بعد حوالي ستة أسابيع على بدء انتفاضة القدس فصائل العمل الوطني والإسلامي لا تزال خارج الصندوق الأحمر السري للمنتفضين رغم مشاركة منتسبيها في فعاليات الانتفاضة ومحاولة الجميع الوصول لتشخيص حقيقي للعمليات الفردية وسر تتابع العمليات الفردية التي في أقل نسبها كان يقوم بها فردين فقط.
على الصعيد المعنوي تحاول الفصائل بتراوح نشاطها السياسي والإعلامي وتنظيم بعض الفعاليات الشعبية من خلال أعضائها في غزة والضفة الغربية ففي غزة تقوم بعض الاحزاب وليس جميعها بالحشد في أيام الجمع للاشتباك مع جنود الاحتلال في مناطق حدودية نائية أما في الضفة فقد سارعت هيئة العمل الوطني بعد أيام من بدء الانتفاضة ببعض الفعاليات نحو الحواجز ولكن في الاسبوع الثاني والثالث اختطفت الجامعات والمدارس الدور وسيرت المسيرات نحو الحواجز واشتبك الطلبة مع جنود الاحتلال أما الاسبوع الرابع والخامس فقد التقطت الخليل الراية كمحافظة لتتصدر عدد الشهداء ويصبح الاشتباك ذو طابع وطني وانتقامي لسقوط الشهداء ولازالت تتفاعل الأحداث ولكن أصبح يغلب عليها عمليات الدهس وكل ذلك ولم يعلن أحد التنظيمات قديمة أو جديدة عن مسئوليتها عن العمليات رغم تبني الفصائل للشهداء ويبدو ذلك على خلفية انتماء الشهيد أو عائلته وليس عمله.
السؤال هل ستستمر العمليات الموجهة للطعن أو الدهس أو اطلاق النار الخفيف هي سمة ألانتفاضة وخاصة إذا ما لاحظنا بأنه ليس في نية فصيل أو آخر تبني العمليات "وليس الفعاليات" إلا ما أعلن عن عملية القاء القنبلة عن قبر يوسف من قبل الجبهة الشعبية؟
والسؤال أيضا إذا كانت العمليات موجهة من قبل فصائل لا تريد الاعلان عنها للحفاظ على هلامية الوضع وعدم تصنيف العمليات لصالح فصيل معين للحفاظ على زخم الانتفاضة واستمراريتها بالشكل الجاري وعدم اعطاء الاحتلال فرصة للانقضاض على ذاك الفصيل أو هل هو الحرص على عدم تطور الوضع للمراحل العسكرية والحفاظ على سلمية وشعبية الانتفاضة التي تعطي نتائج أفضل من حيث التضامن الشعبي والخارجي؟
والأهم هو هل مازالت الفصائل خارج الصندوق الأحمر الذي يقرر العمليات ولا يعلن عن نفسه وتبقى الفصائل تحاول شد الشارع والمنتفضين لقيادتها وكأنها الصندوق الأحمر وهي بالتأكيد ليست كذلك كما هو منهجها وكما عودتنا في عدم ترك الاحداث تمر بغموض بل تريد كل منها الظهور بمظهر القائد والمركز.
وأخيرا هل تخشى الفصائل من استمرار دورها المساند وليس المقرر ولذلك كانت دعوتها للفلسطينيين في الضفة الغربية بتشكيل لجان الحماية واللجان الضاربة واللجان القيادية وأعلنت في بيانها مجتمعة من غزة أن مسرح عمليات الانتفاضة هو الضفة الغربية وأما دور غزة والثمانية والأربعين فهو دور اسنادي وإعلامي وبعض المشاركات الشعبية الحدودية في سابقة غير مألوفة في التاريخ النضالي الفلسطيني في وطن محتل واحد له قضية واحدة واحتلال واحد وشعب واحد وتأكيدا على وجودها خارج الصندوق الأحمر في البدء وفي السياق.
بقلم/ د. طلال الشريف