بيان إلى الرأي العام الفلسطيني.. الرئيس في خطر فهل من شبكة أمان؟

بقلم: ماجد هديب

ما من شك بأن ما صدر عن نتياهو في خطابه الأخير داخل جلسة للمؤتمر الصهيوني ليس زلة لسان ,أو مجرد خلاصة لما توصل إليه بحثيا قالها أمام جموع من طلبة قسم التاريخ في الجامعة العبرية ,بل هو خطاب سياسي بامتياز لان ما تلفظ به تجاوز المعلومة المجردة والعابرة قصد إبلاغ فكرة لمحاولة التأثير من خلالها وتحقيق عدد من النقاط والأمور والرسائل ,والتي كان يرغب بشمولها في خطابه دون أن يفسر ويبين أو يفصل.

إن ما أراد نتنياهو من إعلانه وقصد إيصاله والعمل على محاولة تحقيقه هو التأكيد على خطة عمل لسياساته المقبلة ,وفي مقدمة ذلك العمل على عزل الرئيس عباس فلسطينيا وعربيا ودوليا ,تماما كما نجح أسلافه من قادة الحركة الصهيونية وبمساندة الانجليز وأعوانهم من العرب والفلسطينيين بعزل الحاج أمين الحسيني .

وإذا ما كان هؤلاء قد نجحوا بعزل الحاج أمين الحسيني وملاحقته قضائيا بتهمة ميوله الفاشية والنازية نتيجة لموقفه المساند لألمانيا في الحرب الثانية ,واتفاقه مع موسوليني بإمداد الفلسطينيين بالعتاد وتدريبهم عليه ,فان الدعوة إلى عزل الرئيس عباس ستكون بذريعة تحريضه على إشعال الحرب الدينية ضد اليهود عبر التشويه والتحريض وفقا لما جاء في أقوال نتنياهو الذي المح أيضا للمقاربة بين الحاج أمين والرئيس عباس في التحريض على اليهود حرقا وطعنا ,فهل سينجح نتنياهو بتشكيل تكتل عربي إسرائيلي فلسطيني لعزل الرئيس عباس كما نجح أسلافه بعزل الحاج أمين الحسيني ؟, أم أن أحلام نتياهو وعنجهيته ستتحطم على صخرة الوحدة الفلسطينية وتشكيل العرب شبكة أمان لحمايته سياسيا وجسديا, مع إيجاد جبهة تحرك لإسناده دوليا تحقيقا لأمال شعبه في التحرر والاستقلال وأقامه الدولة الفلسطينية المستقلة؟.

كان الانجليز والحركة الصهيونية قد دعوا للخلاص من الحاج أمين الحسيني لقيادته الحركة الوطنية ورفضه لسياسة الاستعمار بإقامة الدولة اليهودية ,فاوجدوا لذلك حزبا منافسا للحد من زعامته والعمل على إجهاض الحركة التي يقودها, ولذلك كان الصهاينة قد أغدقوا على هذا الحزب الأموال وقدموا له كل أنواع الدعم لإنجاح مهمته في شق وحدة الشعب الفلسطيني, وخاصة بعد أن كان الحاج أمين الحسيني وبصفته الوطنية والإسلامية قد دعا العالم الإسلامي إلى وجوب تقديم العون لعرب فلسطين ضد الانتداب والصهيونية ,وذلك أبان هبة البراق عام 1929, مع توجيه دعوة لعلماء الأمة الإسلامية لحضور المؤتمر الإسلامي من اجل العمل على صيانة الأماكن المقدسة من الأيدي الممتدة وفقا لما جاء في دعوته إليهم.

كانت بريطانيا قد خشيت ومعها الحركة الصهيونية وأعوانهم العرب من انعقاد هذا المؤتمر لتخوفهم جميعا من نجاحه في إيقاظ الرأي العام الإسلامي واتحاده, وإذا ما كانت بريطانيا قد رأت أن في انعقاد هذا المؤتمر خطرا على مصالحها في مناطق عديدة من أسيا وإفريقيا وهي على أبواب الحرب الثانية ,فان الحركة الصهيونية كانت ترى في هذا المؤتمر تأليبا للعرب على الصهيونية وتسعيرا لنار المقاومة والكفاح ضد الحركة الصهيونية فكان الاتصال بأعوانهم من الفلسطينيين وعلى رأس هؤلاء كان حزب الدفاع لإفشال خطط الحاج أمين, فكان التهويش والتشويش وبث الفتن حول هذا المؤتمر وشخصية الحاج أمين, وقد تعاظم هذا التشويش والتهويش في ثورتي 1933 والثورة العربية الكبرى عام 1936 ,وخاصة بعد اتصال المفتى بموسوليني وهتلر قصد إمداد الحركة الوطنية بالمال والعتاد والذخائر من اجل إشعال ثورة ضد الانجليز.

ازداد التآمر الفلسطيني على الحاج أمين الحسيني ومن معه في قيادة الحركة العربية بإيعاز من الانجليز ومن معهم من أعوانهم العرب بجانب الحركة الصهيونية حيث عملوا ضد المفتي وقاموا بمطاردته في أوج تصاعد ثورة 1936 بتهمة ميوله الفاشية والنازية لتشكيل قيادة جديدة للحركة الوطنية عوضا عن المفتي من اجل تمرير المشاريع المشبوهة وقبول التقسيم, وخاصة بعد لجوء المفتي إلى لبنان وندائه من هناك بتصعيد الثورة .

مع اشتداد الثورة كان وزير المستعمرات البريطاني قد عقد مع توفيق أبو الهدى رئيس حكومة شرقي الأردن اجتماعا قرروا فيه تقديم الدعم المالي والعسكري لجيش شرقي الأردن قصد عزل الثورة عن محيطها الخارجي ,وزيادة عدد القوات لتعقب المجاهدين مع إجراءات عسكرية لإنهاء الثورة داخليا.

كان الحاج أمين الحسيني قد وجد في ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق وما جاء في بيان إعلان سياسة هذه الثورة فرصة لإحياء الثورة الفلسطينية التي نجح العرب في إخمادها فكان فكرة إحياء حكومة عموما فلسطين ,إلا أن أعوان الانجليز لاحقوه وعزلوه سياسيا وجسديا مع إسقاط حكومة عموم فلسطين التي أسسها ردا على محاولات شطب فلسطين وضمها للأردن كجزء من مملكة وعدوا الملك عبدالله بالتربع على عرشها.

إن على الشعب الفلسطيني أن يدرك بان الالتفاف حول قيادته هي بداية النصر والخطوة الحقيقية في بناء الدولة الفلسطينية, وان الانزلاق نحو التبعية لشعارات المقاومة والجهاد والممانعة دون إستراتيجية جامعة تهدف إلى شق وحدة الشعب الفلسطيني تماما كما ساهم الفلسطينيون بإنهاء حكومة عموم فلسطين خدمة لشعارات ما زلنا وباقي الشعب يدفع ثمن ترديدها واحتوائنا من خلالها ,وعلى الرئيس عباس الاستمرار في تحدى الاملاءات الصهيونية والأمريكية بالإعلان عن تصعيد المقاومة الشعبية للشعب الفلسطيني مع العمل بشكل دءوب للضغط على الأسرة الدولية لحماية شعب فلسطين وتعزيز مؤسساته إعلانا لتجسيد القرارات الأممية بقيام دولة فلسطين ,مع ضرورة أن تتخلى القوى السياسية وخاصة حركة حماس عن أطماعها وتنفيذ أجندات الغير في المنطقة والإعلان عن دعمها ومساندتها للرئيس عباس والوقوف معا صفا واحدا في مواجهة التحديات الصهيونية ,حينها يمكن لنا أن نعمل على تحطيم أحلام نتنياهو وحكومته المتطرفة وعدم نجاحه فيما نجح به أسلافه, فهل يمكن لحماس إعلان ذلك؟, وهل يمكن للعرب ولو لمرة واحدة حماية الرئيس عباس وتشكيل جبهة مسانده له في الأروقة الدولية لا في ساحات الحرب لاننا ندرك بان لا استقلالية لهم او حتى حرية في ابداء المواقف؟.

لنرفع الصوت عاليا لنقول لاتجعلوا من السيد الرئيس محمود عباس كمصير الحاج أمين الحسيني, ولا تخذلوه أيضا كما خذلتم عرفات من قبله, بل علينا أن نلتف حول أهدافه في إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس, فإما أن نكون معه أو لا نكون دونه, ونحن يجب أن نكون من اجل فلسطين, لا من اجل أهداف الغير.

كما نقول لحركة حماس التي هي منا ونحن مع بقاء قوتها ...لاتكونوا كحزب الدفاع الفلسطيني الذي لاحق هو الاخر الحاج امين الحسيني ونادى بمحاكمته كما الانجليز طمعا في رئاسة الحركة الوطنية لتنفيذ مشاريع قيادته المشبوهة مع الانجليز والوكالة اليهودية...لا نريد راغب نشاشيبي اخر.

 

بقلم/ ماجد هديب