في الوقت الذي تنادي به الحملات الشعبية الفلسطينية لمقاطعة منتجات المستوطنات ووجود قرار رئاسي يُجرم كل من يتعامل معها, إلا أن هذه المنتجات تكتسح الأسواق الفلسطينية وللأسف يتم تمويهها بأغلفة فلسطينية وأخرى تدخل كما هي, وحسب تقديرات وزارة الاقتصاد الوطني فإن اقتصاد المستوطنات يربح سنوياً 200 مليون دولار فقط من السوق الفلسطيني.
إسرائيل تمعن في سياساتها الاستيطانية وتعمل على دعم هذه المنتجات , حيث تقدم الحكومات الإسرائيلية مزايا ضريبية وحوافز مالية لتشجيع منتجات المستوطنات, ولهذا الغرض صادرت إسرائيل آلاف الدونمات في مناطق مختلفة من الضفة الغربية لإقامة مناطق صناعية عليها, والتي بلغ عددها سبع مناطق, وتضم نحو 250 مصنعاً في شتى المجالات, إضافة إلى 3000 منشأة أخرى من مزاره وشركات ومحلات تجارية متنوعة.
وعن مدى خطورة منتجات المستوطنات لابد أن من التوضيح أن هذه المنتجات تشكل خطراً حقيقياً على البيئة والاقتصاد الفلسطيني , فيما يتعلق بتأثير هذه المنتجات على البيئة والصحة العامة, فإن معظم مصانع المستوطنات تلحق ضرراً بالغاً في البيئة والصحة العامة , نظراً لأن هذه المصانع لا تتخذ الإجراءات اللازمة لمنع التلوث , ولا تخضع منتجاتها لأي نوع من الرقابة على شروط الإنتاج.
وأما فيما يتعلق بتأثير هذه المنتجات على الاقتصاد الفلسطيني فإن هذه المنتجات تحمل في طياتها تأثيرات سلبية الاقتصاد وتمثل تهديداً حقيقياً لمستقبل الصناعات الفلسطينية, نتيجة المنافسة غير العادلة بين المنتجات المحلية ومنتجات المستوطنات, إذا أن منتجات المستوطنات تحتل حيزاً كبيراً في السوق الفلسطيني على حساب المنتجات المحلية الأمر الذي أدى إلى ضعف القدرة التنافسية للمصانع والمنشآت الوطنية وتكبدها خسائر كبيرة وإغلاق البعض منها أو تقليص كميات الإنتاج إلى الحد الأدنى.
في الختام يمكن القول أن الاستيطان هو جريمة حرب بل يعد أبشع صور الإرهاب, لذلك فإن التعامل مع اقتصاد المستوطنات هو جريمة أكبر وأبشع, وعليه يتطلب من الحكومة الفلسطينية التعامل بجدية أكثر مع هذا الموضوع الخطير بتجريم التعامل مع اقتصاد المستوطنات وفرض ضرائب ووضع تعقيدات وتعجيزات تمنع التجار والسماسرة من استيراد هذه المنتجات وطرحها في السوق, بالتزامن مع حملة لتنظيف هذه المنتجات من الأسواق ومصادرتها وإتلافها هذا من ناحية, ومن ناحية أخرى يجب الاستمرار في دعم حملات المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الإسرائيلية والمستوطنات وتوعية الجمهور الفلسطيني للتجاوب مع هذه الحملات ودفع المستهلك الفلسطيني إلى ترك المنتج الإسرائيلي ودعم المنتج المحلي خاصة وأن حملات المقاطعة الدولية والأوروبية لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية ومنتجات المستوطنات بدت تؤتي ثمارها وحققت نجاحات كبيرة وكلفت إسرائيل خسائر مادية ملموسة.
رائد محمد حلس
باحث في الشؤون الاقتصادية
غزة - فلسطين