ما بعد خطاب الرئيس.. ما لنا وما علينا

بقلم: أكرم أبو عمرو

في احد المنشورات التي قمت بنشرها على صفحات التواصل الاجتماعي في معرض متابعتي لردود الأفعال حول خطاب الرئيس محمود عباس المزمع إلقاؤه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السبعين ، قلت أن الخطاب سيكون عبارة عن الطلقة الأخيرة ، التي ستجعلنا نحن الفلسطينيون نقف عل مفترق طرق ، إما الفوضى بكل معانيها والتي ستقود إلى الاقتتال الداخلي ، والحزبي ، ما يجبر شعبنا الدخول في متاهات لا يعرف لها نهاية ، فوضى لا تسر صديقا ولا عدو ، وإما أن تعمل على تماسك شعبنا وتجعله أكثر إلحاحا وإصرارا على الوحدة ، والسير قدما في استكمال طريق التحرير والعودة ، ها وقد القي الخطاب واتضحت كلماته ومعانية مزيلة كل اثر لكل التكهنات والتوقعات حوله ، نعم لقد وضعنا الخطاب في مفترق طرق ، وعلى شعبنا أن يختار الطريق المناسب ، وحتى نحسن الاختيار يتبادر هنا إلى الأذهان سؤال : ماذا نريد ؟ وما علينا عمله ، أو بمعنى ما لنا وما علينا ، ما لنا، لنا الكثير بل لنا كل شيء ، كل حق من حقوقنا ، لنا الحياة ، لنا الحرية والاستقلال ، لنا العيش الكريم ، لنا الكرامة ، لنا الأرض ولنا موارد أرضنا وبحرنا وسمائنا .

لقد دفع شعبنا ثمن ما لنا مقدما ، ثمنا باهظا ، دفعنا التشرد المعاناة والحرمان ، في بلاد المهجر والشتات ، تفرق أبنائنا في فيافي الصحراء وفي عرض البحار بل وفي أعماقها ، وعلى الحدود ، دفعنا الدماء والأرواح ، رخيصة من اجل تراب الوطن وما زلنا ، نرفع شعارات الصمود والتصدي والتحدي رغم الدمار والخراب والفقر . بذلنا الغالي والنفيس ليستمر ما لنا لنا . ، لكن ومع الاسف ما زلنا نفقد ، وما زلنا نخسر من الذي لنا فما هو السبيل ؟

لقد جاء الخطاب ناطقا بصراحة تامة ، أن عدونا لا يستحي ، وكما يقول مثلنا العربي : إذا لم تستح افعل ما شئت ، استمرأ هذا العدو كل أنواع الغرور والصلف ، كل أنواع الاستبداد ، كل أنواع القهر والبطش ، ضاحكا ومستهزئا بما نعتقد به وهو سراب السلام من عدو لا يعرف السلام ، حيث عبثية المفاوضات معه التي استمرت زهاء 22 عاما بدون أي نتائج ، نهب الارض ، وسرق الموارد ، واغلق الأبواب ، وحصد الأرواح بكل ما امتلك من قوة وجبروت ، ويطلب منا اللهث وراء سلامة المزعوم . مستغلا ثغرات تاريخية صنعناها بأيدينا في غفلة من الزمن آن الأوان لسدها أو إزالتها إلى الأبد .

بعد هذا الخطاب تقع على الفلسطينيين مسئولية كبيرة إلا وهي امتلاك زمام المبادرة ، والعودة إلى القرار الفلسطيني ، القرار الذي ناضل شعبنا كثيرا من اجل امتلاك قراره لتقرير مصيره ، بعد أن كان القرار الفلسطيني رهن إرادات الغير ردها من الزمن ، اليوم والبعض يحاول الإمساك ببعض خيوط قرارنا من اجل مصالح إقليمية او حزبية أو فئوية ، بات امن الضروري العودة إلى القرار الفلسطيني المستقل الذي يتصل بمستقبلنا ومستقبل أجيالنا ، ويأخذ في الاعتبار مصالحنا الوطنية العليا ، خاصة في هذا الزمن الذي نعيش فيه على صفيح ساخن .

ولكي نظفر بما لنا ، أو على الأقل تمهيد الطريق للظفر بما لنا علينا الكثير ، كثير من العمل ، كثير من التفاني ، كثير من نكران الذات ، كثير من التمسك بالحقوق ، كثير من المحافظة على الذات الفلسطينية .

اعتقد أن الخطاب خاطبنا نحن الفلسطينيين قبل أن يخاطب العالم ، حيث وضع الكرة في ملعبنا لا ملعب أعدائنا ، أن أول شيء يطلب منا هو نبذ الانقسام وبشكل سريع ، مطلوب من سرعة ترميم البيت الفلسطيني ، مطلوب منا وضع إستراتيجية فلسطينية جديدة ، إستراتيجية مواجهة مع عدو اتفقنا انه لا يستحي ، وانطلاقا من هذا المبدأ لابد من الآتي :

- الإسراع في عقد المجلس الوطني الفلسطيني الذي تقررتاجيل انعقاده خلال المدة المقررة ، لانتخاب أعضاء لجنة تنفيذية جديدة تضم كافة أطياف الشعب الفلسطيني ومنها حركتي حماس والجهاد الإسلامي .

- التوجه بسرعة بعد ذلك لانتخابات تشريعية ورئاسية لدولة فلسطين .

- وضع برنامج عمل وطني لمواجهة المحتل بكل الوسائل المتاحة ضمن إستراتيجية وطنية قوامها الصمود والبناء والمحافظة على الذات مستفيدين من الزخم الدولي المؤيد والمساند لقضيتنا .

- اتخاذ كافة الإجراءات المتفق عليها من اجل تحقيق ما سبق وأولها التئام الإطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية .

هكذا في اعتقادي نخرج من حالة الحيرة والتيه التي نحن فيها ، فلا تجعلوا الوقت يمر فعدونا ربما يكون أسرع منا .

بقلم/ أكرم أبو عمرو