ندرك تماما بان ما يتمناه القيادي المؤثر في حزبه أو حركته شيء ,وما يرجوه كاتب شيء آخر, فالقيادي عندما يتمنى ,وخاصة عندما يكون بوزن الزهار,فان له من المقومات والآليات ما يدفعه إلى التأثير لتحقيق بعض ما يتمنى ويدعو له, في حين أن الكاتب العادي فان تمنياته ربما لا تتجاوز حدود الصفحة التي طبع فيها حروف كلماته ,ولكن ما لا ندركه هو أن يتساوق بعض القياديين مع بعض الأطروحات وهم يدركون بذلك أنهم يدفعون بشعبهم ليس إلى الاندحار فقط ,بل والى الانتحار بفعل التصادم, ليس مع استراتيجياتهم للصراع فحسب ,بل والى التصادم مع برامجهم التكتيكية ,ولهذا نصرخ بعلو الصوت بوجه القيادي في حركة حماس محمود الزهار الذي دعا لعسكرة الانتفاضة مع رفض المصالحة لنقول له لا لعسكرة الانتفاضة, وما هكذا تورد الإبل يا دكتور.
إن التصريحات التي أطلقها صباح هذا اليوم الدكتور محمود الزهار والتي يدعو فيها إلى عسكرة الانتفاضة ,مع التأكيد على إصراره في رفض المصالحة مع ما اسماه تيار خيار الدولتين يجعلنا نعيد تساؤلاتنا حول كل تصريحاته ,وخاصة حول دعوته إلى عسكرة الانتفاضة في ظل إدراكنا التام لانعكاسات عسكرتها على شعبنا وقضيتنا, فالانتفاضة الثانية ما زالت في الذاكرة, وما زلنا نعاني أثارها حتى اليوم ,اقلها كان الانقسام ووصف نضال شعبنا بالإرهاب. , فلماذا يصر الزهار وكل من يتساوق معه من المضللين والحردانين على دفع الغرب بالتراجع عن تعاطفه معنا في ظل ما يمتلكه الصهاينة من تأثير اقتصادي وإعلامي على اتجاهات الرأي العام الغربي؟ , والى متى سيستمر الدكتور الزهار وهو والد الشهداء في الاصرارعلى النهج ألاستئصالي ورفض الآخر مع السعي إلى إنهائه؟, فالغالبية من شعبنا باتوا يدركون أن لا خيار الآن إلا خيار الدولتين, فهل سيسعى الزهار إلى رفض المصالحة مع كل هؤلاء, بل والسعي أيضا إلى استئصالهم جميعا ؟ .
ليدرك الدكتور محمود الزهار بان حركته التي أعلنت عن نفسها بعد شهر من الانتفاضة الأولى والتي رفضت أيضا مواكبة الانتفاضة الثانية منذ بدايتها ,بان محاولة حرف الانتفاضة الثالثة عن مسارها من خلال محاولات عسكرتها أو دفعها للتصادم مع السلطة لن تفلح, وبان قوة الحجر والمقلاع والسكين بيد شبل وزهرة وبيد شاب وعجوز وصبية أيضا لهى اقوي من كل الصواريخ وأجدى من كل العمليات العسكرية التي يدعو لها في ظل عالم أحادي ظالم ومتغطرس ,ولنا في التاريخ دروس وعبر.
قبيل الانسحاب الانجليزي من فلسطين ,ورغم إغراق الجيش البريطاني المستوطنات الصهيونية بالسلاح مع تمليكهم الأراضي في أكثر المناطق إستراتيجية مع تسليمهم اكبر المدن وأكثرها حيوية تجسيدا لقرار التقسيم ,فان الجيش الصهيوني لم يتمكن من السيطرة على الجزء المخصص لهم لإقامة الدولة اليهودية بفعل بطولات شعبنا بجانب بعض الأبطال من جيش الإنقاذ فجاء سيناريو حرب ال1948 من خلال قرار دخول الجيوش العربية للوقوف على حدود التقسيم فكانت مصادرة السلاح وملاحقة المجاهدين ,إلا أن الشعب الفلسطيني وبحماية من جيش مصر كان قد استطاع الحفاظ على ما كان تحت سيطرة مجاهديه من مدن وقرى كانت من حصة اليهود حسب قرار التقسيم , بل وكان أبطال الجهاد المقدس في انتصارات متتالية إلى أن استطاع الغرب من خلال الأنظمة العربية وعلى رأسها نظام الأردن الهاشمي في العراق وشرقي الأردن من فرض الهدنة الأولى والثانية لإمداد اليهود بسلاح الطيران فكان لهم ما كان, فبعد أن كانوا في حالة من الحصار والذل والانكسار باتوا في حالة نشوة وانتصار ,حيث تحقق لهم أكثر مما أرادوا وهي دولة تجاوزت حدود التقسيم.
ما أردت قوله بان الجندي الصهيوني هو جبان بطبعه لأنه يحب الحياة ولو بذل وانكسار, كما انه يخشى الموت ولو انه كان وراء جدار,ولذلك فانه يسعى لامتلاك القوة الفتاكة ليقتل وهو بعيدا عن ساحات المواجهة كما فعل خلال الهدنة الثانية في حرب النكبة ,وكما فعل أيضا في حربه الأخيرة على غزة فلما ندعو إلى قتلنا جميعا وتدمير ممتلكاتنا وبنانا التحتية من خلال طائراته المقاتلة واحتمائه بها بحجة محاربته الإرهاب؟
إن استمرار انتفاضة الحجر والمقلاع والسكين وعدم عسكرتها يودي إلى انكسار هذا الجيش وإذلاله كما شهدنا في عملية النقب وما قبلها وما سيأتي بعدها وإذا ما توجهنا إلى عسكرتها فان ذلك حتما سينقل الجيش الصهيوني من حالة الإذلال إلى حالة الانتصار لان الغلبة ستكون حتما للطائرة والدبابة تماما كما حدث في حرب ال1948 فهل من متعظ؟.
بقلم :ماجد هديب