في احد المنشورات التي قمت بنشرها على صفحات التواصل الاجتماعي في معرض متابعتي لردود الأفعال حول خطاب الرئيس محمود عباس المزمع إلقاؤه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السبعين ، قلت أن الخطاب سيكون عبارة عن الطلقة الأخيرة ، التي ستجعلنا نحن الفلسطينيون نقف عل مفترق طرق ، إما الفوضى بكل معانيها والتي ستقود إلى الاقتتال الداخلي ، والحزبي ، ما يجبر شعبنا الدخول في متاهات لا يعرف لها نهاية ، فوضى لا تسر صديقا ولا عدو ، وإما أن تعمل على تماسك شعبنا وتجعله أكثر إلحاحا وإصرارا على الوحدة ، والسير قدما في استكمال طريق التحرير والعودة ، ها وقد القي الخطاب واتضحت كلماته ومعانية مزيلة كل اثر لكل التكهنات والتوقعات حوله ، نعم لقد وضعنا الخطاب في مفترق طرق ، وعلى شعبنا أن يختار الطريق المناسب ، وحتى نحسن الاختيار يتبادر هنا إلى الأذهان سؤال : ماذا نريد ؟ وما علينا عمله ، أو بمعنى ما لنا وما علينا ، ما لنا، لنا الكثير بل لنا كل شيء ، كل حق من حقوقنا ، لنا الحياة ، لنا الحرية والاستقلال ، لنا العيش الكريم ، لنا الكرامة ، لنا الأرض ولنا موارد أرضنا وبحرنا وسمائنا .
لقد دفع شعبنا ثمن ما لنا مقدما ، ثمنا باهظا ، دفعنا التشرد المعاناة والحرمان ، في بلاد المهجر والشتات ، تفرق أبنائنا في فيافي الصحراء وفي عرض البحار بل وفي أعماقها ، وعلى الحدود ، دفعنا الدماء والأرواح ، رخيصة من اجل تراب الوطن وما زلنا ، نرفع شعارات الصمود والتصدي والتحدي رغم الدمار والخراب والفقر . بذلنا الغالي والنفيس ليستمر ما لنا لنا . ، لكن ومع الاسف ما زلنا نفقد ، وما زلنا نخسر من الذي لنا فما هو السبيل ؟
لقد جاء الخطاب ناطقا بصراحة تامة ، أن عدونا لا يستحي ، وكما يقول مثلنا العربي : إذا لم تستح افعل ما شئت ، استمرأ هذا العدو كل أنواع الغرور والصلف ، كل أنواع الاستبداد ، كل أنواع القهر والبطش ، ضاحكا ومستهزئا بما نعتقد به وهو سراب السلام من عدو لا يعرف السلام ، حيث عبثية المفاوضات معه التي استمرت زهاء 22 عاما بدون أي نتائج ، نهب الارض ، وسرق الموارد ، واغلق الأبواب ، وحصد الأرواح بكل ما امتلك من قوة وجبروت ، ويطلب منا اللهث وراء سلامة المزعوم . مستغلا ثغرات تاريخية صنعناها بأيدينا في غفلة من الزمن آن الأوان لسدها أو إزالتها إلى الأبد .
بعد هذا الخطاب تقع على الفلسطينيين مسئولية كبيرة إلا وهي امتلاك زمام المبادرة ، والعودة إلى القرار الفلسطيني ، القرار الذي ناضل شعبنا كثيرا من اجل امتلاك قراره لتقرير مصيره ، بعد أن كان القرار الفلسطيني رهن إرادات الغير ردها من الزمن ، اليوم والبعض يحاول الإمساك ببعض خيوط قرارنا من اجل مصالح إقليمية او حزبية أو فئوية ، بات امن الضروري العودة إلى القرار الفلسطيني المستقل الذي يتصل بمستقبلنا ومستقبل أجيالنا ، ويأخذ في الاعتبار مصالحنا الوطنية العليا ، خاصة في هذا الزمن الذي نعيش فيه على صفيح ساخن .
ولكي نظفر بما لنا ، أو على الأقل تمهيد الطريق للظفر بما لنا علينا الكثير ، كثير من العمل ، كثير من التفاني ، كثير من نكران الذات ، كثير من التمسك بالحقوق ، كثير من المحافظة على الذات الفلسطينية .
اعتقد أن الخطاب خاطبنا نحن الفلسطينيين قبل أن يخاطب العالم ، حيث وضع الكرة في ملعبنا لا ملعب أعدائنا ، أن أول شيء يطلب منا هو نبذ الانقسام وبشكل سريع ، مطلوب من سرعة ترميم البيت الفلسطيني ، مطلوب منا وضع إستراتيجية فلسطينية جديدة ، إستراتيجية مواجهة مع عدو اتفقنا انه لا يستحي ، وانطلاقا من هذا المبدأ لابد من الآتي :
- الإسراع في عقد المجلس الوطني الفلسطيني الذي تقررتاجيل انعقاده خلال المدة المقررة ، لانتخاب أعضاء لجنة تنفيذية جديدة تضم كافة أطياف الشعب الفلسطيني ومنها حركتي حماس والجهاد الإسلامي .
- التوجه بسرعة بعد ذلك لانتخابات تشريعية ورئاسية لدولة فلسطين .
- وضع برنامج عمل وطني لمواجهة المحتل بكل الوسائل المتاحة ضمن إستراتيجية وطنية قوامها الصمود والبناء والمحافظة على الذات مستفيدين من الزخم الدولي المؤيد والمساند لقضيتنا .
- اتخاذ كافة الإجراءات المتفق عليها من اجل تحقيق ما سبق وأولها التئام الإطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية .
هكذا في اعتقادي نخرج من حالة الحيرة والتيه التي نحن فيها ، فلا تجعلوا الوقت يمر فعدونا ربما يكون أسرع منا .
بقلم/ أكرم أبو عمرو