صباح اليوم قمت بطرح سؤال محدد على مجموعة محددة من المثقفين وكتاب الرأي الإعلاميين ومتخصصين ووزراء سابقين، وصحفيين، وكان السؤال :" ماذا تسمي ما يحدث الآن: استنزاف، مواجهات، انتفاضة، هبة، مظاهرات، أم احتجاج"، وكانت الإجابات مختلفة بين الآراء مجتمعة، ولربما كانت أكثر الآراء تميل إلى التسمية بــ "مواجهات، وهبة" .
هذه الإجابات وعلى أهميتها، وهذا البحث السريع وعلى تواضعه، يكشف لنا أن اسما موحدا لم يطرح حتى الآن في محيط المثقفين وان ما يتم من طرحه عبارة عن اجتهادات، أو لنقل مجازاً "ضبابية في التحديد"، وهذا ينعكس أيضا على مستوى وجغرافية الأحداث التفاعلية في المدن الفلسطينية، التي تختلف فيها حدة الأحداث من مدينة لأخرى وغابت حتى اللحظة تفاعل القرى بالصورة المعتادة، وفي المقابل برزت نتيجة تراكمية للمقاومة الشعبية من حيث الأساليب، وعادت مظاهر انتفاضة الحجر المقدس " الأولى" ويقودها فتيان وشبان، ولم تتضح بعد المظاهر التي سادت في انتفاضة الأقصى "الثانية"، وهنا نقول أن الشعب الفلسطيني المناضل مستمر في عطائه من أجل حفظ هويته الوطنية والتمسك بأرضه وحقوقه المشروعة جيل بعد جيل.
وباعتقادي أن تسمية ما يحدث سيكون دقيقا في حال وصلت الأمور الى "الانفجار البركاني الشعبي" وهذا يتم تراكميا ولربما بعد حادث كبير يتأثر به شعبنا و(ينتفض) غضبا، وتتداخل الأوراق ويستلم الميدان القرار الجماهيري، ويُرجح هنا أن كلمة السر تكمن في "قبة المسجد الأقصى" لهذا وإكراما لأهدس القدس الصامدين ولقدسية المسجد الأقصى، فإن "غضبة القدس" ستكون فاصلة وتقترب أكثر من وعنا ومن ظروفنا وتختلف عن ظروف اندلاع الانتفاضتين السابقتين وان ظهرت نفس المشاهد وكأنها مكررة او مستنسخة، فنحن نتحدث اليوم عن المرابطين في الأقصى ودفاعهم عن أولى القبلتين مسرى رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ونتحدث عن شوارع القدس وضواحيها وقراها التي أراد الاحتلال أن يخنقها بالجدار، فصارت تحتل واجهات الاعلام وتسجل اعلى مستوى في الغضب عن سائر مدن وقرى الوطن .
ولا يخفى على أحد أن الخلاف الفلسطيني الداخلي يلقي بظلال كئيبة على إمكانية التوحد حول برنامج واحد في جغرافيا الدولة الفلسطينية، ومن المنطق أن يكون يتم في الأيام القريبة لقاءات على مستوى منظمة التحرير الفلسطينية مع الفصائل الفلسطينية سواء في الضفة الغربية او في قطاع غزة، لبلورة موقف سياسي موحد وتدارس ما يجري في ميدان الغضب الفلسطيني، لأن المتابعين ينظرون إلى الانقسام الفلسطيني ويعتبرونه أهم أسباب الانتكاسة الفلسطينية وتراجع وحدة الفعل في جغرافيا شهدت خلال 28 عاما سبقت إرادة جماهيرية تفاعل معها العالم وحركت كل زوايا القضية الفلسطينية .
وأيضا يبحث الميدان الفلسطيني عن وحدة قيادة ميدانية وسياسية "قيادة وطنية موحدة" وهذا ما يمكن تسميته سياسيا "الحكومة الوطنية الموحدة" التي تستند إلى منظمة التحرير الفلسطينية وتتجاوز السلطة الوطنية الفلسطينية بكل أعباءها وثقل مهامها وما ورثته منذ قيامها، وهنا نقول أن قيام حركة جماهيرية ثائرة أو غاضبة تعني أن الدولة الفلسطينية قررت أن تدافع عن عاصمتنا الأبدية القدس، وعن جغرافيا حقها المشروع بكل الوسائل التي كفلتها وشرعنتها الأمم المتحدة واتفاقية جنيف ذات الصلة، وهنا نقول أن حكمة الفعل المقاوم يجب أن تغلب على العاطفة أو الانفراد بالفعل في الميدان لكي نربط العمل السياسي مع العمل الجماهيري مع التعبئة الشاملة مع القيادة المؤثرة مع صدِّ هجمات المستوطنات وحفظ الأمن المجتمعي، وتحريك الواقع السياسي المتجمد، وان يكون لدينا سياسة إعلامية موحدة وواضحة وقرار فلسطيني مستقل وواحد وبرنامج شمولي غير مجزأ آو منقوص أو مبتور في منطقة دون أخرى.
ملاحظة / قررت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" بأن يكون جزء من فعاليات الرد على جريمة حرق الطفل محمد أبو خضير، بتكثيف الصلاة، والرباط في المسجد الأقصى، وتشكيل لجان الحراسة ومقاومة المستوطنين من قِبل كل أقاليم الحركة بالضفة الغربية.
بقلم د.مازن صافي