إرسال قوات امريكيه إلى سوريا أهدافها ودلالاتها الاستراتجيه

بقلم: علي ابوحبله

الخطوة الامريكيه لإرسال قوات خاصة امريكيه إلى سوريا هل تأتي في سياق تغير في الموقف الأمريكي من الصراع على سوريا وهل تنبئ الخطوة الامريكيه إلى تحول في إستراتجية الاداره الامريكيه في نظرتها للملف السوري خاصة بعد دخول روسيا العسكري إلى سوريا بطلب الحكومة السورية وموافقتها .

نائب وزير الخارجية الامريكي انتوني بلينكن قال ان دخول روسيا العسكري في سوريا سيجرها للعمل من اجل ايجاد حل سياسي للازمه السوريه . وان التصريحات الامريكيه لا تنبئ بنية امريكا للصدام مع روسيا في سوريه بحسب محللين – لكن مسؤولين امريكيين حاليين وسابقين اعتبروا ان الخطة الامريكيه لارسال قوات خاصه الى سوريه تهدف الى خلق نفوذ امريكي في سوريا ضمن استراتجيه جديده لها اهدافها ودلالاتها في التحول في الصراع على سوريا بعد التغير في موازين القوى بفعل الدخول الروسي العسكري الذي بوجهة المراقبين غير من موازين القوى العسكريه على الارض لصالح الدوله السوريه ،

وزير الدفاع الامريكي اشتون كارتر صرح بان ارسال قوات خاصه امريكيه الى سوريا جزء من استراتجيه امريكيه لتمكين المجموعات المسلحه المواليه للتحالف الامريكي من هزيمة تنظيم داعش لكنه اعرب عن تخوفه من تعرض القوات الامريكيه للخطر .

لكن وزير الخارجيه الامريكي جون كيري قال ان الخطوة الامريكيه لا تعني انخطراط امريكا في الحرب وفي الصراع على سوريا لكنها لمواجهة داعش .

اما المتحدث باسم البيت الابيض جوش ارنست صرح ان الرئيس الامريكي اوباما اوضح انه لن يكون هناك حل عسكري للمشاكل التي تعصف في سوريا والعراق .. هناك حل ديبلوماسي ، واضاف ان مهمة القوات الخاصه ستتمثل فقط في تدريب وارشاد ومساعدة الفصائل والقوى المسلحه المنضوية تحت لواء التحالف الامريكي التي بحسب الاستراتجيه الامريكيه لمحاربة تنظيم الدوله الاسلاميه .

لكن الديبلوماسي الامريكي السابق ورئيس مجلس العلاقات الدوليه ريتشارد هاس ، قال ان نجاح خطة ارسال قوه امريكيه الى المناطق الكرديه سيؤدي الى تقسيم سوريا ،واوضح هاس في مقابله مع شبكة سي ان ان الامريكيه : “لا أريد أن أقلل من شأن هذه الخطوة ولكنها ليست طموحة بما فيه الكفاية، هذه ليست استراتيجية لسوريا بأكملها وهي ليست بداية لاستعادة سوريا كدولة وهي تهدف بالأساس للتوصل لاستقرار بسوريا.”وتابع قائلا: “ما سينتهي إليه الأمر هو أنه وفي حال نجحت هذه الخطة فإنه سيكون هناك قرابة ست مناطق في سوريا واحدة للنظام السوري وأخرى للأكراد وثالثة لداعش وأخرى للنصرة وغيرهم وهذا ما ننظر إليه إن نجحت الخطة الجديدة.”واعتبر رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمركي السيناتور جون ماكين أن القرار الجديد لن يؤثر ولن يساعد في إضعاف تنظيم داعش .

وقد اهتمت كبريات الصحف الامريكيه بالتعقيب على قرار الرئيس الامريكي اوباما بنشر عدد صغير من قوات العمليات الخاصه في سوريا ، حيث رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن هذا القرار ، يمثل تحولا رئيسيا لاوباما ، الذي لطالما كان عزمه على هزيمة داعش متوازنا بفعل قلق دائم بعدم تورط القوات الأمريكية بعمق في الصراع السوري المستعصي على الحل.

وقالت الصحيفة - في سياق تقرير نشرته على موقعها الالكتروني اليوم السبت - إن هذه الخطوة ، التي أوصى بها فريق الأمن القومي للرئيس الأمريكي الأسبوع الماضي ، تعكس استياء أوباما المتزايد من توقف إحراز أي تقدم في العراق وسوريا ومن شعور قادته بأن "لداعش نقاط ضعف كبيرة يمكن استغلالها".

وأضافت أن نشر قوات العمليات الخاصة الأخير إلى جانب توجه الطائرات الحربية الأمريكية الجديدة إلى تركيا ، يشير إلى أنه سيتم تكثيف الغارات الجوية قريبا ، لافتة إلى أن البيت الأبيض يخطط لإرسال طائرات هجومية من طراز "أيه-10" ومقاتلات "اف-15" إلى قاعدة انجرليك الجوية في تركيا ، حيث ستتمكن من دعم العمليات البرية ضد داعش.وأشارت الى أن الطائرات كثيفة التسليح من طراز "ايه-10"، التي تحلق ببطء وعلى ارتفاع منخفض فوق ساحة المعركة ، قد بنيت لدعم القوات البرية المشاركة في العمليات القتالية.

وفي الوقت ذاته ، اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أنه على الرغم من كون القوات التي أمر أوباما بنشرها صغيرة في الحجم ، الا أنها ذات أهمية كبيرة بالنسبة لرئيس كان يرفض نشر قوات برية امريكية داخل سوريا الا لشن غارات سريعة .

وقال مسؤولون في البيت الأبيض إن القوات الأمريكية ستقدم المشورة للقوات المحلية التي تحارب داعش ولن تضطلع بدور قتالي مباشر ، بيد أنهم تركوا الباب مفتوحا أمام إمكانية إرسال المزيد من القوات مستقبلا.

وأشارت إلى أن هذا التصعيد يأتي عقب أسابيع من زج روسيا بنفسها في حرب أهلية متعددة الأطراف لدعم الرئيس السوري بشار الأسد ، وقصف قوى المعارضة ، وتشمل بعض القوى التي تدعمها الولايات المتحدة، لافتة إلى أنه حتى لو لم يتم وصف تصرف الولايات المتحدة بأنه رد على روسيا ، فإن إرسال قوات أمريكية سيزيد من تعقيد ساحة معركة متلونة بقوى متباينة وولاءات غامضة في بعض الأحيان.

وأوضحت أن الهدف من هذه الخطوة هو تعزيز الجهود الدبلوماسية التي يبذلها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ، الذي توصل أمس الجمعة إلى اتفاق في فيينا مع الدول متضاربة المصالح لاستشراف امكانية "وقف إطلاق النار في البلاد" ومطالبة الأمم المتحدة بالإشراف على إعادة النظر في الدستور السوري ثم اجراء انتخابات جديدة ، مشيرة إلى أن هذا الاتفاق يمثل المرة الأولى التي يتفق فيها جميع المشاركين الخارجيين الرئيسيين على بدء عملية سياسية لإنهاء الحرب.

ورأت الصحيفة أن الهدنة ما زالت بعيدة المنال ، وأن التحرك العسكري للرئيس الأمريكي أوباما هو أحدث خطوة تصعيدية في الصراع الممتد في سوريا والعراق المجاور ، حيث كان اوباما يعتزم من قبل استخدام القوة الجوية الأمريكية لمساعدة القوات المحلية على الارض ، وها هو الآن يرسل 3 آلاف و500 جندي أمريكي إلى العراق.

من جانبها ، رصدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن قرار إرسال قوات أمريكية إلى سوريا يأتي متزامنا مع تغير الإدارة الأمريكية بشأن مصير الرئيس السوري بشار الأسد في محادثات دولية انعقدت في فيينا ، موضحة أن مسؤولين أمريكيين كانوا يطالبون من قبل برحيل الأسد وعدم مشاركته في أي هدنة ، الا أنهم الآن أعربوا عن استعدادهم للسماح ببقاء الأسد في السلطة لعدة أشهر أو أكثر خلال عملية انتقال سياسي.

وأضافت أن قرار إرسال قوات برية إلى سوريا أثار انتقادات من بعض الديمقراطيين والجمهوريين في الكونجرس، حيث اتهم بعض النواب أوباما بأنه يخطىء بتعريض العسكريين الأمريكيين للخطر، فيما حذر أخرون من أن هذه الخطوة صغيرة للغاية لإحداث فرق.

ومن جهة أخرى ، سلطت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية ، الضوء على تغير الوضع في سوريا ، مما دفع أوباما لاتخاذ قرار بضم إيران الى محادثات السلام وإرسال قوات خاصة لدعم الأكراد السوريين.

وقالت إن واقعية سياسة أوباما الخارجية تجلت بصورة كاملة هذا الأسبوع على جبهتين لهما صلة بسوريا. أولاهما: جلوس الولايات المتحدة أمس الجمعة مع إيران في المحادثات الدولية بشأن سوريا - على الرغم من معارضة واشنطن على مدى سنوات لأي دور دبلوماسي لطهران في الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب الأهلية السورية - وثانيهما: إعلان البيت الأبيض عن إرسال ما يقل عن 50 من قوات العمليات الخاصة إلى شمال سوريا - وهي خطوة تلغي تعهد أوباما من قبل بعدم انخراط قوات امريكية في قتال على الارض - وأوضحت أنه في كلتا الحالتين ، فإن هذه التطورات تعكس الاعتراف بتغير الظروف على الأرض وتؤكد ضرورة انتهاج اساليب جديدة على الجبهتين العسكرية والدبلوماسية.

بتحليل وقراءة ما تتضمنته تصريحات المسؤولين الامريكيين وما عبرت عنه الصحف الامريكيه يدلل على المازق الذي تعاني منه الاداره الامريكيه بفعل التغيرات التي حدثت بشان الازمه السوريه والصراع على سوريا نتيجة الدخول المباشر للتدخل العسكري الروسي الذي غير وقلب موازين القوى على الارض وخلط الاوراق ، ارسال قوات امريكيه بعد مؤتمر فينا له اهداف ودلالات ضمن استراتجيه امريكيه تهدف لتعزيز وجودها وطمأنة حلفاء امريكا الذي اخذوا بمراجعة حساباتهم وتخوفهم من انعكاس التحالف الروسي الايراني السوري على المنطقه ضمن عملية احداث توازن لن يكون في صالح التحالف الامريكي ،

ما زالت امريكا ممعنه في مخططها لتقسيم سوريا والعراق الا ان دخول روسيا العسكري انعكس سلبا على المخطط الامريكي واجبرها للقبول ما اسفر عنه مؤتمر فينا الذي اقر المجتمعون بضرورة الحفاظ على وحدة سوريا ومحاربة الارهاب وان قوى التحالف الروسي غير في اولويات التحالف الامريكي بشان مصير الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد وان قوة الموقف الامريكي ورفضه للتدخل في شؤون سوريا الداخليه واصراره على ان الشعب السوري هو من يقرر مصير الرئيس الاسد مما يفسر اهداف ودلالات ارسال قوات امريكيخ خاصه وهي ليس الا من باب اثبات الوجود لان ما يحدث في سوريا هو تغير حقيقي في موازين القوى لصالح التحالف الروسي السوري الذي غير حقيقة من موازين القوى واسقط المخططات الامريكيه التي تستهدف تقسيم سوريا ضمن المخطط الامريكي الصهيوني للشرق الاوسط الجديد.

بقلم/ علي ابوحبله