نكتب كثيرا عن سلوك السلطة وعمودها الفقري في الضفة الغربية حركة فتح حول سلوك السياسة والأمن وإدارة المجتمع؛ غير أن معطيات جديدة وإضافية باتت قيادة حركة فتح تدركها جيدا.
فليس هي الحالة التي خدر فيها قادة الحركة أنصارهم المنتصرين لغزة في الحرب الأخيرة على القطاع عبر خطاب شكله "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا" ومضمونه تنسيق أمني ومنع رصاصة واحدة في الضفة في وجه الاحتلال، وليست هي الحالة التي سبقت وأحرق فيها أبو خضير ولا التي تلت ذلك بإحراق عائلة دوابشة واغتيال وزير فتح زياد أبو عين وقتل الفتيات والاستيطان والكثير من الأمور التي تمادى فيها الاحتلال على وقع التنسيق الأمني ورسائل الطمأنة الفتحاوية.
غير أن الجديد ومن جديد هو المسجد الأقصى المبارك ومخطط تقسيم أكبر من خطاب تخديري هنا ورفع علم هناك، فشتان بين من كان يصر على رفع العلم الفلسطيني فوق مآذن القدس وكنائسها وبين من يفرح لرفع علمه خلف البحار وعلى مبنى مؤسسة أهدرت حق فلسطين منذ عقود.
في حركة فتح نظريات تصطدم بواقع هيمنة تارة وخوف من مجهول تارة أخرى وحالة غضب تسيطر بين الفينة والأخرى؛ لذلك كشفت المواجهة الحالية عن عدم وجود استراتيجية حقيقية لدى الحركة على الأرض، فبعد قرارات المجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني والذهاب للمصالحة لم تلتزم الحركة وبشكل عام المنظمة التي تهيمن عليها فتح بذلك؛ فغابت الاستراتيجية بين حالة الخوف من الذهاب للمصالحة ووقف التنسيق الأمني الذي انعكس على ممارسات أجهزة أمن السلطة في الضفة وحالة التنافر مع الفصائل وملف عقد وتأجيل المجلس الوطني .
ومن بين التناقضات التي أفصحت عن كارثة سياسية تحاول حركة فتح تسويقها على أنها تكتيك ما يجري في أروقة الحركة من تصفية حسابات شخصية ومحاولة إيجاد فكرة التوريث وإقالة وزراء في حكومة التوافق دون مشورة الفصائل وفصل شخصيات في الحركة دون العودة للمحكمة الحركية والكثير من الأخطاء الميدانية المتناقضة؛ ففجأة عناصر تسمي نفسها كتائب الأقصى بسلاح غير الذي تحمله الأجهزة الأمنية وتطلق الرصاص في المدن دون ملاحقتهم واعتقاله من الأجهزة الأمنية تنفيذا لقرار قيادة السلطة المتكرر "سلاح شرعي واحد" و"نحن ضد العنف"، وتارة يعتقل أبناء فتح والمقاومة على يد الأجهزة بحجة الأمن القومي وتماشيا مع التنسيق الأمني.
وعلى وقع هذا كله صفعت السلطة عدة مرات ميدانيا ودوليا وسياسيا ويلقى لها بين الفينة والأخرى فتات يصورونه على أنه أعظم نصر تبقى وسائل إعلامهم تضخمه إلى أن يأتي أيلول القادم ليجهزوا مسرحية تخدير جديدة ممكن أن تكون حصول فلسطين على موقف سيارات داخل مبنى الأمم المتحدة ويخرج الطخيخة وغيرهم في الميادين ويفرحوا بنصر عظيم.
ليس هذا مهما إنما الخطير أن تلك التخديرات التي تطلقها السلطة منذ العام 2006 باتت سلاحا يستخدمه الاحتلال في التمادي أكثر وأكثر حتى بات يقتل ويهدم ويطرد ويبعد ويحاصر والسلطة مشغولة بعلم يلف وكرسي متنقل وغيرها من ثانويات السياسة التي لم تجعل حتى اللحظة سيادة حقيقية على مقر رئاسة حتى..!!!.
وبات المطلوب قبل فوات الأوان أن تتوقف تلك المسرحيات التي تخدر أبناء فتح والشعب الفلسطيني وأن تكون هناك استراتيجية حقيقية بالذهاب إلى المصالحة والمقاومة والشراكة لا أن تستخدم تلك الأوراق تهديدا من أجل أموال وخدمات وتصاريح وغيرها من الأمور التي يستطيع أي عميل في قرية ومدينة أن يوفرها تحت إطار روابط قرى وإدارة مدنية، الشعب بحاجة إلى علم حقيقي يرفرف على مبنى المصالحة والمقاومة والبرلمان الممثل للجميع، فكم استهدف الاحتلال العلم الفلسطيني في الماضي إلا أن شرفه وكرامته كانت كبيرة نظرا للمقاومة والوحدة فالشعب لا يبحث عن علم شكلي بمضمون مهان ومستباح.
ولذلك يرفع الفلسطينيون شعار "الشعب يريد الانتقام والحرية"، ولم يرفع شعار "الشعب يريد علما ورصاص حفلات"، ومن بين أصوات الشعب عائلة دوابشة وأبو خضير والهشلمون وغيرهم الكثير الكثير ممن تخرس صرخاتهم أصواتا تريد أن تعلو على صوت المقاومة، لذلك تجاوزت المرحلة الحالية في هذه الهبة فكرة البيانات والإدانات والتهديدات والآن الميدان يتحدث فكتائب القسام بدأت بقول كلمتها في نابلس و"كريات جات" وسرايا القدس قالت كلمتها في القدس فماذا بعد وأين ومن؟؟ كلها وبشكل متسارع ستجيب عليها فعال الفصائل ومن بينها فتح التي يطالبها الجميع بانخراط أكثر بكل طاقاتها وبرامجها وأدواتها ومسلحيها في مقاومة حقيقية بمن فيهم أجهزة الأمن التي يجب أن تحمي الشعب ومناطق السيادة على أقل تقدير.
بقلم/ محمد القيق