ما إن تأتي ذكرى استشهاد ياسر عرفات أو تشتعل محطة خلافية فتحاوية أو موقعة كسر عظم إعلامي للمعايرة بين فتح وحماس أو أي نوايا مبيتة للتزوير و التشكيك في التاريخ الثوري للوطنية الفلسطينية من اي كان أو حتى في محاولات صنع الوهم في الذهنية الفلسطينية مثلما حدث من تدخل سافر من قناة الجزيرة في موضوع حساس لدى الشعب الفلسطيني في وقت سابق وذاك الاهتمام الغريب لقضية استشهاد ياسر عرفات من القائمين عليها بهدف وضع الفلسطينيين في حالة شك دائم في أنفسهم وهي معروفة سلفا ماذا تهدف.
للأسف الشديد جرى تحويل قصة استشهاد ياسر عرفات من حقيقة يجب أن يتم توضيحها والحرص عليها وأهمية وصول الفلسطينيين لقناعة تامة بحقيقة موت ياسر عرفات إلى حالة وكأنها أصبحت سوق للمزايدات وإشغالات للرأي العام الفلسطيني واستخدامها أسوأ استخدام.
كان يجب ألا يحدث ما حدث منذ فتح ملف التحقيق المتأخر كثيرا حتى الآن من إخراج بائس وضعيف لهكذا قضية هامة ومؤثرة على الروح المعنوية الفلسطينية ولا أدري ماذا نسمي التدخلات الخارجية والداخلية غير الرسمية وهذا الاهتمام التجاري والسبق بقضية استشهاد زعيم ثوري وطني ورمزا للنضال الفلسطيني مثل ياسر عرفات.
صحيح أن قضية وفاة ياسر عرفات هي قضية تهم كل فلسطيني وخاصة إن كان هناك شك في الوفاة ولو بسيط ولكن ما هي دوافع التوقيتات ولماذا اختلف التقرير السويسري عن باقي التقارير بما فيها وأهمها التقرير الفرنسي لأن ياسر عرفات مات في مستشفى فرنسي كان يعالجه ووصل إليه حي يرزق وما الدور المشكوك فيه الذي قد تكون لعبته فرنسا اذا كانت أخفت الحقيقة واكتشفته سويسرا ولصالح من لعبت هذه الدولة أو تلك في قضية التقارير المتناقضة وما الهدف من ذلك كله ؟ هل يتصور البعض أن سويسرا دولة محايدة في أجهزتها الاستخبارية وكأنه معروف لدينا أنها تعمل ضد اسرائيل الجهة المتهمة الأولى كما يقول الجميع أم وكأن أمن أوروبا ليس كله تحت السيطرة الأمنية الواحدة ومن ضمنها اسرائيل.
حالة التشويش والتنافخ الفلسطيني غير الرسمي بالفزعة لياسر عرفات ليست بريئة وليست خالصة للحدث في حد ذاته أولا وفي ظل العمل السياسي المشتبك فلسطينيا ثانيا، وحالة الاستخدام الرسمي المجزأ لكون الظرف ضاغطا للتصريح عند مناسبة تاريخ الوفاة لبيان ذلك للجمهور وهذا قد يكون خطأ في السير نحو الحقيقة ويزيد من ارباك الشارع وارباك القيادة الرسمية والحزبية التي تندفع هي الأخرى للتصريح وهنا قد يكون من غير المفيد التصريحات لإثبات استمرار العمل على القضية.
نقول ليس هكذا وكما حدث ويحدث تدار عملية البحث عن الحقيقة وهناك جهة مكلفة بالقضية وهي تدرك حساسية وسرية ما هو مطلوب منها وعدم التصريح مادام التحقيق مستمرا وعند نهاية المهمة تعلن النتيجة للناس بشكل رسمي وسليم دون اشغال مجزأ لما وصلت إليه التحقيقات وذلك لخطورة التجزيء على الرأي العام.
كفى من الجميع بيعاً وشراءً بياسر عرفات فقد أصبح في ذهن كل فلسطيني متابع للقضية تشويش وتعدد لأطراف قد تكون متهمة من عدمه أشبه بفيلم أمريكي قديم يفاجئ الجمهور بأن القاتل بعيد جدا عن التوقعات وسياق أحداث الفيلم.
د. طلال الشريف
13/11/2015م