المستوطنات بين الغباء الاسرائيلي والضعف الرسمي الفلسطيني

بقلم: سميح خلف

في عناد لحركة التاريخ وللديموغرافية، وجدت اسرائيل كدولة مؤقته فرضتها معطيات دولية، وصراعات بين قوى دولية سابقة وقوى دولية حاضرة وقد يعيد التاريخ كتابة هذا الصراع من جديد على نفس قاعدة الحضور والغياب والضغف والقوة، وتحت هذه القاعدة ايضا وجدت النظرية الصهيونية واسست حضورها ووجودها في محيط عربي ياخذ بوابات اسيا وافريقيا.
يتحدثون عن دولة فلسطينية مؤقته، ودولة يهودية دائمة الحضور في وسط عربي ممتد من مراكش للبحرين، ومع هذا الحضور يتم التلاعب في حركة التاريخ وموضوعية اركانه التي تؤسس دائما على وجود الشعوب وليس وجود الحكام، وان كان وجود الحكام قد اضعف ارادة الشعوب وتنافرها مع جسم شاذ اوجد قصرا في محيط الامة وعمقها.
67
عام من وجود اسرائيل... ماذا حققت الدولة العبرية..؟؟!! لاشيء .. ففلسطين المحتلة ليست البحيرة الهادئة الخالية من الامواج اليهود الصهاينة بالامن والامان، وان تظافرت كل القوى ان تعطي كل عوامل القوة لكيان بني اصطناعيا في المعامل لكي يرى الحياة.... هنا تتحكم في علاقة الوجود من عدمه والاشياء بما يشابهها انسانيا بعوامل التاريخ والثقافة والتي تفتقر لها الدولة العبرية التي لم يستقر حالها على مدار وجودها على الارض العربية الفلسطينية.
اسرائيل تمارس الغباء بابشع صوره لتثبيت وجودها المؤقت من اعتداءات واجتياحات وقتل وتدمير، وبالاحرى لن تفلح تلك القوى الامبريالية في ابتداع لغة ونهج التصبير "" التحنيط" الذي ابتدعه الفراعنة لموتاهم ولملوكهم واختصر الاختراع لهم وليس سواهم الى الان، فاسرائيل ميتة بموجب حركة التاريخ وان ظهر عليها عوامل القوة التصبيرية من تراكم للخبراء والمخترعين والمزودين لها لبقائها.
الديموغرافيا هي لغة الحسم التاريخي وليست الجغرافيا السياسية التي قد تتغير وتتبدل فسايكس بيكو ليست من الثوابت وما يليها وما سبقها، ولغة التطبيع ومحاولة الاندماج السياسي والامني والاقتصادي والثقافي لن تكون كمثل ورقة البردى التاريخية ليكتبوا عليها ما شأوا من تطبيقات لبروتوكلات حكماء صهيون، فهناك في واقع الامة من يكتبوا على ورق البردي بحروف خالدة عمقها التاريخ والاصالة.
محطات لعب فيها المتغير العربي السياسي والدولي والذاتي الفلسطيني دورا هاما في اشارة استرشاد للمأزق التاريخي والحضوري لما يسمى اسرائيل ، من ثقافة الشرعية الدولية المنقوصة في اتجاه العرب والموثقة للوجود الاسرائيلي في قرارين هامين 181 و194 و 242و338والمبادرة العربيةو كامب ديفيد واوسلو زخارطة الطريق واتفاقية باريس، وهي عبارة عن مركبات متكاملة متجنحة ضد حركة التاريخ ووجود الامة العربية ومصالحها وعلاقاتها، وضد اول من اخترع الكتابة المسمارية وورق البردى وغيره من اسس الحضارة العربية والفرعونية وصراعاتها مع قوى الاحتلال والاستعمار.
اسرائيل ما بين مفهومين اسرائيل الكبرى واسرائيل العظمى توهان فكري وتوهان تطبيقي وتارجح لمعطيات جديدة لفشل النظرية الصهيونية، ولعوامل متجهة لاستهداف الامة وغزوها ثقافيا وجغرافيا واقتصاديا وامنيا، اما على صعيد الذات الفلسطيني فلقد كانت اوسلو هو فن صناعة واعادة صياغة فن التحنيط والتجميد للصراع، وبلغة الافق الضيق لمصالح محدودة يقودها افراد معدودين، تضمن بقاء اسرائيل ايضا بعكس حركة التاريخ وفرضياته وحتمياتهز
اسرائيل تفهم حتمية التاريخ ومداركه وقياداتها من الصف الاول الى الصف الرابع الذي يقوده نتنياهو تفهم ان الضعف للامة وبرامجها ومصوغاتها للصراع قد تفيد اسرائيل زمانيا ولتن تفيدها مكانيا، وامام حتمية مصيرها تتجه للهروب للامام، لحالة الاشتباك المتداخل بين الفلسطينيين العرب بعمق عربي من مراكش لبحرين مع مستوطنات تفتقر لاي اسس موضوعية وجغرافية سياسية وامنية، فالسلاح والقوة لا يضمن الامن والاستقرار لمستوطنات وجدت في عمق التشكيل الديموغرافي العربي فربما خنجر او سكين في يد عربي يضحض فكرة الامن والاستقرار والبقاء ، واذا ما اتسعت المواجهة التي قد تقودها الشعوب وليس الاطارات الرسمية التي وجدت كمادة تصبيرية لبقاء المستوطنات .
ثقافة اوسلو بما فيها حل الدولتين هي تلاعب خادع لفعل العزل بين الديموغرافيا الفلسطينيةوالعربية ومطلباتها القومية والدينية والتاريخية وبين رغبة البقاء لكيان يتوسع استيطانيا في بئر الغباء الاسرائيلي والمبني على الضعف الرسمي الفلسطيني وثقافته.
ما تشهده الضفة الان وشمال فلسطين والقدس هي حالة اشتباك مباشرة قد تستخدم فيها كل الطرق والاساليب من السلاح الابيض الى ان تتقدم الى اشتباك شعبي مباشر مع المستوطنات والمستوطنيين، ومع فشل ثقافة دامت لعقود حاولوا تمريرها على الشعب العربي الفلسطيني من ثقافة المصالح الفردية والشرذمة الفصائلية والانفلاش الاجتماعي وغيره من اساليب رافقت اوسلو وتطبيقاها... ولكن ستنتصر حتما لغة التراث والتاريخ وعمقه الثقافي والاجتماعي مهما احدثت بعض المتغيرات من تردي لقيادة تحاول ان تستمر في مهامها التدميرية لاسس الوجود العربي الفلسطيني على الارض التاريخية، في اطراد مع توسع الاستيطان... وفي الحقيقةانه الغباء الاسرائيلي وضعف رسمي فلسطيني يسوق حالة اشتباك مباشر بين التجمعات الاستيطانية والرصيد الهائل للوجود الديموغرافي العبي بثقافته عبر الالاف السنيين.
سميح خلف