه الشهداء العمالقة في ااستمرار مسيرة النضال و التضحية والفداء، ولا التراجع مهما اشتد العدوان وعظمت التضحيات.
لهذا نؤكد فلا قيمة للحياة بلا وطن وبلا حرية وبلا كرامة وطنية، ومن قلب فلسطين، وفي ذكرى انتفاضتها يستنهض الشعب الفلسطيني في الاقصى والقدس والضفة الهمم لانه لا سبيل أمامنا غير الصمود والتضحية من أجل الوطن والمستقبل.
اعوام الكفاح تتلاحق في الاحداث التي لم يشهد لها مثيل سابق في إتون معاركنا النضالية ، فقد تميزت هذه الحقبة بعديد من الملاحم على اكثر من صعيد وتميزت بوعي كبير وبصورة فائقة من صور الكفاح الشعبي البطل، ولتعطي برهانا ثابتا للالتحام المتعاظم بين الشعب وثورته وبين الجماهير وقيادتها معلنة باصرار وعناد اروع اطار للاستفتاء الشعبي الحقيقي في مواجهة خطاب اوباما اماتم الامم المتحدة التي تجاهل فيه القضية الفلسطينية، ليبرهن انحيازه الاعمي لكيان الاحتلال الصهيوني ، الا ان صمود شعبنا واستمراه في نضاله وتمسكه بحقوقه الوطنية المشروعه هو الرد الحاسم على الادارة الاميركية والعدو الصهيوني ، فالشعب الفلسطيني وقواه وفصائله ومن خلال الدماء الزكية البريئة التي سالت لتتوج هذا كله باعمق معاني التضحية والفداء سيستمر بمقاومته الشعبية بكافة اشكالها في التحدي للاحتلال والاستيطان .
ان تمسك القيادة الفلسطينية بالثوابت الفلسطينية وفي قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس على كامل الارض الفلسطينية المحتلة، ورفض المشروع الامريكي الصهيوني حول دولة المعازل المتناثرة ذات الحدود المؤقتة على اقل من 50% من مساحة الضفة الفلسطينية ، مما يتطلب من الحالة الفلسطينية تجاوز السياسات الخاطئة الانتظارية، والعمل بشكل سريع لرسم استراتيجية وطنية تستند الى كافة اشكال النضال بمواجهة الاحتلال والاستيطان.
ختاما : ليست الكتابة اليوم عن جمال عبد الناصر بل هي استرجاع لدروس حقبة زمنية عاشت فيها مصر والأمّة العربية معاني العزة والكرامة والإرادة الوطنية الحرة ، بقدر ان مواقف هذا القائد ترسم لنا طريق نحو الحرية بعد ان قدم الشعب الفلسطيني تضحياتٍ كبيرة في حقباتٍ زمنية مختلفة، ولم يتوقّف عطاؤه في أيّة مرحلةٍ من مراحل الصراع مع العدوّ الصهيوني، وحتى تبقى فلسطين نبع لا ينضب من دماء أبنائه ، فتحية الى الرئيس الخالد جمال عبد الناصر النبراس المضيء أمام الأمة وأجيالها، وان المناضل جمال عبد الناصر الرئيس والقائد والزعيم والرائد حي فينا وفي أجيالنا لم ولن يموت أبداً.
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي