جبريل أنت هدى السماء
وأنت برهان العناية
إبسط جناحيك اللذين
هما الطهارة والهداية
وزد الهلال من الكرامة
والصليب من الرعاية
فهما لربك راية
والحرب للشيطان راية
لم يخلق الرحمن أكبر
منهما في البِرِّ آية
ما أحوج مصر الى مثل هذا الكلام اليوم. ما أحوج العرب والمسملين جميعاً. أمير الشعراء أحمد شوقي قال ما سبق في قصيدته «الهلال والصليب الأحمران» والمقصود حرمة الدم. مَن الشيطان؟ اليوم أقول إنه بنيامين نتانياهو.
شوقي توفي ليل 13-14/10/1932 وأعود اليه اليوم وأقدم بعض شعره الى القراء لعل جمال الشعر ينسيهم بؤس أيامنا ولو الى حين.
في قصيدة له عن الربيع يقول شوقي:
يا عكاظاً تألف الشرق فيه
من فلسطينه الى بغدانه
حملت مصر دونه هيكل الدين
وروح البيان من فرقانه
تتبارى أصائل الشام فيها
والمذاكي العتاق من لبنانه
قلّدتني الملوك من لؤلؤ البحرين
آلاءها ومن مرجانه
قال عن الأندلس:
يا أخت أندلس عليك سلام
هوت الخلافة عنك والإسلام
نزل الهلال عن السماء فليتها
طُويت وعمَّ العالمين ظلام
جرحان تمضي الأمّتان عليهما
هذا يسيل وذاك لا يلتام
البيت الأخير يشير الى سقوط ادرنه (بعد الأندلس) وضياع الخلافة العثمانية. وهو في قصيدة أخرى يقول عن الخلافة:
عادت أغاني العرس رجع نواح / ونعيت بين معالم الأفراح
ضجّت عليك مآذن ومنابر / وبكت عليك ممالك ونَواح
الهند والهة ومصر حزينة / تبكي عليك بمدمع سحّاح
والشام تسأل والعراق وفارس / أمحا من الأرض الخلافة ماح
الفرنسيون ضربوا دمشق بالمدافع واحتلوها في 18/10/1925، وقصيدة شوقي في نكبتها ذائعة سبق أن أشرت اليها فأكتفي اليوم بالبيت الأول:
سلام من صبا بردى أرقّ
ودمع لا يكفكف يا دمشق
وكان الأسطول الإيطالي ضرب بيروت بمدفعيته وقتل وجرح ودمّر، وقال شوقي:
بيروت مات الأسد حتف أنوفهم
لم يشهروا سيفاً ولم يحموك
بيروت يا راح النزيل وأنسه
يمضي الزمان عليّ لا أسلوك
نادمت يوماً في ظلالك فتية
وسموا الملائك في جلال ملوك
أجمل مما سبق شعره عن «غادة حمانا»:
دع الأبرق والبانا
وخذ وادي حمانا
هو الفردوس قد قاما
به الشاغور رضوانا
يحن القلب للقلب
صبابات وأشجانا
ترى في منزل ميّا
وفي آخر غيلانا
الأبرق والبان واديان في جزيرة العرب، وقد اصطافت أسرتي وأنا مراهق في حمانا سنوات وأعرف الشاغور جيداً، إلا أن العاشقَيْن العربيَيْن ميّا وغيلان لم أرهما، كما كنت صغيراً على الغزل.
شوقي يقول في قصيدة أخرى عن لبنان:
السحر من سود العيون لقيته / والبابلي بلحظهن سقيته
وأغنّ اكحل من مها بكفيّه / علقت محاجره دمي وعلقته
لبنان دارته وفيه كناسه / والآس من خضر الخمائل قوته
دخل الكنيسة فارتقبت فلم يطل / فأتيت دون طريقه فزحمته
القصيدة جميلة كلها، وقد تجاوزت اليوم الإسلاميات والخديويات والمدح والرثاء والهجاء في شعر شوقي، فقد سبق أن أشرت الى بعضها، ولا أقول سوى أين لنا اليوم مثل أحمد شوقي وحافظ ابراهيم الذي سبق أمير الشعراء الى رحاب ربه بشهرين ورثاه شوقي رثاء مؤثراً. اليوم نرثي الوطن.
جهاد الخازن