بلير يعترف.. فمن يجرؤ على محاكمته؟

بقلم: نعيم إبراهيم

لا يهم اعتراف رئيس الوزراء البريطاني الأسبق طوني بلير بأنه ارتكب خطأ عندما قرر مع الرئيس الأميركي جورج بوش غزو العراق في العام 2003؛ فالجميع يدرك حجم الجريمة الدولية التي ارتكبت بحق هذا البلد العربي الشقيق وما تركت من تداعيات كارثية نعيشها اليوم بكل تفصيلاتها.

الأسئلة التي نبحث عن إجابة شافية عنها هي لماذا لم يحاسب المجتمع الدولي هؤلاء المجرمين؟ لماذا لم تطلب محكمة الجنايات الدولية من هؤلاء الامتثال أمامها ومعاقبتهم؟ أين المنظمات التي تدافع عن حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني؟ أين جامعة الدول العربية؟ أين منظمة المؤتمر الإسلامي؟ وأين…..

لقد واصلت الدول الظالمة استهدافها للأمة العربية بعد العراق كما هو قبله وجاءتنا هذه المرة عبر بوابة «الربيع العربي» ودمرت الجماهيرية الليبية وقتلت زعيمها معمر القذافي، وحاولت ولا تزال تدمير مصر وتونس واليمن والجزائر وسورية تحت حجج واهية (الديمقراطية والتعددية والحرية والإصلاح….).

وسُئل بلير خلال مقابلة تلفزيونية مع شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية: «هل كانت حرب العراق خطأ؟»، فأجاب: «أنا أعتذر لحقيقة أن المعلومات الاستخبارية التي تلقيناها كانت خطأ، كما أعتذر أيضاً بسبب بعض الأخطاء في التخطيط، وكذلك الخطأ في تقدير ما الذي سيحصل بعد الإطاحة بالنظام العراقي».

وردا على سؤال هل كانت الحرب على العراق «سبباً رئيساً» في ظهور وصعود تنظيم «داعش» قال بلير: «أعتقد أن هناك بعض الحقيقة في ذلك»، في إشارة منه إلى أن الحرب هي أحد أسباب صعود تنظيم داعش.

وتابع بلير بالقول: «بالطبع لا أحد يستطيع أن يقول بأن أولئك الذين أطاحوا بصدام في العام 2003 لا يتحملون أي مسؤولية عن الوضع الراهن اليوم في العام 2015».

هؤلاء يستخفون كثيراً بالعقل العربي، وبالحقوق العربية ويحاولون تكريس ما زعموا أن «العربي الجيد هو العربي الميت». زعم يعمل حكام السعودية وقطر وغيرهما على جعله واقعا لا لشيء إلا لأنهم استمرؤوا الخسة والتآمر والخيانة ومع ذلك يدعون أنهم عرب أقحاح والعروبة منهم براء.. أحيل هؤلاء إلى ما اعترف به أيضاً دونالد ترامب، المرشح الأوفر حظا للفوز ببطاقة ترشيح الحزب الجمهوري إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية، خلال مقابلة مع القناة ذاتها «الناس هناك تقطع رؤوسهم، يتمّ إغراقهم. انظروا إلى ما حدث. الوضع في ليبيا كارثة. الوضع في العراق كارثة. الوضع في سورية كارثة. الشرق الأوسط برمته كذلك. كلّ هذا انفجر» في عهد الرئيس باراك أوباما ووزيرة خارجيته السابقة هيلاري كلينتون، المرشحة الأوفر حظاً في صفوف الديمقراطيين». ويتابع « لقد أصبح العراق اليوم جامعة هارفرد للإرهاب». ويقول أيضاً «نحن نعيش في العصور الوسطى، إننا نعيش في عالم خطر وفظيع بشكل لا يصدق».

لا شك أن اعترافات أصحاب القرار في الدوائر الغربية سوف تتوالى بارتكاب الاعتداءات والجرائم بحق العرب، غير أن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو هل ينتظر العرب ما سيفعله الأعداء بهم بعد الآن؟

من التبريرات التي تلطى الغرب خلفها في الحرب على العراق، نشر الأفكار الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط، ما أدى إلى ظهور تنظيم داعش وغيره من الميليشيات الإرهابية فمن الأدوات البديلة المحتملة لمحاربة العرب في المرحلة المقبلة؟ سؤال برسم كل الرسميات العربية التي لا تزال تراهن على ديمقراطية وحرية وعدالة وتعددية وإصلاح وتنمية بمقاسات غربية لا تخدم إلا المصالح الغربية العدوانية في المنطقة والعالم.

من كارثة فلسطين 1948 إلى نظيرتها سورية 2015 وبينهما العراق والجماهيرية الليبية وتونس ومصر واليمن، آن للعرب أن يتعظوا ويستفيدوا من الدروس والعبر وإلا فلن تقوم لهم قيامة بعد الآن.

تلك هي رسالة اليوم والغد.. وكفى.

بقلم/ نعيم إبراهيم