الانتفاضة الشعبية.. ثلاث رسائل ساخنة

بقلم: هاني العقاد

مضي شهر على تفجر الانتفاضة الحالية والتي انطلقت نتيجة تراكمات خطيرة سببتها سياسية تكريس الاحتلال الاسرائيلي وانكار اي اسس تقود لدولة فلسطينية مستقلة وتوفر الامن والهدوء لشعوب المنطقة وخاصة اساس حل الدولتين, اليوم يشهد العالم انتفاضة شعبية فلسطينية فجرها شباب لم يحلموا الا بمستقبل كمستقبل باقي البشر ,ولم يتصوروا القدس الا عاصمة الدولة الفلسطينية ,ولم يعد بإمكانهم ان يتحملوا انتهاكات المستوطنين المتطرفين للمقدسات الاسلامية وعربدتهم في كل مكان وكأنهم خلق غير كل البشر , هؤلاء الشباب هم القاطرة التي لحقت بها كل عربات المقاومة الشعبية , لم يتوانى احد او يتراجع , لم تترك الانتفاضة الشعبية بلدة فلسطينية ولا مدينة بالضفة الغربية وحتى الداخل الفلسطيني الا شهدناها هناك ,على كافة حواجز التماس مع الاحتلال ,وعلى كافة مداخل المستوطنات, وفي كل احياء القدس العاصمة والخليل وفي غزة والسياج الحدودي .

بعد شهر من مسيرة الانتفاضة الشعبية التي نتوقع لها ان تكون طويلة الامد بات واضحا ان هناك ثلاث رسائل ساخنة تبعث بها تلك الانتفاضة الى كل من اسرائيل والمجتمع الدولي و القيادات الفصائلية الفلسطينية ولا رسائل للامة العربية لان الانتفاضة لن يستفيقوا الان ولابد من ان تساعدهم الانتفاضة ليستعيدوا عروبتهم, كل له رسالته بلغته التي يفهمها وأول هذه الرسائل الى اسرائيل لتقول لهم بان كل الوهم الصهيوني اليميني المتطرف قد اسقط مع في اول شهر للانتفاضة فقد بدا واضحا ان مراهنة نتنياهو على قبول الفلسطينيين بنظرية العيش مع الاحتلال قد سقطت وسقط معها كل عوامل الامن والاستقرار الذي يتغنى يه سيد الامن الذي وعد الجمهور الإسرائيلي بكثير من الوعودات والاحلام و وعد المستوطنين بمزيد من الاستيطان ومزيد من الحقوق في المسجد الأقصى بل و وعدهم بنصيب لهم هناك ليقيموا هيكلهم المزعوم والغريب انه مازال حتى اللحظة لم يفهم هذه الرسالة ويكابر بانه يستطيع بكل قوة اسرائيل العسكرية والامنية ان يحقق ما يريد , الرسالة التي وصلت حكومة نتنياهو اليوم تؤكد انه يستحيل استمرار الاحتلال واستمرار مخططاته الرامية الى تصفية الوجود الفلسطيني في القدس ويستحيل حل الصراع ببعض من التسهيلات السياسية والاقتصادية للفلسطينيين ودولة مؤقتة لا حدود لها , والرسالة ذاتها تؤكد ان المسجد الأقصى خط احمر وهو فقط للفلسطينيين ولا حق لاحد في زيارته الا بأذن من وزارة الاوقاف الفلسطينية التي هي من تدير هذا المسجد بكامل مساحته , و تؤكد ان الحرم الابراهيمي بالخليل خالص للفلسطينيين لا مكان لليهود هناك ولا تقسيم سوف يستمر هناك.

الرسالة الثانية التي ارسلتها الانتفاضة الشعبية الى واشنطن بالدرجة الاولى وكان جزء منها الى المجتمع الدولي , رسالة واشنطن كانت واضحة بالرغم ان كيري لم يفهمها او فهمها وحاول ان يتجاهل ما جاء فيها وبدلا من ان يصوب اتجاه سياسته التي لم يتبقى عليها في الولاية الحالية سوي الوقت الضائع اخذ يساند القاتل ويصدق بان المقتول يحرض على القتل ,الرسالة ايضا اوضحت للإدارة الامريكية انه لا يمكن للأجيال الفلسطينية ان تنتظر طويلا حتى يأتي رئيس امريكي يوما من الايام ويكشف الغطاء عن اسرائيل ويتخلى عن التأييد التام والأعمى للسياسة الاسرائيلية ويقول كلمة عدل في الصراع ونري تدخل ايجابي لتطبيق حل الدولتين وانهاء الصراع الطويل وهذا يستحيل ان يتحقق في الزمن القريب بسبب العديد من الاتفاقيات الاستراتيجية بين الإسرائيليين والأمريكيين و بسبب تشابه مكونات المجتمع الأمريكي والإسرائيلي , وبسبب قوة اللوبيات اليهودية التي تسيطر على معظم المؤسسات السيادية والسياسية في امريكا . الجزء الاخر من الرسالة التي ارسلتها الانتفاضة الحالية هي للمجتمع الدولي ,الامم المتحدة و مجلس الامن لمحاولة اعادة وعيهم واستعادة ضميرهم الذي تجاهل العدل الدولي فترة طويلة بسبب الهيمنة الامريكية والتفرد في موضوع حل الصراع الطويل ويطلب الفلسطينيين في هذه الرسالة منهم ممارسة دورهم الطبيعي لتعزيز الامن والاستقرار بالعالم , الرسالة معانيها واضحة يفهمها كل الدول الاعضاء في مجلس والامم المتحدة بضرورة توفير الحماية للشعب الفلسطيني حتى يستطيع العالم ان ينهي هذا الاحتلال المجنون.

الرسالة الثالثة وهي الرسالة الساخنة برايي والتي توجهها الانتفاضة الشعبية الحالية للفصائل الفلسطينية وقادة الانقسام الذين ما توقعوا ان يفجر احد غيرهم هذه الانتفاضة والذين ما توقعوا ان يطلب الجميع منهم البقاء في مربع الداعم لهذه الانتفاضة وليس في مربع تقدم المنتفضين و قيادتهم و رفع الرايات على اكتافهم , الرسالة لها دلالتها فهي تعني ان هذه الانتفاضة جاءت موحدة للشعب الفلسطيني الذي قمتم بتقسيمه والعبث بفكره النضالي , ما عليكم الان الا انهاء انقسامكم فورا حتى لا يشكل خطر يهدد استمرار الانتفاضة ولابد لكل طاقاتكم من الانصهار في بوتقة الانتفاضة الشعبية والاستماع لكلمتها , هذه الانتفاضة طويلة الامد , هذه الانتفاضة طريقها تحتاج النفس الطويل, لا نريد ان تحرف عن مسارها فهي انتفاضة شعبية لا تهدأ ولا تنتهي الا بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي وتحرير المقدسات واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية, انها رسالة من الشعب المنتفض الى قيادته , مفادها عندنا فشلتهم وافشلكم الانقسام جاء دورنا مسلمين ومسيحين وشباب وشابات واطفال ورجال ونساء لنواجه المحتل بطريقتنا و اساليبنا وبفلسفتنا النضالية وفهمنا لطبيعة الصراع , الرسالة ايضا تقول اتركونا نخوض هذه المعركة ونخاطب العالم بلغة يفهمها واحموا ظهورنا بوحدتكم نحن ابناؤكم وقوتكم فلا تهملوا هذه الرسالة .

بقلم/ د. هاني العقاد