بداية ان كل من يحمل قلب انساني يرفض ويدين الهجمات التي تعرضت لها العاصمة الفرنسية باريس والتي وقع ضحيتها اكثر من 150 قتيل واكثر من 200 جريح بالاضافة الى حالة الهلع التي اصابت الباريسيين بل الفرنسيين جميعا وببعد اخر الاوروبيين جميعا، فرنسا التي تعرضت لهجمات سابقة ولكن باقل حدية وعنفا، وقد تكون العواطف الانسانية في تلك المناخات لا تفيد نفعا امام ضرورة ملحة كيف يتحقق الامن الدولي وامن الشعوب، فالنظريات الامنية وما تتخذه اروبا وكل المدارس والمذاهب الامنية تصبح عديمة الجدوى امام اشخاص وافراد فرروا ان يموتوا.
التطرف في السابق كان ناتج عن حركات وجبهات للتحرر من الاستعمار والانظمة الامبريالية ، ولم يكن في عقود قريبة سابقة تطرف مذهبي او ديني بل كان الصراع عندما توظف الة الحرب من اجل الاقتصاد واغتصاب اراضي وثروات الغير .
واذا كانت النظرية الماركسية قد فشلت تطبيقا لكي تحفظ التوازن الدولي ، فان قواعد الامبريالية وعلى رأسها امريكا لم تنتصر مع هذا الفشل ، بل تغوطت في سياستها الغبية كقوة تحكم النظام الدولي والدول الحرة كما يحلو للبعض تسميتها.
من يقدم السم لابد ان يذوقه ومن يصنع الفيروسات لابد ان يصاب بها ، وهم ليسوا بمنأى عن ماخططوا له من ملوثات لضرب وحدة الشعوب وسيادة اراضيها ودولها ، لقد وقعت امريكا وحلفائها في خطأ استراتيجي بغزو العراق وتحطيم دولته واثارة التعرات المذهبية والقبلية واخطأت مرة اخرى حينما غذت ما يسمى الربيع العربي بهدف رسم خرائط سياسية جديدة وكنتونية محاولة اغلاق ملف وحدة الشعوب وقوميتها على حساب المد المذهبي والعشائري .
قد لا يفيد الامريكان ان دولهم وامبراطورياتهم تقع جغرافيا وراء المحيطات ، ولن يحفظ امنهم ولن تكون التكنولوجيا قادرة على تحطيم رغبات فردية من الانتقام.
ما زال الغرب وامريكا يتعاملون مع شعوب المنطقة بلغة وسلوك التبع لدى الاسياد وهذا من الخطأ السلوكي والانساني تجاه بشر منحهم الله العيش على الكرة الارضية بدون تمييز او تمايز وفي الزمن الذي اصبحت فيه العدالة معدومة والتوازن الاقتصادي بين الشعوب معدوم وهذه المظاهر التي دمرت الامن الدولي ، فالامن الدولي يحتاج للكف عن الغباء الغربي في تعاملهم مع الدول النامية ودول الشرق الاوسط ، وتكف القوى الغربية عن سلوكياتها العدوانية المختلفة تجاه شعوب المنطقة ، فهم ليسوا الاوصياء او اولياء الامر على شعوب المنطقة .
تاريخ من العدوان والصلف والتعالي يمارسها الغرب على شعوب المنطقة وبالتالي امام تلك الثقافة لابد من من ثقافة مقابلة عبرت عنها قوى التطرف في المنطقة والتي بالمقابل اهدرت كل المفاهيم الانسانية امام من ارادوا ذلك واعتقدوا انهم يعيشون في برج عاجي لا تصلهم تلك الثقافات واثارها المدمرة.
الغرب الاصوح لا يفهم ان اسرائيل في وسط عربي ومهما كانت البرامج المحبطة لشعوب المنطقة لن تصنع ركوعا بل ستصنع تمردا ياخذ اشكال متعددة من التطرف، اسرائيل التي انشاتها بريطانيا والمانيا وامريكا والغرب وما زالت تدعم موازنتها الحربية والامنية بمليارات الدولارات لن تمنع ظواهر مغايرة تخرج عن الوطنية ومفاهيمها بل ستنحدر تلك الظواهر لخلق طاقات منفلشة في حرب ومواجهة عنفية وحرب ضروس تدفع ثمنها الانسانية والبشرية اينما كانت .
قد استهتر الغرب واستهترت امريكا لمقولة ان السلام يبدأ من فلسطين والحرب تبدأ من فلسطين بل نقول السلام العالمي يبدأ من فلسطين ، ما زال الغباء الاوروبي لا يفهم ان فلسطين هي العقدة وهي الحل عندما تطبق المفاهيم السياسية والوطنية والقومية على مستقبل الشعب الفلسطيني لياخذ حريته ودولته وكيانه المغتصب .
الارهاب الدولي الذي انتشر في المنطقة لتصل اثاره بل فعالياته الى ما وراء المحيطات ليغتال حياة البشر من سيناء الى سوريا الى الضاحية الجنوبية الى بغداد وباريس وعواصم اخر قد يغزوها الارهاب اليأس بدوافع رسمها الغرب بسلوكياته وطغيانه وعنجهياته واستغلال ثروات المنطقة، لابد من وقفة موضوعية امام تلك الظاهرة التي مفاتيح فهمها ومحو اثارها تبدأ بمحاكمة بوش ومحاكمة نتنياهو وكندليزا رايس امام محاكم دولية كما هو مطلوب محاكمة كل من اهدر الحياة الانسانية على الكرة الارضية واولها فلسطين وممارسة اسرائيل العدوانية والعصابية التي استولت على اراضي الاخرين وملكياتهم وتاريخهم.
اعتقد ان هجمات باريس لن تكون الاخيرة ومظاهر الارهاب لن تنتهي مهما وظفت الدول من تكنولوجيا لمصلحة الامن بل يجب ان تكون مراجعات ومحاسبات على المستوى الدولي والاقليمي لوضع حلول اقتصادية وثقافية وتوزيع عادل للثروات وانهاء حالات الاستبداد وظاهرة الفقر والعامل المتكافيء بين الدول الكبرى والصغرى
سميح خلف