عندما عُين المتصهين جون كيري خلفا للسيدة كلينتون كوزير لخارجية اميركا، هلل بعض الساسة الفلسطينين بهذا التعيين، ربما نتيجة لمواقفه المناهضة للحرب على العراق، معتبرين انه سيعمل على حل الصراع المزمن مع الصهاينة، ناسين أو متناسين انه من اصول يهودية تتعلق بِجَدّيْه، وهذا ما لا يمكن ان يجعل منه وسيطا نزيها.
جون كيري اثبت خلال سنوات تعيينه في منصبه، وقيامه بمهمة "الوسيط"،، انه لم يستطع التأثير على المواقف الصهيونية، وكان دوره لا يتعدى ممارسة الضغط على الفلسطينيسن وإظهار كل انواع "المرونة" التي تعني "التراجع والتنازل".
المتصهين كيري، كما ودولته التي لا تقل إجراما عن دولة الاحتلال، لم يتوان أبدا عن توفير ما يلزم من حماية في المحافل الدولية للاحتلال، من خلال الضغط على الكثير من الدول العربية أو الغربية لإحباط اية قرارات يمكن ان تُدين الكيان، وعمل على تغيير الكثير منها و"تخفيف" لهجتها، بحيث تبدو باهتة وغير حاسمة في إدانة دولة الكيان، وعدم "حشرها" في الزاوية أمام المجتمع الدولي والرأي العام العالمي.
من المعروف انه تم تشكيل اللجنة الرباعية التي تضم كل من اميركا، روسيا، الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة، وقد ترأسها السمسار البغيض طوني بلير، هذه اللجنة، التي كلفت بالبحث عن حلول للصراع، كان لامريكا ووزير خارجيتها كيري الدور الأكبر في عدم فاعليتها وذلك لإبقاء التفرد الامريكي كوسيط ، وبالتالي ممارسة كل ما يمكن من اجل خدمة دولة العصابات واهدافها، وليس من اجل القيام بدور الوسيط النزيه.
خلال الهبة الجماهيري الحالية، لم يتردد كيري في القول انها اعمال ارهابية، كما وإدانتها بأقسى العبارات، واعتبار مقاومة الاحتلال المشروعة بحسب القوانين والشرائع الدولية أعمالا إرهابية، تساوقا مع طروحات نتانياهو، واعتبار ما يقوم به الاحتلال إجراءات مشروعة، ومدافعا عن كل جرائم العصابات الصهيونية.
الزيارة التي ينوي كيري القيام بها الى المنطقة، تأتي في ظل تعاظم الهبة الجماهيرية وما تسببه من رعب على كل المستويات الرسمية والشعبية في دولة الاحتلال، محاولا من خلالها، ايهام الجماهير الفلسطينية، انه جاء منقذا للعملية السياسية التفاوضية التي بدأت قبل عقدين، والايحاء بأن هنالك ما يمكن عمله، علما بانه يدرك تماما ان حكومة الاحتلال حكومة مستوطنين بامتياز، ليس على اجندتها سوى الاستيطان والمزيد منه، وزيادة اعداد المستوطنين في الاراضي المحتلة، وذلك لتحويل الصراع من صراع يتعلق بالحرية والاستقلال وانهاء الاحتلال، إلى صراع ديمغرافي فقط.
الخارجية الامريكية التي يقودها جون كيري، تعتبر إن ما يقوم به الشباب الفلسطيني اعمالا ارهابية يجب توقفها ويطالب ابو مازن بادانتها، في الوقت الذي لم يأت على سيرة ما يقوم به نتانياهو ومستوطنيه من اعدامات ميدانية وبدم بارد لمجرد الشبهة.
الولايات المتحدة ومنذ قيام دولة العصابات، كانت الداعم الأهم لها من تسليح وتمويل، وكانت المدافع الابرز عن كل مجازرها وحروبها، هذا بالاضافة الى ما توفره من غطاء لدولة الاحتلال في المحافل الدولية.
نعتقد بان استقبال كيري على المستوى الرسمي، يجب ان يكون في ادنى مستوى تمثيلي قدر الامكان، خاصة في ظل معرفتنا، انه لم يأت سوى من اجل العيون الصهيونية، وتخفيف الضغط عن الاحتلال التي فشل في السيطرة على الهبة الجماهيرية واربكت الحسابات الصهيونية، وأعادت فرض واقع جديد يتمثل على الاقل باعادة تقسيم القدس، لا بل واعادة احتلالها.
اما على المستوى الشعبي، فهذه دعوة للجميع لكي يكون استقباله فقط بالاحذية والبيض الفاسد، وان تكون طريقة استقابله بما يستحقه من أحذية، واحدة من فعاليات الهبة الجماهيرية، من اجل ان تدرك امريكا ومن يمثلها انها لم تعد مرحب بها ولا بسياساتها المنحازة لدولة الاحتلال ولكل المجرمين في العالم.
بقلم/ رشيد شاهين