ليت تصويبا لا اصطفافا.. يا أيتها اللجنة التنفيذية

بقلم: طلال الشريف

الانتفاضة هي نتيجة لأسباب وفي نفس الوقت هي تصبح أداة نضالية لتحقيق هدف أو أهداف وعلى رأسها أن تتخلص من المسببات التي أنتجتها وأول هذه الأسباب هو الاحتلال.

ألف باء سياسة أن أسباب اندلاع انتفاضة القدس لازالت فاعلة وهذا بداية يؤكد على استمراريتها ولا يعني انخفاض وتيرة الأحداث أنها تتراجع فكل عمل نضالي يتقدم ويتراجع ولكن مادامت اسباب هذا الفعل موجودة وهي موجودة بالفعل فالانتفاضة مستمرة .

ما صدر عن اللجنة التنفيذية أولا هو متأخر عن حالة شعبنا النضالية ولا يرتقي لمستوى انتفاضة القدس وثانيا هو ليس بقرارات بحجم المسؤولية الوطنية عن شعب ثائر على الاحتلال وثالثا لا يرقى لمهماتها لأنها في الأصل هي بمثابة هيئة الأركان الفلسطينية والتي من المفترض أنها أعلى هيئة تمثيلية تقود الشعب الفلسطيني وكل عضو فيها بمثابة ومكانة رئيس اللجنة وحتى رئيس الدولة وعليها تصويب الحالة الفلسطينية وليس اصطفافا لمواقف رئيس السلطة المبتعد كثيرا عن موقف شعبنا وانتفاضة القدس ورابعا هي بما صدر عنها تهرب من تحمل المسؤولية الوطنية وتنتقي كلمات ومصطلحات تدل على عدم أهليتها لمقارعة الاحتلال وقيادة انتفاضته وغياب دورها الحقيقي الذي سيطرت عليه السلطة وأصبحت تابعة لها وتأتمر بمواقفها ومواقف رئيسها ولا تعبر عن مواقف وطموح شعبها وخامسا هي تبعث برسالة ضبابية لشعبنا وللعالم ورسالة غير موحدة لشعبنا لأنها تنحاز لموقف المراقب وليس القائد الذي يعكس موقف شعبه.

اللجنة التنفيذية كان ومازال لديها فرصة لوضع النقاط على الحروف بشأن انتفاضة القدس ويجب عليها عدم الانتظار ترقبا لتوقف الانتفاضة كما فعلت في اجتماعها يوم 4/11/2015 أي بعد شهر من اندلاع انتفاضة القدس وتصورها بأن الأحداث قد خفتت وهو موقف انتهازي وخاذل لدم الشهداء وهو مبني في الأساس على الخوف والقلق والخشية من مضاعفات تغيير الأوضاع في الضفة الغربية أو اندلاع الفوضى وفقدان السلطة الحاكمة لمواقعها وكان يجب على اللحنة التنفيذية ان تتحمل مسئولياتها الوطنية فورا وتسلم قيادة البلاد والانتفاضة ولا تصطف لموقف السلطة وإلا فإنها تكون ملحقة بتصرفات السلطة والسلطة بكل تأكيد تتبع موقف الرئيس وبالتالي سيقدمون خدمة لحماس والجهاد التي تتفاعل عميقا مع الانتفاضة وتؤيدها وستكون النتيجة واحدة في الحالتين وهي أن حماس ستعبئ الفراغ في المشهد ويصبح التراجع في التيار الوطني غير مسبوق وغير مرتجع وكان المنقذ للجنة التنفيذية والسلطة إذا أردنا التصنيف والاصطفاف للتيار الوطني التي مازالت حتى الآن تمثله م.ت.ف ولم تدخله حماس والجهاد حيث الانتفاضة والتفاعل معها وقيادتها هو العامل الأكثر حسما للمستقبل.

بالنسبة لنا كشعب فاللجنة التنفيذية رغم ضعفها ومصادرة دورها لصالح السلطة مازالت هي قيادة هذا الشعب وليس السلطة ولا حماس وعليهم أن يوضحوا مواقفهم فيما اذا كانوا يرون أن الانتفاضة لا تنفع الشعب الفلسطيني فليعلنوا ذلك بخطاب واضح لشعبنا لنوفر الدماء التي تسيل بشرط اقناع الناس وعدم التلاعب بمصير أجيال لعبوا فيها حتى الثمالة وان لم يجدوا في أنفسهم أهلا لذلك فليقدموا استقالاتهم جميعا ليتدبر شعبنا طريقه أما هذا التلاعب بالكلمات والمواقف اللا أخلاقية واللا مسئولة واللا وطنية كما كان في ادارة الانقسام أيضا فاللجنة التنفيذية هي من تتحمل المسؤولية عن ذلك في الحالتين الانقسام والانتفاضة لأنها المسئولة أمام شعبنا والعالم عما يحدث في البلاد دون أن تقدم موقفا يتناسب مع الحالة التي يمر بها شعبنا وإذا أردنا الحسابات نعم شعبنا يدفع الثمن قديما وحديثا ومتى وفي أي وقت سيكون النصر مضمونا لنتكيف معه فهذه مسيرة شعب نحو التحرر وعدونا شرس نعرف ذلك ولكن الشعب الجزائري دفع مليون شهيد ليتحرر وقيادتنا لا تريد فقدان المكاسب الشخصية والحزبية فهذه جريمة تاريخية وعليهم أن يفهموا جيدا أن شعبنا ثائر عليهم وعلى المحتل وهم من أوصلوه لذلك بإدارتهم الفاسدة للصراع وللبلاد وللانقسام.

السؤال ﻟﻜﺒﺎﺭ ﻟﻘﻮﻡ ﻟﻮ ﺗﻮﻗﻔﺖ ﺍلانتفاضة هل وماذا لديهم من ﺣﻠﻮﻝ لشعبنا ﻭﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﻭﻣﻦ الانقسام ﻭﻫﻞ ﺳﻴﺤﻠﻮﻧﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺃﻭ ﻣﻊ ﺍﻧﻘﺴﺎﻣﻬﻢ ﺑﺒﻘﺎﺀ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ ... ﺃﻟﻴﺲ ﺫﻟﻚ هو بالضبط ما سيؤدي إلى انفجار ﺩﺍﺧﻠﻲ سيعمل عليه الاحتلال كوقاية من عودة اشتعال الانتفاضة بعدما ﺛﺒﺖ له ولنا للأسف ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺤﺰﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ والحفاظ على ادارة السلطة ﺗﻌﻠﻮ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﻢ وقضيتهم مع الاحتلال.

وهنا اعيد طرح مبادرتي لإعلاء المسئولية والصالح العام للقضية وللشعب الفلسطيني الذي بات متفرقا أمام حدث عظيم هو انتفاضة شعبنا وأنه آن الأوان ليحمل الكل الفلسطيني مسئولياته تجاه الشعب والقضية الوطنية ولكي تحترم الفصائل تاريخها النضالي وشعبها ودم الشهداء الذين يتساقطون على مدار الساعة بفعل الاجرام الصهيوني و تحترم أيضا مستقبلها وبقاء وجودها بعمل مثابر وأكثر فعالية لإسناد الانتفاضة.

إن موقف الرئيس عباس بدا واضحا بأنه لا يريد الانتفاضة ولا يريد قيادتها ومعظم الفصائل والأحزاب تؤيد الانتفاضة لكنهم لم يحسنوا اسنادها أو قيادتها حتى الآن وﻷن الانتفاضة مستمرة باستمرار أسباب اندلاعها وعلى رأسها استمرار الاحتلال وفشل المفاوضات وتهويد المسجد الأقصى وفقدان الأمل في القيادة وأن الانتفاضة والبلاد بحاجة إلى إدارة سياسية وعملياتية ولأننا في تناقضات كثيرة تتعلق بالعلاقات الوطنية البينية بعد الانقسام وانتهاء الشرعيات الانتخابية وتقادمها وللخروج من دائرة العمل غير الموحد هذه هي بنود المبادرة :

-----------

1- على الصعيد السياسي

- أن تعلن كل الفصائل المؤيدة للانتفاضة موقفها الموحد في وثيقة تأييد وانخراط ومساندة للانتفاضة الشعبية كطريق لإنهاء الاحتلال وليس ببيان فصائلي يصدر عن بعضها

- أن تطلب الفصائل من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عقد اجتماع طارئ لتوجيه انذار للرئيس محمود عباس لمساندة الانتفاضة وفي حالة رفضه فهي أي اللجنة التنفيذية هي صاحبة الشأن في ادارة البلاد في حال تعارض رأيها مع رأي الرئيس ورفضه لذلك ويضاف لها ممثلين عن الفصائل التي تؤيد الانتفاضة وليس لها أعضاء في اللجنة التنفيذية

- أن تعلن أيضا اللجنة التنفيذية موقفها للشعب الفلسطيني صراحة بخطاب يتلوه أحد أعضائها بتكليف من اللجنة لإيضاح الأمر للشعب الفلسطيني بشكل واضح إذا كانت لا تؤيد الانتفاضة وهكذا تصبح الحالة واضحة للجميع

- في حال تعارض موقف اللجنة التنفيذية مع موقف الرئيس وهي تؤيد الانتفاضة ومستعدة لتحمل المسئولية الوطنية تصبح هي من يقود الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة ويلتزم الفلسطينيون جميعا مواطنين وفصائل وأحزاب وأجهزة أمنية ومؤسسات الدولة ببياناتها وتوجيهاتها لإدارة الانتفاضة والبلاد حتى الاستقلال وعلى الجميع الالتزام بقراراتها

2- على الصعيد العملياتي والميداني

- تصدر اللجنة التنفيذية أوامرها للأجهزة الأمنية بحماية الشعب الفلسطيني من أي عدوان أو اعتداء عليه

- على كل الفصائل المشاركة العمل الحثيث لتشكيل لجنة مالية وصندوق لدعم الانتفاضة تجلب له الدعم بكل ما تستطيع هذه الفصائل بحكم علاقاتها الممتدة

3-على الصعيد الاداري

- اللجنة التنفيذية تصبح في حالة انعقاد دائم لإدارة الشأن الفلسطيني بمجمله في كل المجالات ومؤسسات الدولة وأولها انتفاضة شعبنا حتى الاستقلال ولها الحق في تشكيل ما تراه من ادارات ولجان لمساعدتها في ادارة الانتفاضة والوطن.

--------------

المطلوب توحيد الجهد والطاقة والموقف والرسالة من الانتفاضة وما هذا الذي أصابنا بالوهن الا الفرقة واختلاف الاجندات والمواقف وتضارب الرسالة لشعبنا وللمحتل وللعالم .. المطلوب ارتقاء المواقف لأشرف ظاهرة "انتفاضة القدس" في وضعنا الفلسطيني البائس وتراجع العالم العربي ودول العالم عن الاهتمام بقضية عادلة مثل قضيتنا الفلسطينية هذه الانتفاضة كانت ولاتزال فرصة لاستعادة احترامنا لأنفسنا واحترام العالم لنا كشعب فلسطيني ولا أدري ماذا سيفعل الرافضون للانتفاضة بعد ذلك ؟ وما هو مبرر وجود الرافضين للانتفاضة في العمل الوطني لاحقا.

يجب تصويب المواقف من أجل تغيير معادلة وآليات الوصول للسلام في فلسطين وأن تكون الخطوة الأولى هي انهاء الاحتلال لكل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها دولة اسرائيل بالقوة الغاشمة في العام 1967 م والخطوة الثانية التي تليها هي إجراء المفاوضات للوصول لاتفاق سلام يقدم حلا عادلا لقضية اللاجئين الفلسطينيين بالعودة والتعويض وبنود الاتفاق الأخرى التي ستنظم العلاقات بين دولة اسرائيل ودولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية كاملة غير منقوصة. بعد موافقة الشعب الفلسطيني على اتفاق السلام عبر استفتاء شعبي عام لكل الفلسطينيين أينما كانوا... هذا هو الطريق وكفى تلاعبا وجهلا بمصير شعب مخذول من قيادته وقضية عادلة لم نرتق لمستواها طوال قرن من الزمن.

بقلم/ د. طلال الشريف